| فنون مسرحية
«الهدر» تعبير ينسل من عالم الاقتصاد ليحط في خانات المسرح مع الإماراتية عائشة سلطان في مقالة أخيرة لملحق «البيان» الثقافي، ليصبح معها «الهدر المسرحي» تمييزاً لهذا الوجع المتنامي في ذاكرة المسرحيين.
بهذا التعبير يأخذ الحديث عن المسرح وجهاً مشابهاً لمثيله من المقول اليومي الذي نعكف على تكراره عن هدر المياه وأشكال الطاقة الأخرى، فأن نهدر المسرح يعني ان نفتح الباب على احتمال نضوبه كلياً.
أرادت من مقالتها تلك ان ترفع الصوت بالشكاية من تجاهل الإعلام الإماراتي لتظاهرة مسرحية بحجم أيام الشارقة المسرحية والتي تخصص لها قناة الشارقة وحدها رسالة يومية، علاوة على الندوات واللقاءات الحيّة، وبث العروض بكاملها في أجواء المهرجان، كما أن هناك الصحافة اليومية التي تنشغل طيلة المهرجان بتتبع هذا الحدث المسرحي اللافت، تسهم بقدر مناسب في جعل القارئ قادراً على معرفة التفاصيل المناسبة ومتابعتها.
كل هذا الاعتناء الإعلامي لم ينجح في إرضاء الكاتبة على اعتبار ان نشاط هذه الأجهزة يرتبط بالمظاهر الاحتفالية المؤقتة، دون أن يأخذ المسرح إلى مساحة الضوء أو أن يسهم في ترسيخ حضوره إعلامياً عبر تقديمه مادة رئيسية على أجندة القنوات المتعددة في إمارات الدولة.
هذا التصعيد يبدو لمثلنا مبالغة بامتياز، خاصة ونحن لا نلمس تواصلاً لأي قناة إعلامية مع المسرح، لا في المهرجانات، ولا حتى في خارجها، مجرد تسجيلات، واقتطافات توثيقية من هذا العرض، وذاك، لا تعرفها إلا أرفف الأرشفة في تلفزيوننا الكريم النائم في الجوار.
تبدو على مقالتها مسحة مبالغة لأن أحلام المسرحيين عندنا لم تصل إلى ذلك القدر المتوافر هناك، ونقول مطمئنين إ ن تقديم خبر مسرحي على الشاشة الفضية قد يعد فتحاً مسرحياً عندنا، أو بالأحرى زيادة في إكرام المسرحيين.
كان ومازال على المسرحي المحلي أن يناجي الجهات الإعلامية في كل مرة يستقبل أو يستدبر فيها حدثاً مسرحياً، وهو أقل جنوحاً صوب التفاؤل في ذلك، حتى إن أحدهم ما زال يزاول نشر المناجاة ذاتها مع بعض التعديلات عند مرور مناسباتنا المسرحية.
العجيب أن ثمة مسافة واسعة بين المشهدين المسرحيين، الإماراتي والسعودي، غير أن الشكاية واحدة، والمخاوف تنطلق من جذر واحد، وهو احتمال أن يؤول المسرح بصورة كلية إلى النسيان.
وبتصور الجهد والوقت المصروف في هذه العروض، تصبح لتلك المخاوف مبرراتها الحقيقية لدى الطرفين، وان كانت عروضنا أكثر تواضعاً وأقل كثافة، إلا أنها بالقياس إلى اشتراطات الإنتاج المحلي وظروفه فإن بنية العلاقة بين الاثنين تميل إلى التشابه النسبي..
تتشابه على وجه الخصوص في تحديد قصور الآلية الإعلامية وغيابها، وفيما تحمله في طياتها من تداعيات انقطاع المسرح عن الاتصال بالجمهور عبر الأقنية الإعلامية، الأمر الذي يضغط في اتجاه تضييق نطاق التواصل وخياراته بين المشهد المسرحي والاجتماعي، وبالتالي يترك شعوراً مشتركاً بضرورة إيجاد موقف إعلامي مسؤول تجاه المسرح يوقف هذا النزف المرير لنشاط يغدو نادراً في لحظات تدفقه.
هذه الصورة من عدم الاكتراث إعلامياً بشأن المسرح تتجلى كأحد المسببات الفاعلة في هدر الطاقة المسرحية، وتأزيم الوضع المسرحي الذي لا تنمو فيه الإحالات الإحباط والشعور باللا جدوى
فهل للإعلام أن يستيقظ من إغفاءته الطويلة ..؟
أثير السادة
Atheer93@hotmail.com
|
|
|
|
|