| الاخيــرة
)1(
* يتحدث الناس هذه الأيام في مجالسهم وعبر الاعلام المسموع والمكتوب عن معاناة الشاب والشابة بحثاً عن الوظيفة، وأرى ان لهذه الظاهرة مسؤولية يتقاسمها اكثر من طرف.
* فالمجتمع بأسره شريك رئيسي في التعامل مع هذه المشكلة تشخصيا وحلاً، لا الدولة وحدها، او الافراد.
* والدولة، من جهتها، وفرت للشاب والشابة فرصة التعليم الجامعي وغير الجامعي عبر ثماني جامعات وعشرات الكليات والمعاهد المتخصصة، مدنية وعسكرية.
ü والدولة دعمت رغبة الشاب في التعليم الجامعي، على نحو لامثيل له في كثير من الدول القريبة والبعيدة، ونحن نكاد نكون البلد الوحيد في العالم الذي يمنح الشاب مجانية التعليم العالي، وفي الوقت نفسه، يمنحه مكافأة شهرية حتى يتخرج ومن ثم يفترض ان يبذل الشاب جهدا في استثمار تعليمه عمليا وتنضم معه فعاليات القطاع الخاص، شركات ومؤسسات وافراداً، والا توكل المهمة للدولة وحدها!
* من ناحية اخرى، الشاب، ومعه وليه ومن يعنيه امره، يخطئون حين يحصرون خيار المستقبل في العثور على مقعد في اي كلية واي تخصص في اي مكان، ليجد الشاب نفسه فيما بعد عالة على نفسه وعلى وليه ومجتمعه!
* والدولة في المقابل مطالبة بايجاد قنوات اخرى غير الجامعات، لتأهيل واعادة تأهيل الشباب في المجالات التي لاتلبي الجامعات احتياجها، كالتخصصات الخدمية والتقنية والمهنية المختلفة.
* اذن، فالمسؤولية امة بكاملها، والقول بغير هذا هو من تأويل الاحاديث!
)2(
* المثقفون مستهدفون حين يتهمون بالازدواجية في القول والعمل. وهذا امر يمكن الاخذ به جزءاً لا كلا، بمعنى ان تعميم هذا الحكم على كل المثقفين يحمل قدراً كبيراً من الاجحاف.
* نعم.. هناك من المثقفين من يعظ ضد الفساد، والله به خبير!
* وهناك منهم من ينتقد الاسراف في وسائل العيش، وهو سيد المسرفين!
* وهناك من يتغنى بالوطن حبا وولاء، وهو الذي يجرح وطنه واهله بسلوكياته!
* وهناك من يتحدث غيرة على الامن المروري، وهو من اشد العابثين!
* اجل الازدواجية طبع وتطبع في منظومة انسان هذا العصر، المثقف وغير المثقف، لكن تعميم هذا الحكم على الكل مشكلة اخرى!
* اما لماذا هذه الازدواجية، فمسألة تؤرق خبراء النفس والمجتمع، وهي تتطلب تأملاً عاقلاً وعادلاً وطويلاً للخروج برؤية تقرب صاحبها من الحقيقة، وتنأى به عن الظن.. الذي لايغني من الحق شيئاً!
* جزء من المشكلة في تقديري المتواضع، يعود الى مايشهده هذا الجيل من تباين بين حلمه الذي لاحدود له، وامكاناته التي تقيدها أغلال المادة والزمان و المكان والخبرة، ومن هنا، تأتي الازدواجية احياناً تعبيراً عن الفجوة بين ما )يجب ان يكون( وما )يمكن ان يكون(!
)3(
* من هم اصدقاؤك؟
* سؤال يفتن سمعي بين الحين والآخر، ورداً على ذلك اقول:
* اصدقائي.. هم اولئك الذين عرفوني وعرفتهم قبل المنصب بزمن بعيد.. وخلاله وبعده، ظلوا اوفياء لي، ظنا وتعاملاً، وأطمع ألا يغير موقفهم مني زوالُ منصبٍ، ولا وهَنُ عُمرٍ، ولا تراكمُ سنين!
* واصدقائي.. هم اولئك الذي اصْطفيهم ويصْطفونني، لايطعمون فيما عندي، ولا أطمع فيما لديهم!
* اما اولئك الذين )يوظّفون( الصداقة لمآرب اخرى، فالتقي بهم على قارعة الحياة بين حين وآخر، لكنهم سرعان ماينحسرون، كما تنحسر الشمس نحو المغيب، سواء تحقّق لهم الأربُ ام لا!
* كل ما أتمناه في خريف العمر.. ان يتذكرني الناس ذات يوم، اصدقاءُ ومنتفعون وعابرو سبيل بما فعلتُ، داخل جدران الوظيفة وخارجها، وان يكون بعض مافعلت شاهدا لي لا عليّ!
|
|
|
|
|