| ملحق الجائزة
أحد عشر عاماً من العطاء المتواصل، لجائزة الأمير خالد بن أحمد السديري متنقلة بين منطقة )نجران( ومحافظة سدير )الغاط( نهض بها ابنه البار الأمير فهد بن خالد وإخوته وفاءً لذكرى والدهم الغالي الذي أفنى عمره في خدمة دينه ثم مليكه وبلاده مسئولاً في مناطق عسير وجازان والمنطقة الشرقية وتبوك ووزارة الزراعة وأخيراً نجران وخلال ذلك قاد المعارك العسكرية في عدد من الجبهات خرج منها مكللاً بالنصر المؤزر.
وطوال تلك الصولات والجولات كوّن العديد من الصداقات والعلاقات الإنسانية في مختلف القطاعات التي عمل بها وأشرف عليها.. كما أن صلته بالعلماء والأدباء والمفكرين خاصة كانت قوية وحميمة وليس أدل على ذلك من فتحه مجالسه للحوار والمذاكرة والمساجلة معهم كما ظهر ذلك في احتفائه بالشعراء بالاستماع إلى قصائدهم التي يتبارون بإلقائها بين يديه في مناسبات الأعياد وغيرها وكان يجيز أصحابها كما يشجع المتفوقين من طلاب المدارس التي يزورها بين الفينة والأخرى.
وظلت هذه العناية بطلاب العلم مستمرة حتى بعد وفاته حيث خصص ابنه الأمير )فهد( وإخوانه جائزة سنوية للتفوق العلمي دخلت بالفرحة والسرور أكثر بيوت المواطنين والمقيمين العرب سواءً في منطقة نجران حينما كان )أبو مشعل( أميراً لها أو في محافظة سدير حينما تقاعد عن عمله مختاراً ومصراً على ذلك يستقر في مسقط رأس الآباء والأجداد.
وقد ولدت هذه الجائزة فتية ورعاها منذ قيامها نخبة من أبناء الملك عبدالعزيز هذا العام الأمير نواف بن عبدالعزيز ومن قبله الأمراء نايف وسلمان وأحمد وسطام ومقرن وهذا يدل على عمق الاحترام والتقدير لصاحب الجائزة كرجل دولة تخرج في مدرسة الملك عبدالعزيز رحمه الله وكان مثالياً في أدائه للواجب، بتوجيهات الملك المؤسس ثم أبنائه الملوك من بعده إلى أن أدركه الأجل المحتوم وهو على إخلاصه وولائه لقيادته وبلاده.. لم يعرف الكلل أو الملل حتى وهو في أشد المعاناة من المرض.
لقد كنت أزوره في مقر إقامته بنجران فأجد العجب العجاب من حضور القيادي والإداري والاهتمام الذي يوليه لكل مرتادي مجلسه، وسعة إدراكه لمجريات الأمور محلياً وعربياً ودولياً.
لم تشغله أعباء الإمارة والقيادة عن الاهتمام بالأدب والتاريخ والشعر فصيحه ونبطيه والمتابعة لكل جديد في عالم الصحافة والإذاعة.. فكان موسوعي الثقافة لا تكاد تفوته شاردة ولا واردة ولا يهمل جانباً على حساب جانب آخر وينصرف عنه الناس وكلهم لسان ثناء وشكر لما أولاه إياهم من العناية والرعاية.
ولقد قُدِّر لي أن أراه لآخر مرة قبل أن يودع الدنيا بأسابيع.. حينما كان يتلقى العلاج في المستشفى بمدينة الملك فيصل العسكرية.. وشاهدته متجلداً يغالب الآلام ويتدفق في أحاديث الذكريات والتجارب بأسلوب شيق أخذ علينا الوقت دون أن نحس به.. بل قيل لي إنه في صباح اليوم الثاني كان في استقبال وتوديع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد المفدى وبعض إخوانه بكل حيوية ونشاط ورغم تحذير الأطباء له من الحركة والنهوض من سريره.
إن الأمير ) خالد السديري( كان من الرجال المعدودين في قائمة الرواد في مجال الفروسية والشجاعة والكرم والحنكة والحكمة.
وقد كان نسيجاً وحده في الوفاء والبر بأهله وأصدقائه والحزم في الإدارة.. والعدالة بين الناس، لا تأخذه في الحق لومة لائم.. ولا يعطي بالاً للوشاة والوصوليين والمنافقين.. بل كان صاحب نظرة فاحصة وفراسة ذكية ونظر بعيد.
رحمه الله وأحسن إليه وجزاه خيراً عن كل جهاده وجهوده.. وبارك الله في خلفه الصالح الأمير فهد وإخوانه الحريصين على إحياء ذكراه وتجديد سيرته العطرة وبذل ما يفنى من الأموال لتخليد ما يبقى من الذكر الحسن.. الذكر للإنسان عمر ثانٍ!!
محمد بن عبدالله الحمِّيد
عضو لجنة الجائزة ورئىس النادي الأدبي في أبها
|
|
|
|
|