| مقـالات
تتراوح الحياة بين )حاروبارد( وبينهما اعتدال، وعلى غرار تعريب )السندويشة!( المشهور الذي نصه : )شاطر ومشطور وبينهما طازج..!!(، إنه اعتدال سرعان ما )ينضب نفسيا( فينصهر حرارة أو يتجمد برودة.. في كل شيء.. في الحب.. في الحرب .. حتى الماء مثلا لذيذ حين يكون باردا صيفا، سمج حين لا يكون )ساخنا( شتاء.. )ومالح ما به ملح!( حين لا يكون مزيجا من البرودة والحرارة في أيام الربيع وأوقات اعتدال الطقس.. بالتأكيد فكما أن هناك أشياء لا تصلح إلا باردة، فثمة أشياء أخرى لا تصلح إلا حين تكون حارة.. أشياء من الصنفين لن تحصيها فيما لو رمنا تعدادها، ومع ذلك هل باستطاعة الإنسان ان يصل الى جواب )بارد أو حار(.. أي مقنع في حال طرح عليه سؤال من قبيل أيهما أفضل )البرودة أم الحرارة( . رب قائل يقول إن البرودة أفضل من الحرارة بدليل سفر الناس صيفا هربا من الحرارة غير ان سؤالا كهذا تدحضه حقيقة ان هروبهم من الحرارة لا يعني أبدا سفرهم طمعا في البرودة وإلا لكان القطبان المتجمدان محطتي أفئدة هؤلاء السياح.. ومرة أخرى إنها ليست البرودة كما أنها ليست الحرارة.. إنها بالأحرى ما بين البرودة والحرارة.. وبين البرودة والحرارة إنسان ملول هلوع جزوع لا يعجبه العجب ولا الصيام في الصيف ولا في الشتاء ولا في رجب! ومع ذلك فلو قلنا ان البرودة زمهرير فالحرارة جحيم.. بل لو أننا فضلنا جانب البرودة على الحرارة وقلنا إن برودة الشيء أحسن من حرارته لأصبحنا من أنصار الحرب الباردة، وبرودة العواطف، والقتل ببرودة دم وبرودة أعصاب، بل لشهدنا ) بالزور( للكثير من الحيوانات القاتلة ذات الدم البارد ولبرأناالثعبان من تبعات دمها البارد سما زعافا.. ولأصبحنا من دعاة )نشر فيروسات( الأنفلونزا والكحة، ولناقضنا قول أحدهم حين تغنى )بردانا!( قائلا: )هبت هبوب الشمال وبردها شيني!(.. بل لاتهمنا بالتوحش كالحيوان المتوحش تماما وذلك لأن الفرق بين الإنسان والحيوان المتوحش يتمثل في أن الإنسان يأكل اللحم مطبوخا )بالحرارة( على عكس طبيعة الحيوان المتوحش الذي يفضل اللحم نيئا باردا.. بل لو أننا فضلنا البرودة على الحرارة لقتلنا كل معاييرمبادئ الضيافة العربية التي من أقلها الترحيب ) بحرارة( بالضيف بغض النظر عن برودة المشاعر!!.. أخيرا تخيل لو أن لديك ) كولد ميل( وليس )هوت ميل( فماذا عن موقفك مع رسائل لا يكفيها أنها كمبيوترية صماء فحسب، بل أيضا رسائل باردة.. باهتة!
في الوقت نفسه فلو أننا فضلنا الحرارة على البرودة لأصبحنا من مؤيدي )حرارة الدم( وفورته مما يعني تشجيعنا لثورة الأعصاب والعنف والصراخ والعصبية فنصبح حينها سببا من أسباب ضغط الدم المرتقع والسكر الذين لدينا منهما ما يؤهلنا لتصديرهما الى مشارق الأرض ومغاربها. ومع كل هذا فبالإمكان القول إننا على وجه العموم نفضل الحرارة بدليل أننا لا نأكل اللحم إلا مطبوخا ) بالحرارة( مما يعني أننا نأكل شيئا لا يناسبنا أصلا ولذا نلجأ إلى صياغته الصياغة اللازمة )بالحرارة( لجعل أكله مقبولا إنسانيا مما يدل على توحش الإنسان بغض النظر عن ميله للحرارة أو للبرودة: يعني متوحشا متوحشا: أي ) صبه احقنه!( أو )احقنه صبه!(.. لا فرق فما هو بارد حار فهو حار بارد كذلك.. تحياتي الحارة لا الباردة.. وعيني عليك باردة لا حارة..!!
للتواصل: ص.ب:454 رمز: 11351 الرياض.
|
|
|
|
|