| مقـالات
من السمات الإنسانية الرائعة التي حبانا الله بها هي سمة الحب والمحبة، فالإنسان بطبعه محب، وهذا ليس بعيب ولا عار، ولكن للبشر طبائع تجعل من هذا الحب شيئا مطلوباً أو مكروهاً، فالإنسان يحب نفسه، ولكن يجب أن يكون لذلك حدود، وإلا أصبحت أنانية وانتهازية، كما أنه يحب ذويه وأهله، وهذا أمر مرغوب، كما أنه يحب دينه ومجتمعه وأمته، وكل هذه أمور حميدة بحيث لا تجعله عنصرياً، أو يتصرف بشكل شاذ يؤذي الآخرين، كما أن الإنسان يحب الأشياء والطبيعة والأعمال الحسنة والحميدة والخصال الطيبة، وكل هذا مطلوب، أما أن يحب بشكل معكوس كأن يحب الصفات السيئة، أو يعمل بشكل غيرمقبول، فهذا أمر آخر، ويبقى كل ذلك مدخلاً لما أردت التعبير عنه.
إن حياتنا وبحكم طبيعتها وطبيعة البشر قد جعلت من أمر المحبة شيئاً يومياً نعايشه، ونراه في كل لحظ وكل سلوك، وبما أن الحياة ومجالاتها ومرافقها تحتوي على مؤسسات وهيئات وتجمعات ودوائر وما شابه، وكلها لها قيادات، وإدارات بشرية يتعامل معهم الآخرون بحكم الحاجة لتصريف أمور الحياة والمجتمع، وهكذا ارتبط الإنسان الموجود على رأس تلك الدائرة، أو هذه بصفاته الخاصة، وكذلك بكرسيه ومنصبه، وقد يطغى الإنسان بصفاته الحميدة، أو لا سمح الله السيئة على منصبه، وقد يحدث العكس بمعنى ان يطغى الكرسي على صاحبه، فلا يرى الناس إلا الكرسي الزائل، وبالتالي يفقد الشخص مكانته وهيبته بمجرد زوال الكرسي، وهذا أمر حاصل عاجلا أم آجلاً.
ولكن قد يكون الأمرمعكوساً بحيث ينظر الإنسان العادي بشكل خاطئ لصاحب المنصب، فيحترمه لكرسيه، ويكيل له المديح والثناء لكرسيه وموقعه الاجتماعي أو المهني، أو أن يحابيه، ويجاريه، ويسايره، منتظرا الفرصة لكي ينقض عليه، ويستخلص الكرسي منه لنفسه، وهكذا فإن نفس الكرسي ونفس الشخص قد يجعلان الناس ينظرون إليهما بشكل مختلف باختلاف البشر وباختلاف الزمان والمكان.
الأمر المهم في حياة أي إنسان يحتل موقعا مميزاً أو ذي علاقة ما بحياة الناس ومشاكلهم وهمومهم هو أن يحصل على محبتهم، ولكن هل هذا أمر سهل؟ بالتأكيدلا، وحتى السلاطين والجبابرة ربما يعجزون عن تحقيق ذلك، فما بالك بالذين يظنون انهم قادرون على شراء الضمائر بمواقعهم الوظيفية، أو بمالهم، بالتأكيد سلوكهم خاطئ ومحدد بزمن ومكان معين، ولا تلبث ان تنقشع الغيوم لتظهر الحقائق والوقائع جلية ناصعة شديدة الوضوح.
ولكن مَنْ أراد ان يستثمر في حقل حب الناس، فعليه باختصار ان يسلك سلوكاً وحيداً لا ثاني له، ألا وهو الالتزام بالخط القويم الذي أراده الله للبشر، فهو بذلك يمثل السلوك المثالي، والنهج السليم، والتصرف الصحيح، سيكون خلقه بلا شك على خير ما يكون، وسيكون صدره رحبا واسعا، وسيكون العدل سلاحه، والخير عمله وديدنه، وكذلك فإن يده تصبح مفتاحاً للأعمال الصالحة، وخطواته كلها مباركة تسير به وبمن حوله نحو الخير والتقدم والازدهار، وإنسان كهذا لابد انه منتصر في مجال المحبة، وبالتأكيد سيحصل على المحبة بشكلها السليم والصحيح رغم وجود الحاقدين والحاسدين الذين لا يريحهم إنسان كهذا، ولكن الزمان والمكان سينصفانه، وسيعرف الجميع عاجلاً أو آجلاً قيمة هذه الجوهرة البشرية، أما الجزاء الأوفى فهو عند رب العباد سبحانه الذي يرى سلوكنا في الليل والنهار، ويعلم ما تكن النفوس وما تخفي الصدور.
الوصفة بسيطة، أما تطبيقها فلا يستطيعه إلا من هداه الله، إنا باختصار الإسلام الحنيف ففي ظلاله السعادة كل السعادة، وهذه هي مفاتيح المحبة، والله من وراء القصد.
alomari1420@yahoo.com
|
|
|
|
|