| مقـالات
وجاء في ص 28 من كتاب )داعي السماء( يقول المؤلف: )كل ايمان فهو شيء يتجاوز الفرد الواحد.
ولا ينحصر في مصلحته العاجلة أو الآجلة(.
نعم كل ايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هذا شيء معلوم بالضرورة من دين الرسل عليهم السلام الذين جاؤوا بعبادة إله وحده سبحانه وتعالى، فإيمان كل نبي ورسول هو: الدعوة الى عبادة الله وتوحيده وقد دل على هذا الكتاب والسنة والاجماع وواقع حال العقل السليم والفطرة الصواب، لكن قوله: )أو الآجلة( لعله لا يريد الآخرة إنما مراده مصلحته التي ينشدها من وراء ايمانه بالله تعالى أجراً على ذلك من: دفع المضار ونصرة على ظالم الخ فهو يجهل كل ذلك له طلبا لعظم الاجر في الآخرة، والله أعلم.
وقال: )فليس بإيمانٍ ذلك الذي يخص فرداً واحداً ولا يتجاوزه الى غيره في زمنه او بعد زمنه، وليس بايمانٍ ذلك الذي يدور على المصلحة الفردية وان تعدد فيه الافراد لان الانسان قد يضحي بالمصلحة في سبيل الايمان ولا يفعل ذلك وهو يحسب حساب المصالح ولا يتجاوزها( وأجاد جداً اذ قال: )وقد يضحي الانسان أحيانا بالايمان في سبيل المصلحة العاجلة أو الآجلة ولكن ذلك لا ينفي ان الايمان شيء اكبر من المصلحة العاجلة وآجلها وإنما يدل في هذه الحالة على ان ذلك الانسان يستبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير، وانه ضعيف اليقين( لكن اذا ضحى بالايمان مختارا فالطامة وما ورد في ص 86/87 نقله من السيرة بتمامه، وأصل ما اورده في ص86: صحيح.
وقال في ص87: )فقد رأى امية بن خلف وابنه بعد الواقعة في صحبة عبد الرحمن بن عوف يقودهما كما يقاد الاسرى وقد كان أشد الناس ايذاءً للمستضعفين من المسلمين كما تقدم، وكان بلال اوفر المسلمين نصيباً من ذلك الايذاء اللئيم فما وقعت عينه على أمية حتى صاح بالمسلمين من حوله: رأس الكفر امية بن خلف: لا نجوت ان نجا، ولم يغن عنه دفاع عبد الرحمن بن عوف بل جعل بلال يهم بقتله ويصيح: لا نجوت ان نجا لا نجوت ان نجا حتى اجتمع حولهم خلق كثير وضرب احدهم ابن أمية فوقع صريعا الخ(.
قلت هو في السيرة لابن هشام وابن اسحاق مطولا واصل ما جاء: صحيح.
وورد في ص88: )أرسله النبي صلى الله عليه وسلم مع رعية السحيمي ليرد له ابنه الذي اسره المسلمون، فلم يفته وهو يقص نبأه على النبي «صلى الله عليه وسلم»( ان يقول: والله ما رأيت واحدا منهما مستعبرا الى صاحبه! فقال النبي «صلى الله عليه وسلم» ذاك جفاء الاعراب(.
قلت لمثله اصل صحيح، وهذا لم أجده.
وجاء في ص88/89: )ووكل اليه النبي «صلى الله عليه وسلم» وهو مقبل الى وادي القرى بعد وقعة خيبر ان يوقظه لصلاة الصبح وكان الحر شديداً فنام حتى طلعت الشمس، ثم صلى عليه السلام بمن معه وان احدهم ليسلت العرق عن جبينه من حر ذلك اليوم ولما سلم قال: كانت انفسنا بيد الله فلو شاء قبضها وكان أولى بها ثم التفت الى بلال فهتف به: مه يا بلال فبادر بلال معتذراً وهو يقول: بأبي وأمي قبض نفسي الذي قبض نفسك فتبسم «صلى الله عليه وسلم».
قلت: أصله صحيح/ إلا أني لم أجد )فبادر بلال معتذراً وهو يقول(.
وفي ص89 جاء: )وآخر ما يروى من أعمال بلال وقفته مع خالد بن الوليد حين أمر الفاروق بسؤاله عن الهبات التي كان يهبها لبعض الشعراء فقد سكت خالد وأبو عبيدة يسأله عن تلك الهبات: أهي من ماله أم من مال المسلمين؟ وهو معرض لا يجيب فوثب اليه بلال ثم تناول عمامته ونقضها وعقله بها وخالد لا يمنعه.
