| القرية الالكترونية
في الحلقة الماضية قلنا: ان في التخصصات المتعلقة باستخدام الحاسب الآلي توجد مشاكل بسبب طبيعة منهجيات ومواد تلك التخصصات فهي بحاجة إلى اعادة النظر وبحاجة إلى التغيير بشكل مستمر لمواكبة ما يجري على أرض الواقع وتوجد مشكلة أخرى بعد تغيير مواد ومحتويات تلك التخصصات، وهي انه حتى بعد التغيير في منهجيات هذه الأقسام والتخصصات فإن عملية التغيير هذه تتأثر بالروتين الحكومي، أي أن إقرار تلك التغييرات يخضع لموافقات روتينية كثيرة تتطلب الوقت الكبير الذي يعني انه في حالة إقرارها ستكون المنهجية قد تقادمت بعض الشيء.
وأما المشكلة الثالثة فهي بالنسبة للمدرسين والأساتذة وأعضاء هيئة التدريس المخولين للتدريس والتدريب في تلك الأقسام، حيث تتقادم خبرتهم ومعلوماتهم بصورة سريعة جداً للدرجة التي قد تجعل بعض طلابهم يتفوقون عليهم في معرفتهم بهذه التقنيات والبرمجيات الحديثة.. إن لم يقوموا بإعادة تأهيل أنفسهم وتطويرها باستمرار، ولذلك فهذه المشاكل تدعونا إلى ايجاد حل لهذه المعضلات التي تفتك بهذه العلوم والتخصصات المهمة.
ولذلك فبالنسبة للمنهجيات فيمكن التغلب على تغييراتها السريعة بوضع المحتويات العامة التي لا تفصح عن الطريقة الدقيقة المستخدمة كعدم تحديد البرمجيات واللغات البرمجية باسمها صريحاً ليكون أمام الاستاذ وعضو هيئة التدريس المجال في اتباع الطريقة او التقنية او اللغة البرمجية الأحدث.
وأما الروتين الحكومي فيمكن تفاديه بوضع القرارات الحكومية التي تؤكد الاسراع في المعاملات والاجراءات الحكومية المتعلقة بالتخصصات العلمية ذات العلاقة بالحاسب الآلي.
وأما المدرسون وأعضاء هيئة التدريس والمتخصصون في هذه المجالات فأمامهم أمران أحلاهما مر:
الأول: وهو الإبقاء على معلوماتهم وخبراتهم على ما كانت عليه أثناء تخرجهم مع العلم ان هذه الخبرة والمعرفة تتقادم في خلال شهور بسيطة ثم تتحول بعدها الشهادة أو الشهادات التي حصل عليها إلى مجرد شهادة وقتية تفقد قوتها ورونقها مع انتهاء التقنيات والبرمجيات التي منحت من أجلها.
الأمر الثاني هو تطوير معلوماتهم وتحديثها اولا بأول عن طريق الركض واللهاث وراء كل جديد في هذه التقنيات مع ان هذا قد يستهلك الكثير من الوقت ويجعل الأستاذ في حالة ركض دائم حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا كأن يتقاعد الاستاذ او ينتقل إلى الدار الآخرة.
وللمقارنة بين هاتين الطريقتين السابقتين يجب ان نوضح ان مهمة الاستاذ والمدرس ومن هم على شاكلته هو تعليم هؤلاء الطلاب الصغار وتنمية قدراتهم فيما ينفعهم وإذا كانت الكثير من هذه التقنيات والبرمجيات قد انقرضت وانتهت فلا هناك داع لتعليمهم عليها، وستكون بمثابة الغش وتضييع الوقت وخيانة للأمانة التي انيطت بهم وهذه التكلفة المرافقة لإعادة التأهيل هي ضريبة يجب على الاستاذ دفعها ثمنا لقربه من هذه التخصصات السريعة التطور.
إذاً لا مفر من اختيار الأمر الثاني وهو تحديث هذه المعلومات وتطويرها اولا بأول على الرغم من المشاكل التي قد يواجهها الأستاذ والمدرس لتحديث معلوماته، اولى هذه المشاكل هو ان بعض الاساتذة والمدرسين قد يمتعض ويتثاقل الجلوس مرة اخرى على كراسي الدراسة لتلقي العلم في هذه التقنيات الحديثة على أيدي الآخرين الذين قد يكونون من بعض طلابه، وفي هذه الحالة نجد انها عملية تعليم عكسية حيث قد يكون المعلم هو الطالب او الخريج الجديد والطالب هو الاستاذ.
ولا يوجد أي عيب أو مشكلة في ذلك حيث اخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن أهمية طلب العلم وعن الأمور التي يجب ان يتحلى بها طالب العلم ولو كان بروفيسورا حيث قال فيما معنى الحديث «لا ينال العلم متكبر او مستحي» إشارة إلي ان التفوق في التعليم يتطلب التواضع وطلب العلم من الآخرين بدون تكبر ولو كانوا اصغر سناً او اقل وضعاً اجتماعياً او وجاهاً أو مركزاً ويتطلب أيضاً سؤال العلماء وطلاب العلم ومن عندهم علم بشكل دائم وبدون حياء وخاصة ان العلوم الإلكترونية والتقنية بالذات يستحيل الاحاطة بها عند شخص واحد فهي اكبر من ان يحيط بها إنسان أو مجموعة أفراد.
|
|
|
|
|