| مقـالات
تطورت وسائل الإعلام وواكبها الإنسان في التطور حتى أصبح عصرنا الحالي عصر ثورة الاتصالات، وأصبح لدينا أنواع مختلفة من الوسائل الإعلامية. ومن هذا التطور السريع في عالم تكنولوجيا الاتصالات، استطاع المشاهد أو المستقبل أن يستقبل البرامج والمواد الإعلامية والمعلومات بعدة لغات مختلفة مع اختلاف الثقافات والبيئات وطرق الحياة الاجتماعية والعادات والتقاليد. وعلى الرغم من الحدود والاختلافات القانونية الدولية القائمة الي تفصل بين الدول، إلا انه بفضل تطور وسائل الاتصالات وتقدمها أصبح العالم يعيش في )قرية صغيرة( واحدة.. فالتكنولوجيا الحديثة وتنظيم الاتصالات جعلت المعلومات تصل الى أي جزء من أجزاء العالم في وقت قصير. لقد شهد العالم تطوراً سريعاً في عالم تكنولوجيا تقنية شبكة إنترنت Inter Net الدولية التي تقوم بوظائف مميزة لخدمة البشرية في الحياة اليومية، فقد جمعت تكنولوجيا )الإنترنت( جميع وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة والمرئية. وأصبح هناك اتصال مباشر بالصوت والصورة عبر شبكات )الإنترنت(.
خدمة )الإنترنت( هي خدمات دولية للمعلومات تنقل المعلومة بسرعة حيث ترسل الصور والنصوص واللقطات الحية والموسيقى والأغاني عبر شاشات جهاز الإنترنت. فقد تمكنت خدمات )الإنترنت( من السيطرة والتحكم في المعلومات مع انتشارها السريع.. وأنني أشبه شبكات )الإنترنت( مثل الإخطبوط الإعلامي ليس له حدود بل يعبر القارات ويتنقل من مكان إلى مكان بدون تأشيرة دخول أو خروج أو استئذان أو سماح بدخول المنازل بجميع قوانينه وبرامجه الإيجابية والسلبية التي لا تعرف الاحترام أو التقدير للعادات أو التقاليد الاجتماعية. وهناك عدة دراسات غربية تم إعدادها عن سلبيات خدمة )الإنترنت( حيث اتضح من هذه الدراسات بأن هناك مشكلة اجتماعية تعاني منها بعض المجتمعات في العالم وهي مشكلة )الإدمان في استخدام الإنترنت( من قبل الشباب )ذكور وإناث(. وهناك قصة حدثت في اليابان عن سلبيات )الإنترنت( هذه القصة تم نشرها في جريدة ا لرياض في عددها )11938( وتاريخ 6/12/1421ه الموافق 1/3/2001م، وكان الخبر منقولاً عن وكالة الأنباء اليابانية طوكيو : أ.ف.ب عن )الإنترنت( في اليابان، وكان الخبر يتحدث عن شابتين يابانيتين قامتا بعملية انتحار عن طريق الاتصال عبر )الإنترنت(. )أحداث القصة، اقتباس مباشر من جريدة الرياض صفحة 31( «أعلنت مصادر الشرطة والصحافة ان الشابتين )14 ، 17 عاماً( أدخلتا المستشفى .. بعد ما قفزتا من الطابق الرابع لأحد المباني )فوكيوكا( على بعد )900 كيلو متر( جنوب غرب )طوكيو( . قال ناطق باسم شرطة )فوكيوكا( ان )الجيران عثروا على الفتاتين غارقتين في الدماء.. وقد نقلتا على الفور الى مستشفى قريب وحالتهما خطرة. وذكرت وكالة أنباء )جيجي برس( ) إن الطالبة البالغة من العمر )14( عاما كانت قد تحدثت لزميلتها عن رغبتها في الانتحار وقالت لها )أريد قتل نفسي بسبب ما حصل لصديقتي التي أراسلها عبر البريد الإلكروني( وقالت وسائل إعلام أخرى ان الشابة البالغة من العمر )17( عاما كانت بعثت برسائل عبر )الإنترنت( الى صديقتها أخيرا تخبرها فيها عن مشاكلها الشخصية. وفي تشرين الأول )أكتوبر( انتحر رجل وامرأة معا اثر تعارفهما بواسطة موقع على )الإنترنت( يتحدث عن الانتحار في )فوكوي( في الوسط الشمالي لليابان» )جريدة الرياض ، صفحة 31(.
وهكذا، نلاحظ ان هذه القصص والأحداث أصبحت واقعية وصحيحة في المجتمعات العالمية. ونحن نعلم.. بأن المجتمع الياباني مجتمع محافظ جدا في عاداته وتقاليده والحياة الاجتاعية في اليابان لها شروطها وأسلوبها في الحياة، ولكن تأثير )الإنترنت( كان أقوى من ذلك. وهناك تجانس بيننا وبين المجتمع الياباني، حيث نجد ان بعض العادات والتقاليد في اليابان تشبه بعض العادات والتقاليد في الوطن العربي من ناحية أسلوب الحياة العائلية، ولكن عالم التكنولوجيا والاتصالات والمدنية جعلت المجتمع الياباني يفتح أبوابه من جميع النواحي أمام )الإنترنت( بدون رقيب. وانتم تعلمون.. وتلاحظون.. بأن خدمات )الإنترنت( تلعب دورا سلبيا في السيطرة على أوقات شبابنا )ذكوراً وإناثاً( الذين أفرطرا في استخدامه بدون إحساس بقيمة أوقاتهم. فالتأثيرات الأيدلوجية التي تقوم بها هذه الخدمات هي التحكم بمشاعر وإحساسات أطفالنا وشبابنا الذين يعيشون في سن المراهقة، وإخضاعهم بأسلوب مغر يؤدي الى الوقوع في الأخطاء الاجتماعية الخارجة عن أسلوب حياتهم الاجتماعية وذلك عن طريق المحادثات )Chat( الغزلية بين الجنسين.
