| مقـالات
عندما نتحدث عن جهود الدولة أيدها الله بتوفيقه لخدمة ضيوف الرحمن، فإننا لا نتحدث عنها لكوننا سعوديين نحب بلادنا ونحترم قيادتنا، ولكن الحديث عن تلك الجهود هو نقل لواقع مشرف بذلت هذه البلاد كل امكانياتها لتيسير الحج على الأمة الإسلامية ليتمكن الحجاج من اداء الحج بأمن وأمان. ولا أعتقد أن دولة مهما كانت امكانياتها قادرة على استيعاب ملايين من البشر في ايام معدودة وفي مكان محدود المساحة بالصورة التي عليها الحج في واقعنا المعاش، إنه قدر هذه البلاد أرضاً وشعباً وقيادةً ان تكون قبلة المسلمين والاتجاه نحوها خمس مرات في اليوم، لاداء الصلاة، وشد الرحال مرة في السنة أو أكثر لاداء العمرة ومن ثم تواجد ملايين البشر في زمن محدد غير قابل للتمدد أو التوسع في ايام محدودة ومعدودة وفي ارض جغرافية محددة لا قبل لأحد في توسيعها بهدف أداء مناسك الحج.
الدول الكبرى تضيق عليها الارض بما رحبت عندما تنظم في أراضيها مباراة قارية فكيف بالأمة العربية والاسلامية وهي تتجه لمكة المكرمة وتتواجد في )منى( تلك الأرض الصغيرة ومن ثم عرفات ومزدلفة ما بين اربعة ايام وثلاثة ومطلوب من الجميع التحرك سوياً تقريباً لاداء شعيرة الحج.
إن من يرى ليس كمن سمع إنه والله لأمر عظيم ومهيب تقصر عن تيسيره وتنظيمه بالصورة الاسلامية أقوى الدول واكبرها.
إن ما يحدث في الاراضي المقدسة معجزة بكل المقاييس وتوفيق الله والنية الصادقة التي تبتغي وجه الله سبحانه وتعالى هما اللذان وفقا حكومة المملكة العربية السعودية، لإنجاز المسلمين ركنا من أهم اركان الاسلام وهو الحج.
ان هذه المعجزة لم تتحقق لولا العمل الجبار الخلاق الذي قامت به حكومة هذه البلاد.. لقد انفقت هذه الحكومة منذ اعتلاء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يحفظه الله حكم هذه البلاد اكثر من )72( اثنين وسبعين مليار دولار في مشاريع مرتبطة بالحج في مكة المكرمة والمدينة المنورة من بينها مشاريع توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي، وفي العقد الأخير وحده، انفقت المملكة العربية السعودية مليارات الدولارات في مئات من مشاريع البنية التحتية في مواقع «العاصمة المقدسة».
وكما هو معروف فإن مساحة مكة المكرمة على الرغم من صغرها فإن الجبال الكبيرة تفصل بينها مما يتعذر معه الانتقال من مساحة لأخرى إلا بالالتفاف على الجبال عبر مسالك بعيدة ووعرة تكلف من الوقت والجهد الكثير، وتجعل الوصول للحرم والكعبة المشرفة أو منى، صعبا للغاية قد يأخذ الساعات في المواسم العادية فكيف يكون الحال في موسم الحج وقد امتلأت مكة المكرمة بملايين البشر؟!
لقد قامت هذه الدولة باختراق هذه الجبال عبر انفاق محفورة داخلها لربط المساحات الجغرافية بعضها ببعض وفق تخطيط هندسي عالي المستوى، وصرفت عليها مئات الملايين من الدولارات لتحقيق هذا الانجاز بهدف التيسير على ضيوف الرحمن.
الدولة السعودية قامت بواجبها تجاه المسلمين الراغبين في اداء الحج وبقي على الدول الاسلامية ان تقوم بواجبها الذي لا يتجاوزتوعية حجاجها بمراعاة إخوانهم الآخرين الذين شدوا الرحال من بلدانهم لاداء هذه الشعيرة بخشوع وإيمان.
فالمطلوب فقط هو اشعار حجاجهم بالرفق بالمسلمين الضعفاء الطائفين ببيت الله الحرام والراجمين للشيطان الرجيم وعدم الدفع بهم ليكونوا تحت الاقدام ليفترسهم الموت بقسوة الدائسين عليهم بالاقدام.
كيف يهون على الحاج التسبب في موت أخيه الحاج وهو قد شد رحاله لرضاء المولى عز وجل وهو ضيف الله جل جلاله؟!
لقد رأيت بعض الحجاج وهم يحيطون أنفسهم بعشرات )الفتوات( لا إحرام عليهم، يدفعون الحجاج الآخرين دفعاً شرساً لا خشوع فيه بالمرة فمن جاء الى جانبهم ضربوه بأكواعهم وأيديهم ليسقط على الأرض والبقية معروفة وهي السقوط والدهس بالارجل.. فهل هذا هو الحج لدى هؤلاء الدافعين هداهم الله؟! إنهم يرتكبون القتل للآخرين، ويمنعون ضيوف الرحمن من اداء مناسك الحج بأمان وخشوع في سبيل آن تكون الساحات خالية لهم وحدهم. ولا حول ولا قوة الا بالله.
إن الدول الإسلامية مطالبة بتوعية هؤلاء الناس واشعارهم ان تصرفاتهم هذه تفسد عليهم حجهم وفيها إثم عظيم.
|
|
|
|
|