| الاخيــرة
ما هذه الضجة الاعلامية العالمية الكبرى التي وُجهت فوهاتها الى حكومة أفغانستان.. أو حركة )طالبان( التي هي، بدورها؛ فتحت على نفسها باباً دخل معه الأعداء والمغرضون، والناعقون، والمتطفلون.. حينما أعلنت عزمها على تحطيم الأصنام البوذية في )باميان(..؟
وما إثارة هذه القضية من قبل أعداء الإسلام، وبخاصة منهم دول الغرب وأمريكا، والهند واليابان والصين، وعلى أعلى المستويات الدولية، كمجلس الأمن، والهيئة العامة للأمم المتحدة إلا دليل دامغ على عدم حيادية الغرب ومن يسير في أفلاكه في مجمل توجهاته الاعلامية والفكرية تجاه الاسلام وأهله.. ولو أن )اسرائيل( هي التي فعلت ذلك لما كان للغرب والشرق أن ينبس ببنت شفة.. وإذا حملته مصالحه ومجاملاته الثقافية واجتهد كثيراً في ادانة ربيبته المدللة )اسرائيل( فسيناشد الطرفين: المعتدي والمعتدى عليه )بضبط النفس( كعادته الكريمة..
وقد حفرت اسرائيل بعد احتلالها القدس عام 1967م بقيادة واشراف )موشي ديان( وزير حربها الهالك خنادق عميقة تحت اسوار وبناية المسجد الأقصى بدعوى البحث عن )هيكل سليمان( المزعوم.. ولم تدنها أمريكا ولا أوروبا.. مع أنها كانت وما زالت تهدف إلى هدم المسجد الأقصى.. بطريقة خبيثة، هي خلخلته تدريجياً حتى يتهاوى ويسقط.. فتبني عليه ما يمثل هيكلها المزعوم بأدنى مستوى من الضجة الإعلامية وحتى الادانة فهي محضة عنها..! فلماذا يدان العرب والمسلمون اذا فعلوا ما يتفق مع وحدانية الألوهية لله، وأنه وحده المعبود بحق.. ولا تدان أعمال وأفعال الذين يجعلون مع الله آلهة أخرى..؟
أنا لا أبرر ما قامت به طالبان من اعلانها المثير المستفز بتدمير الأصنام في بلادها.. وليتها التزمت الحكمة والصمت حتى فرغت مما اعتزمته بدون ضجيج ولا جلبة كالذي يحدث هذه الأيام.. ولو أنها فعلت ذلك لوضعت الأعداء والمشاكسين أمام أمر واقع لا يستطيعون له رداً.
لا أدري لماذا أعلنت )النية( قبل التنفيذ؟ هل هي تتوقع أن تَهُبّ دولة أو أكثر لشراء هذه التماثيل )الأصنام( ونقلها الى بلاد لا تحرم )الوثنية(..؟ قد يكون في هذا الاحتمال شيء من الصحة. أم هي تريد لفت أنظار العالم الى مأساتها التي يعيشها الشعب الأفغاني.. بين أرض مجدبة، وفقر مدقع، وبرد موجع، ومقاطعة ظالمة تولت كبرها )أمريكا المتعجرفة(..؟ هذا أيضاً احتمال وارد.
أما الذين يطالبون حكومة كابل بالابقاء على التماثيل بحجة أنها )من التراث البشري، وأنها ليست للعبادة( فهم لا يفهمون ولا يفقهون العقيدة التي رضيها الله لعباده «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً» )المائدة الآية 3( فهل كل تراث بشري يجب له البقاء والخلود..؟ حتى ولو كانت فيه محادة لله جل وعلا واعتداء على ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته..؟
ومن حيث العبادة.. فنعم: البوذيون يعبدون صنم )إلههم( )بوذا( إلى هذا اليوم، وقد شاهدتهم بنفسي في معابدهم في )ماليزيا( يدخلون المعبد فيركعون للصنم ويحيونه بتحيتهم المعروفة في الهند واليابان ويتمسحون به..!
والشرك بالله سيعود في كل مكان إلا من رحمهم الله وذلك مصداق قوله صلى الله عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء بني دوس عند ذي الخلصة» وهو صنم كان يعبد في الجاهلية.
وعلى كل حال فالضجة التي خلقتها )طالبان( لنفسها لن تفيد الاسلام بشيء بل تسيء إليه لما يترتب على هذه الضجة من اتهامات باطلة وجهت الى الاسلام وأهله، وأعطت اعداءه سلاحاً، وان كان سلاحاً كابياً، لكنه يثير زوبعات لا داعي لها.
ولعل لحكومة طالبان نظرة بعيدة المدى في تحطيم التماثيل.. وهو ان سكان )باميان( ربما كانوا يزمعون بعد استقرار الأحوال في البلاد أن يجعلوها مدينة )سياحية( لمشاهدة هذه الآثار الصنمية..!
إنني ألتمس لحكومة كابول بعض المبررات، وان كنت لا أرى ان تصرفها )الاعلامي( كان حكيماً ولا موفقاً.. وعلى المسلمين ان يحدوا من غلواء الاعلام الغربي المعادي لهم ولدينهم.. وبخاصة حين يجد فرصة مؤاتية للتهجم على الإسلام واتباعه من خطأ أو سوء فهم هنا أو هناك..
والله ولي التوفيق
|
|
|
|
|