طبعا.. هذا الأسلوب خارج عن العادات والتقاليد المعروفة في مجتمعنا. فالسهر طول الليل.. وانشغال أجهزة التلفونات طول الوقت.. وحرق الأعصاب والإحساس والشعور بالحب المجهول عبر الرسائل الغرامية المكتوبة والصوتية بدون معرفة نوعية الشخصية.
قد زادت أهمية )الإنترنت( عند الشباب مما جعلهم لا يستغنون عنه في حياتهم اليومية.. فإذا لم .. يستخدموه يحسون بالوحدة والعزلة ويتلهفون للرجوع إليه كما يتلهف الطفل الرضيع الى أمه من أجل الحليب. فنجد أنهم يعيشون في عزلة عن أفراد عائلتهم ولا يجتمعون معهم في مناسباتهم الاجتماعية بل معظم أوقاتهم في غرفهم يتحدثون ويضحكون ويلعبون ويفتحون قلوبهم وأسرارهم الشخصية ويشرحون رغباتهم بكل جرأة وتقبل بدون الإحساس )بالخجل( الذي كان يسيطر عليهم أمام أفراد عوائلهم عندما يدور الحديث بينهم، وقد أصابهم داء الحب المجهول والغرام من خلال جهاز الكمبيوتر )الإنترنت( الذي أفقدهم صفة الأدب والأخلاق واحترام النفس الذي تعودوا عليه من خلال تربيتهم. ونجد بعض الشباب ليس لديهم القدرة على ضبط النفس والتحكم في استخدام جهاز الكمبيوتر )الحاسب الآلي(. فأمام هذا الجهاز يكونون ضعيفي الشخصية من أجل سد الفراغ والوحدة.. ولا يستطيعون الاستغناء عنه بل اصبح صديقهم الوحيد الذي يثقون فيه ويصاحبهم طوال أيام الأسابيع مما جعلهم يقصرون في أداء واجباتهم الدراسية في المدرسة أو القيام بواجباتهم الدينية خاصة في أداء فروض الصلاة في أوقاتها. فقد ارتفعت التكاليف المالية الخاصة بمصاريف المنزل، فمن يدفع فاتورة التلفون وفاتورة الاشتراك وفاتورة الكهرباء منذ ان وقع الشاب في حب جهاز الكمبيوتر )الإنترنت( ولكن ليس من المهم من يقوم بدفع الفواتير ما دام الحب الوهمي والخيالي يسيطر ويعيش في قلوب هؤلاء الشباب أصحاب القلوب الرقيقة والطيبة والضعيفة والعطشانة في البحث عن علاقات من أجل سد الفراغ وتفريغ ما في الصدور من شعور وإحساس.. الشباب الذي يعيش في مجتمعات تحكمها عادات وتقاليد لها إيجابياتها وإحتراماتها وتقديرها وتأثيرها الإسلامي. وأنا اعتقد.. وبكل صراحة.. أننا نحتاج الى إيجاد حملة إعلامية علمية صحية تقوم بالترشيد والإيضاح عن أضرار سيطرة جهاز )الإنترنت( على السلوك النفسي والاجتماعي عند الشباب لأنه مرض يصيبهم ويجعلهم يحسون بمرض العزلة والتوهم العصبي والانفراد والازدواجية في الشخصية والإحساس بالحب والصداقة غير الحقيقية والابتعاد عن الواقع الذي يعيشون فيه.. وعدم الثقة في أحد، ما عدا الأشخاص الذين يبادلونهم الاتصالات والرسائل الغرامية الوهمية عبر شبكات )الإنترنت( التي ليس لها مردود أو فائدة بل مضيعة للوقت والأموال من أجل التسلية والترفيه. يجب دراسة وضع شبابنا دراسة علمية كما يجب علينا وضع حد لاستخدام جهاز الكمبيوتر وبرامج )الإنترنت( وشرح أهمية هذا الجهاز وأهدافه.. ومتى نستخدمه.. ومتي نستغني عنه. طبعا.. نحن نعلم وندرك.. أن معظم الحملات التي نراها عن )الإنترنت( حملات تجارية تسويقية وترويجية لخدمات )الإنترنت( من أجل المكسب المالي فقط، فقد كثرت المقاهي في هذا المجال، وأصبح لدينا أسواق متخصصة ومتنافسة في تقديم هذه الخدمات بدون الادراك أو التعقل أو ا لتفكير في العواقب السلبية التي تصيب الشباب من استخدام هذه الخدمة بدون هدف في المستقبل. وكذلك نحن.. لا ننكر بأن )الإنترنت( له فوائد وأفضال وإيجابيات كثيرة في جميع المجالات العلمية والعملية والاجتماعية، ولكن يجب علينا الحذر من سيطرته على سلوك وإحساسات شبابنا النفسية والاجتماعية، خاصة الذين يعيشون في سن المراهقة )من 13 20( في عصرنا هذا وقد قيل: )الشيء إذا زاد عن حده ينقلب إلى ضده(، )وخير الأمور أوسطها(.
|
|
|
|
|