| مقـالات
الجهد الذي تبذله الدولة للحجاج والمعتمرين جهد مشكور، يشهد له كل حاج ومعتمر، فرجال الأمن لهم نشاط ملحوظ في تنظيم السير، والقبض على المجرمين، الذين قدموا الى الأماكن المقدسة بقصد السرقة والنهب، وقد كان لهؤلاء الرجال حضورمكثف في الجمرات، ولديهم القدرةعلى عمل ما يلزم تجاه التزاحم على الرمي في جمرة العقبة في يوم العيد وفي الجمرات الثلاث في الأيام الثلاثة التالية وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر، والثالث عشر، ومع ذلك فقد وقعت الكارثة في صبيحة يوم العيد، فَمَنْ المسؤول عن التراخي الى زمن وقوع الكارثة؟ إن المسؤول الأمني في الجمرات تقع على عاتقه المسؤولية فلديه من الجند الشباب الأعداد الكافية لدرء المخاطر عن الحجاج، ولكنهم لا يعملون أي عمل إلا بأمر يرد إليهم، ومن هنا ينحصر التقصير في المسؤول الأمني، وما دمنا نكافئ المبرز في عمله فعلينا ان نحاسب المقصر، نقول للمحسن أحسنت ونقول للمخطئ أخطأت.
ويمتد الحديث إلى رجال الأمن في مزدلفة فقد وقفت الحافلات في بعض المواقف والشوارع الفرعية، ونزل الحجاج ليفترشوا طرق الحافلات، مما سد الطرق على الآخرين في زمن التحرك الى منى، وقد اقتصر عمل رجال الأمن على الشوارع الكبرى، وبقيت مئات من الحافلات تنتظر لأربع ساعات الى ست ساعات ليتحرك الركب الذي أغلق الطريق، إنها مشاهد مؤلمة لمن عانى الوقوف، فلو كان لرجال الأمن الحضور المكثف في مزدلفة لما وجدت المعاناة. ويتصل الحديث لتناول حملات الحج التي تلهث باللحاق بالمساهمات العقارية، فإذا كانت المساهمات العقارية هي المسيطرة على حديث المجالس، في السنوات الماضية، لما يصحبها من الجشع، والتلاعب بأموال المساهمين، والثراء السريع لمن اتجه إليها من التجار، فإن حملات الحج صنو المساهمات العقارية، لقد تسابق رجال الأعمال الى هذه الحملات، لما فيها من الربحية السريعة، فكلها ستة أيام، ويعود بعدها رجل الأعمال بمليون أو مليونين أو ثلاثة بحسب أعداد الحجاج في حملته، وبحسب مهارته في اقتناص الحاج، والحذلقة في كيفة التخلص من بعض الالتزامات، إما في النقل أو الإعاشة أو توفير الخدمة في المخيم، واتجاهات رجال الأعمال، الذين هم رؤساء الحملات تختلف بحسب قدرتهم في المهارات التجارية، فبعضهم يحيط نفسه بهالة دعوية تبرزه من أهل الزهد والورع، وما علم هذا التاجر )إن الدين المعاملة( فإذا كان يرغب في وضعه على المحك، فليدفع حساباته الى مكتب محاسبة ويأخذ ربحه 30% أو أربعين في المائة ويعيد الباقي الى الحجاج، ولكنه لن يقنع بربح أقل من 200% وكل الأعمال التي يقوم بها من أجل زيادة الربح، وصرف البسطاء عن الحقائق.
إن حملات الحج لا تعادل خدماتها المبالغ التي تدفع من أجلها وقد وقفت في منى على عدد غير قليل من هذه الحملات، ولمست التذمر من كثير من الحجاج، يتمثل في عدم وفاء الحملات ببعض التزاماتها مع انها لو وفت بكل التزاماتها فإن أرباحها لن تقل عن 100% .
إنني أدعو وزارة الحج الى تقويم خدمات هذه الحملات تقويماً دقيقاً، ومن ثم تقنين المبالغ المدفوعة من قبل الحجاج، فاستغلال المسلمين في حال أداء شعائرهم الدينية أمر غير مقبول.
ومن الحديث عن حملات الحج إلى الحديث عن النظافة في المشاعر، فتوعية الحجاج في بلدانهم بأهمية النظافة أمر مهم، فمن شاهد الساحات المحيطة بمسجد نمره في عرفات، في مغرب يوم عرفة جزم بأن تلك المخلفات لأناس أقامواشهرا، مع أن الحجاج أقاموا يوما واحدا. إنه مشهد يتألم له كل مسلم، مع أن ديننا هو دين النظافة، ومن عرفات الى مشهد آخر من مشاهد الحج ألا وهو ازدحام الطائفين في الطابق الثالث في الحرم الشريف، فإذا أقبل الطائفون على موضع ما بين مقابل الحجر الأسود والصفا وقع الازدحام الشديد، وامتد الازدحام الى ما بعد خمسين خطوة، ومن المعروف ان سترة السطح ليست من القوة بما يحتمل ضغط الطائفين المتدافعين مع أنها ليست عالية ومن هنا أنبه المسؤولين في الحرم الى معالجة تلك السترة خشية سقوط بعض الحجاج عند الازدحام والتدافع الى أرضية الحرم.
وفي الأخير أدعو الدولة الراعية للحرمين )المملكة العربية السعودية( الى وضع جائزة سنوية على مستوى العالم الإسلامي، لأفضل بحث يتضمن تسهيل أمور الحج في السير، أو في الجمرات، أو في الطواف، أو في ازدحام الصفا والمروة، أو في التقليل من افتراش الساحات والأرصفة في منى وساحات المسجد الحرام.
وفق الله الجميع إلى مافيه مصلحة الحج والحجاج.
|
|
|
|
|