وسأله ما تقول؟ أمن مالك أم من اصابة؟
فعند ذلك أجاب خالد بل من مالي، فأطلقه وعممه بيده وهو يقول )نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا(.
بينت بعض أصل هذا فيما تقدم وبقية الرواية لم أجدها.
وجاء في فصل )الأذان( في ص90 قال المؤلف: )تلك هي دعوة الأذان التي يدعو بها المسلمون الى الصلاة. وتلك هي الدعوة الحية التي تنطلق بالحقيقة الخالدة ولا تومىء اليها، وتلك هي الحقيقة البسيطة غاية البساطة العجيبة غاية العجب لانها اغنى الحقائق عن التكرار في الأبد الأبيد، واحوج الحقائق الى التكرار بين شواغل الدنيا وعوارض الفناء، المسلم في صلاة منذ يسمعها تدعوه الى الصلاة لانه يذكر بها عظمة الله وهي لب لباب الصلوات(.
هذا اسلوب أدبي إنشائي فيه من العاطفة بقدر ما فيه من التأثير لكن الأذان بذاته ليس هو أغنى الحقائق وان كان قد تضمن على كلمة )التوحيد( لا اله الا الله فأغنى الحقائق الحري الايمان بها هي:الايمان بالله وحده دون سواه ايمان القول والعمل الخالص الصواب.
وقال: )وتنفرج عنها هدأة الليل فكأنها ظاهرة من ظواهر الطبيعة الحية تلبيها الاسماع والارواح وينصت لها الطير والشجر ويخف لها الماء والهواء وتبرز الدنيا كلها بروز التأمين والاستجابة منذ تسمع هتفة الداعي الذي يهتف بها: )ان الصلاة خير من النوم(.
والمؤلف بروح طيبة ما كان أغناه عن قوله: )فكأنها ظاهرة من ظواهر الطبيعة( ما كان اغناه عنها ولعله المدرك انها كلمة يركبها بعض المتفلسفة ومدعي الثقافة المقلدة ما كان أغناه.
وهو هنا يصف الأذان لصلاة الفجر الثاني، والأذان الثاني الذي فيه )الصلاة خير من النوم( لاشك ان له في النفس المؤمنة استجابة عجيبة وتأثرا بالغا في نظر أمره ما له وما عليه تجاه دينه ومسؤوليته عن نفسه ومن ولاه الله تعالى اياهم ممن سوف يسأل عنهم غداً، ولا ريب ان هذا الأذان يؤذن بالتوحيد وخيرية العمل بعد خيرية القول فهو إعلام بدخول وقت صلاة الفجر، وإعلام لازم واجب بالتذكير بالتوحيد الخالص الصواب وتطبيقه في يوم جديد وكل يوم جديد بعد نوم على التوحيد قولاً وعملاً بعد صلاة العشاء أو قيام ليل أو وتر يختم به ليلة بعد يوم من الله كريم.
ويصف في ص92 بتجاوب الفطرة حتى لدى الكفار تجاوب الفطرة بنداء الايمان الذي خاطب فطرهم مخترقا حواجز المؤثرات حسها ومعناها يقول: )أما الغرباء عن البلاد وعن عقيدة الاسلام فما يلفتهم شيء من شعائر العبادة الاسلامية كما يلفتهم صوت الأذان على المنابر العالية(.
و: )ويقول/ جيرار دي نرفال/ في كتابه سياحة بالمشرق: )إني لاول مرة سمعت فيها صوت المؤذن الرخيم الناصع خامرني شعور من الشجو لا يوصف وسألت الترجمان ماذا يقول هذا الهاتف؟ فقال: انه ينادي ان لا إله الا الله، قلت فماذا يقول بعد هذا؟ قال انه يدعو النيام قائلاً: )يا من نام توكل على الحي الذي لا ينام(.
وينقل المؤلف في ص92 قولاً يترجم حقيقة فطرة توحيد الله سبحانه وتعالى ينطق بها من لا يؤمن وان آمن يقول عن )لافكاد يوهيرن(: )إن السائح الذي يهجع لأول مرة بين جدران مدينة شرقية وعلى مقربة من احدى المنائر قلما تفوته خشعة الفؤاد لذلك الجمال الوقور الذي ينبعث به دعاء المسلمين الى الصلاة(.
واورد المؤلف قال في ص 94: )ومن جملة الروايات التي جاءت في طبقات ابن سعد وغيرها يفهم انهم كانوا قبل ان يؤمروا بالأذان ينادي منادي النبي عليه السلام: الصلاة جامعة فيجتمع الناس(.
