| العالم اليوم
بين ليلة وضحاها أصبحت أفغانستان مقصداً للعديد من الوسطاء والمبعوثين الدوليين من ساسة وممثلي منظمات دولية ورجال دين وجميعهم هدفهم منع زعماء حركة طالبان من تدمير تماثيل بوذا.
وهكذا تحولت أفغانستان المنبوذة دولياً إلى مقصد شخصيات عالمية ما كان لها أن تترك مدنها ومقرات عملها لولا الحجارة... في حين ظلت ولا تزال قابعة دون حراك رغم أن عشرات الأطفال والرجال والنساء يقتلون في فلسطين... ويموتون في أفغانستان نفسها بسبب الجفاف.. وقتال الأفغانيين أنفسهم.
ودون الدخول في متاهات الإجراء الذي أقدم عليه زعماء حركة طالبان وهل له أبعاد سياسية فضلاً عن مبرراته الشرعية فهذا من شأن العلماء إلا أن البعد السياسي وإن كان قادة طالبان قد فكروا في استثمار ذلك سياسياً فإنهم قد نجحوا في انتزاع القادة السياسيين والدينيين من مقراتهم الوفيرة للتوسط لإنقاذ الحجارة في حين كانوا غائبين عن إنقاذ الإنسان مؤكدين سواء بوعي أو دون وعي التأثير المادي للحضارة المعاصرة المتأثرة بالحضارة الغربية التي تعطي تفضيلاً للمادة على الروح، وإلا كيف نفسر هذه الضجة علي تدمير تماثيل بوذا وهي في المحصلة النهائية منحوتات حجرية في حين لم نشاهد السيد كوفي عنان يتحرك مثلاً لانقاذ أطفال فلسطين وأهلها الذين يموتون يومياً.
والأمر مثله بالنسبة لأهل أفغانستان الذين يتساقطون يومياً موتى بسبب الجوع والجفاف.. والقتال المتواصل بين الفرقاء هناك..
هل انقاذ التماثيل أهم من إنقاذ الإنسان...؟!!
وهل الحجارة أهم من الروح..؟!!
وعلى الذين يتباكون الآن على انقاذ حضارة أفغانستان والتراث الإنساني الذي تدمره حركة طالبان ان يقرنوا تحركهم على الأقل بإنقاذ الإنسان الأفغاني الذي يتعرض للانقراض بعد أن انضمت الظروف المناخية الشديدة القسوة لظلم الإنسان فمن جهة يتعرض الأفغانيون للتقتيل على أيدي أمراء القتال هناك .. تحاصرهم اجراءات الحصار والعزل الدولي فهل نجد تحركا إنسانيا ممن يزورون أفغانستان الآن للاهتمام بالإنسان هناك مثل اهتمامهم بالحجارة..؟!!
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|