| مقـالات
تعد الدراسات التاريخية وسيلة للكشف عن مسار الماضي تظهر احداثه وتربط بينها بحيث تتشكل صور لذلك الماضي كانت موزعة ومتناثرة في بطون المصادر والمراجع المتنوعة، ولاشك ان هذه الدراسات لها قيمتها في تحديد الاخطاء والسلبيات وإظهار المحاسن والايجابيات قد تكون معيناً للإنسان المعاصر في الاستفادة من معطياتها الماضية.
من هنا فان تركيز الدراسات التاريخية سواء منها المقدمة للحصول على درجة علمية أو المكتوبة في إطار اهتمام كاتبها للبحث العلمي واسهامه في خدمة الموضوعات التاريخية المتنوعة يوفر حصيلة معرفية واسعة يصعب الوصول إليها وهي متناثرة وموزعة في المصادر والمراجع.
ونمط الدراسات التاريخية المركزة هو ان يكون المحور قضية محددة زماناً ومكاناً، أو ربطاً مقارناً بين زمنين محددين أو موقعين أو متابعة مسألة موضوعية بعينها يجري التعرف على نشأتها وتدرج خطوات تطورها عبر فترة زمنية قصيرة، لأن التركيز هنا سيكون على جانب موضوعي.
لقد سقت الكلام السابق بعد ان لاحظت مثل غيري تورط الطلاب والطالبات في بحث اكثر من موضوع والتنقل عبر فترات زمنية طويلة ليكون الحاصل هو موضوع الرسالة المقدمة للحصول على الدرجة العلمية، وفي الغالب تكون مثل هذه الرسائل تجميعاً لمتناثر من المعلومات، ليس هناك من هدف واضح يربط بينها وليست هناك خطة مسبقة محددة المسار الذي يفترض ان تتناوله ولا النتائج التي يفترض ان تتوصل اليها، وعدم تركيز الموضوعات في الدراسات التاريخية هو السبب في ضخامة الرسائل التي تقدم وضعف جاذبيتها لمن يطالعها، وهو في غالب الاحيان ما يؤدي الى عدم الاهتمام بها لتنشر وتقرأ على نطاق واسع، فكم من رسائل تاريخية لاتزال حبيسة ارفف المكتبات أو مزوية في إدراج مكاتب اصحابها لأنهم يدركون قبل غيرهم بضعفها وعدم أهمية موضوعها وركاكة منهجها.
لعل من المستحسن لأقسام التاريخ في جامعاتنا وكلياتنا ان يكون هناك تركيز واضح على الموضوعات المختارة بحيث تأتي محددة زماناً ومكاناً وموضوعاً، وان لا يكترث بالحجم وطول الفترة الزمنية، فرسالة في مائة أو مائة وخمسين صفحة تعالج قضية محددة بعينها تلمُّ كل اطرافها وتبرز الاحداث التي وقعت خلالها وتناقشها وتحللها وتنتهي الى نتائج علمية واضحة افضل من رسالة كبيرة الحجم ليس فيها غير نصوص مجمعة غير مترابطة لم يشفع لها ان تجاز الا كونها ذات عدد كبير من الصفحات، أو أنها تناولت فترة زمنية طويلة لم يدقق في اهدافها ونتائجها.
|
|
|
|
|