| الثقافية
لا يمكن لنا أن نقيم حالة الثقافة لدينا بوصفها نشاطاً إنسانياً طالما يواجه العديد من الإشكالات والمصاعب والقيود.. بل إن هذه الحالة الإنسانية تكون غالباً في مهب الريح.. لتقتلع جذور الفكرة، وتطوي صفحات الأدب، ويمارس على الابداع نوع من الوصاية لذلك من الأجدى أن نصف )الثقافة الوطنية( أو )الثقافة المحلية( بأنها على الهامش، وتعيش أسوأ مراحلها.. ولا يمكن أن تثير هذه الطروحات هنا أو هناك أي أمل في تماثلها للشفاء.. والعودة إلى مجدها الحقيقي الذي نشأت من أجله.
ولأن مستقبل الثقافة المحلية تعصف به هذه النوائب فمن المؤكد إذاً أن )الهوية الثقافية( ستواجه المأزق ذاته بمعنى أننا سنتحول إلى مجتمع استهلاكي لا يفكر في الثقافة، والإنسان إلا من منطلق واحد هو )المال(.. وهذا إفراز كريه ولدته هذه التدخلات العالمية المهيمنة.
إننا في هذا السياق نفقد الهوية والثقافة، ونتحول شيئاً فشيئاً عن مسلمات وقناعات وقيم ومعارف إلى هذا المسخ الهلامي من قشور الحضارة المادية..
الثقافة المحلية.. أو الوطنية لديها مخزون هائل من التراث والأدب... والعالم من حولك يهرول نحو الاستهلاك حتى إنك ترى انصراف كُتّاب جادين، ومؤلفين بارعين عن هذه الرسالة لغياب أو تغييب الدافع الأساسي لمواصلة العمل، أضف إلى ذلك توقف الدعم المادي الذي تحول بقدرة عجيبة إلى دعم ثقافة الخواء وإعلامية المدح.. وصناعة الكتاب الدعائي غير المتوازن.
من المسؤول عن قتل )الثقافة الوطنية(.. ودفن )الثقافة المحلية( الحيّة، وتمزيق )الهوية الثقافية(؟!.
إننا في حيرة إلى أي جانب نلجأ. ألقوة المال نميل؟ أم ترانا نرتمي في أحضان العولمة..؟
أم أننا نبقى صامدين صامتين حتى يُهال علينا التراب.. ونصبح ذكريات عابرة..
نحن بحاجة فيما يبدو إلى )عولمة محلية( نحاول من خلالها تشخيص إشكالية علاقتنا بالثقافة التي أصبحنا أشد أعدائها..إنني أتساءل بصدق لماذا ينظر إلى الثقافة والأدب والابداع وكأنه شيطان هرم يجب أن نتخلص منه..؟! لماذا هذا التجني الواضح والخفي على الثقافة؟ أليست هي هويتنا وبقائنا..؟! لماذا نحاول التخلص منها والهرب من أمامها وكأنها مارد مخيف.
إنني أعزي نفسي وأتمناها من كائن جميل ينتظر المستقبل.. لكنه لن يأتي إلا وهو يتكىء على الحاضر وحاملاً على كتفيه إرث الماضي.. فكيف به سيكون إذا كان بلا حاضر أو ماض.. ستظل )الهوية الثقافية( هي التي تبني واقع الأمة فإما أن يكونوا أقوياء بثقافتهم أو ضعفاء بخمولهم وكسلهم.
)العولمة المحلية( ستكون صحوة نحو إعادة الحياة للثقافة المحلية وغرساً لبذور الوطنية.. وحصداً لثمار الثقافة الواعية فمتى نقتل خوفنا ونلتفت إلى المعرفة بوصفها هي الهوية والحياة الباقية لنا في ظل هذا الهوس المادي الجامح..؟!
|
|
|
|
|