| القرية الالكترونية
المؤسسات في الدول المتقدمة تعتبر المورد البشري هو أهم مقومات نجاحها لهذا تعطي الاستثمار في هذا المجال أولوية على بقية الموارد الأخرى، ومن ضمن ذلك الاستثمار في تدريب الأيدي العاملة والاستمرارية في التدريب. كذلك محاولة خلق البيئة المريحة للعاملين في تلك المؤسسات من اجل جعلهم يشعرون بالأمن الوظيفي وخلق الولاء للمؤسسات التي يعملون لديها، وفي المقابل نرى الأمر يختلف لدينا فالقطاع الخاص ينظر للربح السريع ولا يوجد لديه النفس الطويل ولا الخطط الاستراتيجية في الاستثمار في تدريب الموارد البشرية لديه، وقد يكون عنصر المورد البشري هو أضعف العناصر لدى معظم مؤسسات القطاع الخاص، حيث تعتمد على مورد بشري متغير غير مستقر، فأي مستقبل لتلك المؤسسات؟ قد يكون من الاجحاف القاء اللوم فقط على القطاع الخاص في توظيف الشباب السعودي غير المدرب والاعتماد على العمالة الأجنبية وذلك لقلة الإمكانات عند كثير من مؤسسات القطاع الخاص من أجل الاستثمار في التدريب.
مازلنا في هذا البلد الغالي نعتمد اعتماداً كلياً على العمالة الأجنبية، وفي نفس الوقت مازالت مؤسسات التعليم بعد الثانوي لدينا تقذف بعشرات الآلاف من المتخرجين سنوياً إلى الشوارع دون ان يجدوا من يستقبلهم، فأين تكمن المشكلة؟.
المشكلة وبكل بساطة تكمن في عنصري الخبرة والتأهيل الصحيح غير المتوفرين لدى اولئك الخريجين، فالخبرة غير متوفرة بطبيعة الحال لدى المتخرج الجديد، فمن أين يحصل على الخبرة إذا كان لا يجد من يوظفه، أما عن التأهيل التعليمي فهو كذلك في كثير من الأحيان لا يتلاءم مع متطلبات السوق، وأخص في هذا المقام قطاع تقنية المعلومات أحد أكبر القطاعات لدينا التي تعتمد على الأيدي الاجنبية، ففي الوقت الذي نرى فيه كثيرا من الشباب المؤهلين في هذا القطاع خاصة خريجي المعاهد الأهلية والكليات الفنية يجوبون الشوارع بحثاً عن فرص وظيفية دون جدوى، نرى أكثر من 90% من وظائف تقنية المعلومات في القطاع الخاص مشغولة بأجانب.
وعند الرغبة في البحث عن أسباب هذه المشكلة نرى أنها تكمن في عدم ملاءمة ما يُدرس في تلك المؤسسات لمتطلبات السوق، لهذا لابد من إعادة النظر في رسم خططنا التعليمية ووضع المناهج المتماشية مع وقع العصر والأخذ في الحسبان بأن الوضع الحالي قد تغير عن تلك الأيام التي وُضعت فيها تلك المناهج قبل أكثر من 10 سنوات، فعلى سبيل المثال مازالت بعض المؤسسات التعليمية تدرس مناهج في تقنية الحاسب الآلي تعتمد على برنامج الDOS التشغيلي والتطبيقات التي تعمل في بيئته، فيا ترى عزيزي القارئ أي المؤسسات الحكومية أو مؤسسات القطاع الخاص مازالت تستخدم تلك البرامج هذه الايام؟ انني اكاد اجزم بأن لا احد هذه الأيام يستخدم البرامج التطبيقية التي تعمل تحت بيئة ال DOS وان وجد فنسبة لا يعتد بها، هذا مجرد مثال على بعض المناهج العتيقة التي مازالت تدرس في بعض المؤسسات التعليمية.
كذلك هناك مشكلة أخرى فيما يخص قطاع تقنية المعلومات وذلك في كثرة المتخرجين من الدورات التدريبية من مؤسسات التعليم الأهلي التجاري «وضع أكثر من خط تحت كلمة تجاري» دون فائدة ترجى من أولئك الخريجين، والسبب يعود إلى ان الهدف من تلك الدورات هو الكسب المادي البحت ولا شيء سواه. ان ظاهرة الدورات التدريبية في مجال الحاسب الآلي وكثرة المعاهد التدريبية التجارية التي تمنح تلك الدورات التجارية أصبحت من الكثرة وقلت الجودة لدرجة افقدتها مصداقيتها بحيث ان كثيرا من السير الذاتية المطرزة بتلك الشهادات صار لا يُلقى لها أي اعتبار.
في الأسبوع القادم بإذن الله سوف نحاول مناقشة كيف ان بعض المؤسسات نجحت نجاحاً باهراً في برنامج السعودة وفي الوقت نفسه أخفقت مؤسسات أخرى.
mmshuhri@yahoo.com
|
|
|
|
|