قلت أصل هذا صحيح
وكتاب الطبقات كتاب تراجم جعل تراجمه طبقات: الصحابة والتابعين وتابعيهم الخ، ويورد أحيانا آثار بعضهم خاصة الصحابة حال الرفع وحال الوقف لكنه ليس اصلا في تلقي النص وكنت قد بينت ما له وما عليه في كتابي )كتب تراجم الدجال بين الجرح والتعديل( ط2/ج1.
ثم ان المؤلف جاء بروايتين لحقيقة الأذان في ص94/95 حسب صيغته المعروفة الآن.
قلت ما جاء به: صحيح
وجاء في ص89 من فصل )المؤذن والمؤذنون( وجميل ما قال، قال: )ويضيف كثيراً الى علمنا بأثر الأذان الاسلامي في نفوس الأدباء الغربيين(.
وقال المؤلف في ص99: )أما الكلمات التي يرددها المسلمون في انحاء العالم الاسلامي من حيث تقوم بنى القرميد التي ترتفع على قبور الصحراء الى تلك المنائر السحرية الحالمة التي على مسجد «أجرا» عند ضريح «تاج محل». بالهند( فهنا المؤلف ليته عقب ولو من باب مما هو معلوم من الدين بالضرورة ذلك انه يحرم ما يلي:
1 البناء على القبور
2 جعلها في المسجد
تخصيص القبور لاحد معين تعظيما له،
واذا حرم هذا فالطواف والتوسل بالاموات وطلب الشفاعة منهم عظيمة من العظائم لان هذا من الشرك وما حصل مثل هذا الا بسبب ما يلي:
1 الابتعاد عن حقيقة التوحيد
2 تقليد الصوفية لعباد القبور
3 جهل المسلمين بحقيقة دعاء العبادة ودعاء المسألة اذ قال سبحانه: )قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له(
4 دور الفاطميين في تشييد القبور والتوسل بالاموات وبذل النذور لهم في حدود القرن الرابع الهجري والفاطميون لهم علاقة بديني )يهود والنصارى(.
ولهذا جاء التحذير صريحا )لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد( يحذر امته من صنيعهم،
وورد )لا تتخذوا قبري عيدا( وورد )يا علي لا تدع صورة الا طمستها ولا قبرا الا سويته بالارض( وورد غير ذلك كثير كلها تنهى عن اقامة الاضرحة او البناء عليها لان هذا اصله البطلان لحماية جناب التوحيد وحفظ الشريعة ان يشرك بعض المسلمين بسبب خوف او رجاء الاموات ألخ
وجاء في ص99 قال: )ولاتزال للموذن شروط ترعى حتى اليوم ليسمح له بأداء الآذان: فعليه ان يحفظ القرآن وان ينزه اسمه وسمعته عن كل سوء وان يكون له صوت واضح جهير ولهجة فصيحة إلخ(
لعل المؤلف هنا سأل بعض العوام أو أنه جاء به من عنده بفهم مخطىء وشروط المؤذن هي:
1 ان يكون مسلماً
2 عاقلاً
3 مميزاً
4 عارفا دخول الوقت
5 اميناً.. صيّتاً.. عارفا لشروطه
وهناك ما يلحق بها منها:
1 أن يكون بصيراً
2 ان يعلم آداب الأذان.
3 أن يؤذن على مرتفع أو بديل له
4 ألا يطلب جعلا عليه
وقول المؤلف )فعليه ان يحفظ القرآن( ليس صحيحاً حتى المجتهد من علماء الأمة لا يشترط ان يحفظ القرآن غيباً إنما عليه معرفة أدلة الاحكام ولوازمها والمؤذن من باب أولى.
وجاء في ص101 قال: ولكن النبي )صلى الله عليه وسلم( قد استنزل لأولئك المساكين عزا وافيا بما ذكره القرآن عنهم حيث جاء فيه: )إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون، من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ... الآية..(
فهنا لعل المؤلف خانه تلقيه العام من ثقافة ليست بذاك فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يستنزل القرآن إنما ينزل عليه من الله تعالى بمشيئته.
والآية هنا سبب نزولها في حال عمار بن ياسر: )إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان(.
وليس لبلال بن رباح معنى في نص هذه الآية فهو قد ثبت: أحد احد أحد يكررها حتى اشتراه ابو بكر فآعتقه.
وكم يود المسلم للباحثين وذوي الأدب والنقد الا يعتمدوا على مجرد الفهم او مجرد النقل أو تلقف كل ما هب ودب من رأي أو فكر في تفسير القرآن لأن ذلك من المصائب الكبرى أن يفسر هكذا وكم وقع عالم ومثقف في جرف هار وزلة عظيمة حينما فسر القرآن دون علم صحيح يعتمد على نص ماثل صحيح موثوق، وجرى ما بين ص102 حتى ص119 نصوص وآثار تدور بين الصحة والضعف.
|
|
|
|
|