|
| الاقتصادية
أذكر ان احد الزملاء قد تطرق الى صفات المدير الناجح كإشارة خفية مفادها ان غياب كل او معظم صفات ذلك المدير الناجح تولد مديراً فاشلا وتخلق عقبة ادارية امام كل محاولات التطوير الشامل، واذا كنا نعلم بأن القدرة الادارية ليست سوى مزيج من القدرات الشخصية والعلمية التي تخلق الموهبة الادارية وتوجد الفوارق بين المديرين على اختلاف مستوياتهم، فإن من المديرين من يكون عن قصد ذا سلوك ومنهج اداري سيئ على الرغم من معرفته بالحق والباطل وعلى الرغم من قدرته على التمييز بين المنهج الاداري السليم والمنهج الاداري غير السوي، ويمكن ابرز صفات وتصرفات المدير السيىء على النحو التالي:
1 المدير السيىء هو ذلك المدير الذي يهمل الاهداف العامة للجهاز الاداري ويركز على القشور والمظاهر والشكليات ولعل من يهتم بتغيير شكل ولون الآليات المستخدمة وزي العاملين واثاث المكتب والوان الحيطان يكون اول المسجلين في هذه القائمة،
2 المدير السيىء هو ذلك المدير غير القادر على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، ولعل من يخلق حوله بطانة من البشر لا هم لها سوى مصالحها الخاصة ولا عدو لها سوى من يحاول اختراق الحائط المادي والمعنوي الذي خلقته بفضل عجز المدير وضعف بصيرته الادارية يكون اول المسجلين في هذه القائمة، ونضيف هنا ان الكثير من المديرين يقع فريسة للثقة العمياء التي يمنحها لمديري المكاتب حتى يصير الحال الى مدير فعلي هو مدير المكتب ومدير شكلي ورسمي هو المدير المعين مما يخلق بيئة ادارية لا تخدم المصلحة العامة بقدر خدمتها لمصالح البطانة الشخصية، بل إن الامر يكاد يكون اكثر سوءاً عندما تكون البطانة التي تلف عنق المدير بلا رحمة ولا ضمير يمنعها عن محاربة الناجحين الذين يحاولون اصلاح ما يمكن اصلاحه ويمنعها عن سلب حقوق الآخرين المادية والمعنوية،
3 المدير السيىء هو ذلك المدير الذي يحرص من خلال موقعه الاداري على استقطاب ابناء قبيلته او إقليمه بغض النظر عن قدراتهم وكفاءتهم، وفي هذا الخصوص اجد ان من المفترض ان نقف امام كل من يحاول سلوك هذا المنهج الاداري لكونه يتعارض مع التعاليم الشرعية ولكونه يضعف الشعور الوطني لدى المحرومين، يجب ان يعلم الجميع ان المواطن السعودي يتمتع ولله الحمد بالثقة المطلقة ايا كان لونه وايا كانت قبيلته وأيا كان اقليمه الجغرافي وبالتالي فإنهم امام الحق العام سواء لا فرق بينهم سوى بالكفاءة والمقدرة العلمية والادارية التي نص عليها النظام،
4 المدير السيىء هو ذلك المدير الذي لا يكون صادقا مع مرجعه الاداري ولعل من يتخذ النفاق وسيلة لتضليل المسؤولين ومن يخفي واقع الامر عن المسؤولين ويحاول تغطية تقصيره الاداري بقلب الحقائق وتصويرها في غير صورتها الحقيقية يكون اول المسجلين في هذه القائمة، يجب ان نعلم بأنه ليس عيباً ان نكشف الواقع على حقيقته للمسؤولين كما يجب ان نعلم بأنه من غير المنطقي القول دائما بأن كل شيء على ما يرام، فهل يعي بعض مديرينا ذلك؟
5 المديرالسيىء هو ذلك المدير الذي يعتقد ان منصبه الاداري يعطيه الحق في التعامل مع موظفيه بعنجهية ربما تتعدى العلاقات الادارية والعبارات اللفظية المقبولة، وفي هذا الخصوص ارى ان من المفترض ان يكون الموظف والمدير على معرفة تامة بالضوابط النظامية التي تحكم العلاقات الادارية داخل الجهاز الاداري حتى لا نتيح الفرصة للمدير المتسلط وحتى نحمي الموظف الضعيف،
6 المدير السيىء هو ذلك المدير الذي يعتقد ان منصبه الاداري يتيح له الفرصة للتمتع بالمال والحق العام كما يريد، ولعل من يستغل العاملين لديه لخدمة أغراضه ومصالحه الشخصية ومن يستغل الآليات في غير ما خصصت له وفي قضاء مصالحه الخاصة، ومن يكافىء من يحب من العاملين معه بانتداب لا خير ولا فائدة عامة ترجى منه يكون اول المسجلين في هذه القائمة، وهنا اعتقد اننا جميعا نحتاج الى التفريق بين الحق العام والحق الخاص وبين المال العام والمال الخاص حتى لا نصل الى مرحلة نكون فيها كرماء من المال العام وحتى لا نكرس للقناعة المغلوطة لدى البعض بكون المال العام ملكاً للجميع يحق لمن استطاع التصرف ان يتصرف فيه كما يريد،
7 وأسوأ المديرين هو ذلك المدير الذي يحرص على استغلال موقعه الاداري لخدمة اغراضه ومصالحه الخاصة داخل الجهاز الاداري وفي الاجهزة الادارية الاخرى، ولعل من يحاول عندما يكون له مصلحة معك ان يذكرك بمنصبه او رتبته او مرتبته، ومن يعرض عليك خدمته كمقابل للخدمة التي يسعى للحصول عليها يكون اول المسجلين في هذه القائمة،
8 وأسوأ السيئين هو ذلك المدير الذي يشكل مع غيره عصابة ادارية تقوم على قاعدة «شد لي واقطع لك» وكأنهم بذلك قد استحلوا الحق العام بوصاية مطلقة تمكنهم من مساعدة من يريدون ومحاربة من يريدون،
9 وأخيراً وليس آخراً قد يكون من المديرين السيئين ذلك المدير الذي يحاول التركيز على ابراز منجزاته من خلال استغلال علاقته مع وسائل الإعلام المتاحة حتى يخيل للعامة بأن هذا المدير يحقق المستحيل وهو في الواقع يتعامل مع الجزئيات والقشور التي قد تكون في آخر سلم الاولويات،
وبعد ان استعرضنا بعض وليس كل التصرفات والصفات التي تشكل شخصية المدير السيىء، اطرح التساؤلات التالية: هل هذه الفئة من المديرين موجودة بالفعل؟ وما هي العوامل التي تسببت في وجود هذه الفئة؟ ثم هل نستطيع التخلص من هذه الفئة في ظل وجود أنظمتنا الادارية القائمة واسلوبنا الرقابي الحالي؟ اعتقد اننا مطالبون بالتخلص منها ولكن كيف ومتى؟ الله أعلم،
*أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|
