أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 15th March,2001 العدد:10395الطبعةالاولـي الخميس 20 ,ذو الحجة 1421

فنون تشكيلية

وداعاً للحرف وأهلاً باللون في معرض إتيليه جدة للفنون الجميلة
الأعمال الحروفية مكانك راوح والبقية تعزف على ألحان الزخرفة
أقام اتيليه جدة للفنون الجميلة معرضا جماعيا اعتبره الاتيليه الأول دون ابداء الأسباب، وعلى الأقل قد يكون كذلك بالنسبة لهذه القاعة. ونأمل لمثل هذه الاحتفاليات أن تتكرر وتعدد في العواصم الفنية العربية، وأن يتخذ كل منها سمات وخصائص مميزة في التوجهات والأهداف حتى تعمل على تنوع وثراء الحركة التشكيلية في الوطن العربي. لقد شمل هذا المعرض عددا كبيرا من الأعمال الفنية يتناسب والمساحة المتاحة في القاعة بل إنها بدت مزدحمة بعض الشيء. وشارك عدد كبير من الفنانين، إذ قدم كل منهم عملا واحدا في أغلب الأحوال.
ونظرة عامة على محتويات المعرض نخرج بأنه يمكن القول وداعا للحرف في اللوحة التشكيلية ومرحبا باللون. يتضح ان ما أطلق عليه الحروفية قد انحسر، أو تلاشى وحل محله احتفال عظيم باللون. لقد بات معروفا ان استعمال الحرف العربي كعنصر تشكيلي في العمل الفني قد بدأ في الخمسينيات من القرن الماضي وبلغ أوجه في السبعينيات وحتى منتصف الثمانينات حيث أخذ صوته في الخفوت التدريجي. وقد حقق بعض الفنانين في العالمين العربي والاسلامي انجازات قيمة في مجال استخدام الحرف، إلا أن أغلب الانتاج كان يراوح مكانه في العزف على امكاناته الزخرفية. لقد أتى على الفنانين والنقاد حين من الدهر لا يعترفون فيه بعمل فني على انه منطو على الهوية العربية أو الاسلامية إذا لم يضم أو يقوم على الحرف.، ووداع الفنانين للحرف واستقبالهم المرحب باللون ينبغي ألا يغمض أعيننا عن حقيقة أن الاستفادة من الامكانات اللونية الحاصلة الآن تتجه الى أن تكون زخرفية أيضا.
لقد ظهرت بعض الأعمال الفنية التي يغلب عليها حضور اللون البارز مع حملها لمضامين قمينة بالاحترام لما تحمله من قيم فنية وتعبيرية وتقنية. تبرز من بين هذه الأعمال الهامة أعمال رضوى والصبان وحماس وعسيري ومصلي وجاها وأبي صلاح والمغربي وغيرهم.
أما على مستوى الموضوعات فقد تناول عدد لا بأس به من الفنانين البيوت أو المنازل أو الأطلال أو المدينة أو القرية، وأرى بأنه أمر يستحق الدراسة كتعبير عن موقف الفنان التشكيلي العربي من المدينة الحديثة التي هي في الغالب مكان عمله وعرضه لأعماله وكذلك مكان الاعلام عنه، هذا بالاضافة الى أنها السوق الذي يتواجد به مقتنو أعماله.
قد لا يكون لموضوع المدينة في التشكيل العربي المعاصر نفس الدور الذي لعبه في الشعر العربي الحديث أو الرواية، وذلك لأسباب كثيرة تتعلق بطبيعة كل من هذه المجالات، إلا أن هناك أعمالا فنية كثيرة تحمل مضامين متعلقة بالمدينة. آمل أن تأتي فرصة للكتابة في هذا الموضوع، أي صورة المدينة في التصوير العربي الحديث الذي يستحق الاهتمام. أرجو أن يكون على غرار بحثي، تحت الطبع الآن، عن صورة المدينة في التصوير الغربي الحديث مقارنة بصورتها في التصوير الروماني والعصور الوسطى الأوروبية والاسلامية.
إن تفاوت الخبرات الفنية والتقنية من الأمور الواضحة في الأعمال المعروضة. ولهذا التجاور بين الأعمال فائدته من حيث مكنة متابعة الأجيال الفنية وتطورها، وكذلك الاهتمامات المشتركة بينها مما يتيح الفرصة للمتابعة الكلية للحركة الفنية وتوجهاتها الغالبة. أما الأثر الذي يمكن اعتباره سلبا من تجاور أعمال من مستويات متفاوتة في مدى النضوج الفني بجانب بعضها البعض فانه يتلخص في عدم أخذ الأعمال الأقل نضوجا حقها من الدراسة والنقد. وللتغلب على مثل ذلك الأمر تقام عادة معارض جماعية لكل فئة عمرية، كأن يخصص واحد للفنانين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما، وآخر لمن هم فوق تلك السن. وعادة تدخل أعداد أكبر في معارض الأقل سنا مما يتيح المجال لبعضهم أن ينال نصيبه من الدعم النقدي والاعلامي من خلال تميزه على أقرانه وبالتالي يهيىء له الانتقال فيما بعد الى الفئة الأخرى.
ومن الظواهر الملفتة للانتباه في هذا المعرض هو عدد الفنانات اللاتي يشاركن فيه وهو كبير نسبيا بالمقارنة مع معارض أخرى من هذا النوع في العالم العربي، وتظهر كما في الدليل أعمال 19 فنانة مقابل 55 فنانا وقد توزعت أعمالهن بين تقديم الجماليات الزخرفية، وبين حمل المضامين الفكرية والفنية. ويبرز من النوع الثاني داليا قزاز وعبير الفتني ورضية برقاوي ومنى القصبي.
ولا ينبغي أن يفهم من ذلك أن الاهتمام بالنواحي الزخرفية خاص بأعمال بعض الفنانات، ولكن كما أشرت من قبل أن بعض أعمال الفنانين تتجه نحو الزخرفية كذلك. الفن اليوم مهدد في وظيفته ودوره في المجتمع والحياة، ففي عالم يضج بمشكلات انسانية كبرى ينبغي على الفنان أو الفنانة عدم الاقتصار على التزيين بمعناه المحدود والالتفات الى مناقشة هذا الدور وتقديم رؤى عن المشكلات للتعريف بهذا الأمر الذي يؤدي الى المساهمة في تقليل أثارها.
الكاتب الدكتور خالد الحمزة
أستاذ مشارك تاريخ الفن العالمي والفنون والعمارة الإسلامية

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved