| ملحق الجائزة
تتجلى الأهمية الكبيرة للجائزة وصاحبها يرحمه الله من الاهتمام المنقطع النظير الذي أبداه الناس بكافة فئاتهم وتنوع ثقافاتهم من حضور حفلها والكتابة عنها.
لقد كان يرحمه الله رجلاً صالحاً تقياً، يعبد الله حق عبادته: كان يحب الله فأحبه الله وحبب فيه خلقه، كان يخدم وطنه بكل إخلاص وأمانة، لا يضيع لأحد حقاً، ولا يتهاون مع المقصرين، كان يكافئ المجتهد على جده ونشاطه ويعاقب المقصر على تقصيره مع توجيه النصح والإرشاد له ليستقيم. كان يحب الناس جميعاً وكان قلبه نظيفاً طاهراً لا يحقد على أحد. بكى أهل نجران لوفاته كما بكى محبوه في كل مكان.
سمو الأمير سلمان ومعالي الأمير خالد وجهان متشابهان:
صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز رجل الدولة عرفت عنه الكثير عن طريق رجال الإعلام الأجانب أثناء عملي في مكتب معالي وزير الإعلام لمدة 32 عاماً. كان الصحفي العربي أو الأمريكي أو الأوروبي يحرص على أن يكون ضمن برنامج زيارته للمملكة مقابلة مع سمو الأمير سلمان وذلك لأنهم كانوا يتلقون منه أخباراً ومعلومات وتحليلات وتوقعات مستقبلية تفيدهم فيما يكتبونه في صحفهم. قال لي أحد الصحفيين الأجانب إن الأمير سلمان موسوعة ثقافية وتاريخية وسياسية وقد استفدت كثيراً من لقائي به وقد استوضحت منه عن بعض الشئون الإسلامية والعربية فأجابني بصراحة عن كل ما استفسرت عنه، وسأنشر منه ما يصلح للنشر وأحتفظ لنفسي بالمعلومات القيمة الأخرى كمرجع عند الحاجة.
وعندها تذكرت معالي الأمير خالد بن أحمد السديري عندما كان مشرفاً على إمارة منطقة نجران وكان الصحفيون الأجانب يلحون في طلب السفر إلى نجران للقائه ومعرفة حقيقة الحرب الأهلية في اليمن. كان يرحمه الله يسرد عليهم حقائق تاريخية عن نشأة المملكة العربية السعودية وعن شبه الجزيرة العربية عموماً منذ فجر التاريخ وحتى ذلك الوقت. وكان يطلعهم عن قرب على الحدود بين البلدين فيعودون وقد عرفوا الحقيقة.
وإذا عرفنا أن معالي الأمير خالد بن أحمد السديري هو خال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز تذكرنا المثل القائل: كادت المرأة أن تلد أخاها.
لكن من هو صاحب الجائزة؟
هو خالد بن أحمد بن محمد السديري درس القرآن الكريم والأحاديث النبوية وقواعد اللغة العربية في الغاط ثم واصل تعليمه في الرياض حيث كان يحضر دروس الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبداللطيف بن إبراهيم وكان يهتم بدروس قواعد اللغة العربية، ثم واصل دراسة القواعد والإنشاء والتاريخ في الطائف عند مدرس مصري أحضره جلالة الملك عبدالعزيز يرحمه الله لأبنائه.
بعد ذلك التحق بالجيش الذي توجه إلى عسير كرئيس خبرة )أي مجموعة(، وقد أوردت الصحف بمناسبة الجائزة الوظائف التي تقلدها وخدم من خلالها بلده فلا أرى داعياً للتكرار.
رجل المهمات الصعبة:
يقول صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبدالعزيز راعي حفل الجائزة لهذا العام «كان المرحوم الملك فيصل بن عبدالعزيز يثق في المرحوم خالد السديري ثقة كبيرة وكان يضع فيه كل ما يعتقد أن هناك من ينفذ ما يراد منه لخدمة أمن واستقرار هذه البلاد».
المهمات الصعبة التي كلف بها كثيرة سأورد فيما يلي لمحة بسيطة عن بعض منها لإعطاء القارئ فكرة عن حكمته وشجاعته:
* خلال توليه يرحمه الله إمارة جازان وبأمر من جلالة الملك عبدالعزيز يرحمه الله أخمد فتنة الريث بعد أن صعد الجبل ومن معه من جنود.
* وخلال توليه إمارة تبوك وبأمر من جلالة الملك عبدالعزيز توجه إلى العلا فحل المشكلة التي نشأت بين قبائل محمد البداء من كبار شيوخ عنزة وقبائل ابن رفادة والتي عجزت عدة لجان عن حلها وكادت أن تصل إلى حدود الاشتباك الواسع.
* وخلال توليه إمارة نجران لا يخفى على أحد ما قام به أثناء الحرب الأهلية في اليمن وكيف واجه أحداث الوديعة.
الرجل القدوة:
عندما كان يرحمه الله وزيراً للزراعة عام 1375ه كان يحب العمل الميداني ولم يكن يعتمد على التقارير التي تصله من الجهات المختصة في الوزارة. قام بزيارات لعدة مناطق في المملكة واطلع عن قرب على أحوالهم ونظر فيما يحتاجونه لتطوير الزراعة في مناطقهم، كان يشارك المزارعين العمل ويوجههم ويرشدهم إلى أفضل الطرق للزراعة.
وعندما كان مشرفاً على إمارة منطقة نجران كان يرحمه الله يتابع ميدانياً المشاريع التي كانت تنفذ في نجران وقد رأيت صورة معاليه يرافقه ابنه معالي الأمير فهد في زيارة للموقع الذي كان مقترحاً لسد وادي نجران.
لماذا الجائزة باسمه وفي محافظة الغاط؟
كما كان يرحمه الله يدعم العلم والمعرفة فيزور المدارس وينظر فيما يحتاجونه ويرعى الطلبة المتفوقين ويكافئهم على جدهم واجتهادهم ويحثهم على تنمية مواهبهم، كما كان يشجع الطلبة الآخرين على مزيد من الدراسة والاجتهاد ليراهم في زيارته القادمة من المتفوقين. وقد بذل يرحمه الله جهوداً كبيرة في الحصول على موافقة من وزارة المعارف على إنشاء إدارة تعليم للبنين وموافقة الرئاسة العامة لتعليم البنات على إنشاء إدارة تعليم للبنات في نجران لأول مرة.
وعندما أصدر راعي التعليم في المملكة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله أمره الكريم بأن يقوم أمراء المناطق بتكريم المتفوقين كان لمنطقة نجران نصيبٌ من ذلك ولما يعلمه معالي الأمير فهد بن خالد السديري من اهتمام والده يرحمه الله بالعلم والسعي لتطويره ومن رعاية وتكريم للمتفوقين ومكافآتهم مادياً وهم في مدارسهم وحثهم على المزيد من الجد والاجتهاد وتشجيع زملائهم على المنافسة الشريفة رأى معاليه يحفظه الله تسمية جائزة إمارة منطقة نجران للتفوق العلمي باسم جائزة معالي الأمير خالد بن أحمد السديري للتفوق العلمي استمراراً لما كان يقدمه في حياته وتكريماً له على ما بذله من جهد في تطوير التعليم في منطقة نجران.
أما عن انتقال الجائزة إلى محافظة الغاط ففيه إضافة لجائزة تفوق علمي جديدة وفي المدينة التي بدأ تعليمه فيها صغيراً وستشمل جميع المتفوقين بنين وبنات في سدير هذا أولاً، أما السبب الثاني فإن معالي الأمير فهد بن خالد السديري بعد أن طلب إحالته على التقاعد ليرتاح بعد خدمة متواصلة للدولة لمدة 42 عاماً منها 17 عاماً أميراً لمنطقة نجران قرر الإقامة في الغاط وبذلك يكون مقر الجائزة قريباً منه ويستطيع أن يواصل المشوار كرئيس للجنة الجائزة.
* محام ومستشار قانوني
|
|
|
|
|