| مقـالات
كان عام 1419ه عاماً حافلاً بالعطاء الفكري الذي واكب مناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، وجامعة الملك سعود واحدة من أهم المؤسسات العلمية والبحثية التي كانت لها جهود مميزة في المناسبة المئوية، فقد كان لأساتذتها حضور في اللجان العاملة في هذه المناسبة، وأسهمت بجهد وافر في إعداد وتنفيذ أطلس المملكة العربية السعودية «الجغرافي» الذي تعاونت على اصداره وزارة التعليم العالي ممثلة في الجامعات السعودية، والأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة، ودارة الملك عبد العزيز وجهات أخرى.
كما أن جامعة الملك سعود أخذت على عاتقها مسؤولية اصدار عدد من المطبوعات التي تبرز المناسبة المئوية، وتسلط الضوء على الانجازات التي شهدتها هذه البلاد خلال قرن من الزمان، من خلال السرد التاريخي والتحليل الموضوعي.
ومن الكتب التي أعدت لمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية:
كتاب «جامعة الملك سعود منارة في مسيرة المائة عام» أعدته لجنة الكتاب الوثائقي عن تاريخ الجامعة، وسجلت فيه ما يمكن تسجيله من التطورات التي رافقت نمو الجامعة منذ تأسيسها الى اليوم، حريصة على حفر الماضي بحثاً عن البذرات الأولى في عميلة النمو الكمي والنوعي.
تحدث الكتاب عن نشأة الجامعة وهيكلها الاداري والتنظيمي وطبيعة عملها وأهدافها، وتطور كلياتها كما ونوعاً، وتحدث عن مراكز البحث والخدمات المقدمة، والعمادات والوحدات المساندة.
والجميل حقا ان الكتاب خصص فصلا مستقلاً للحديث عن الجامعة والمجتمع، استعرض فيه خدمات التعليم المستمر والمستشفيات الجامعية ومعهد البحوث، مما يوحي بوعي معدي الكتاب بأهمية رسالة الجامعة في مجتمعها، وكان ختام فصول الكتاب حديثا عن مجتمع الجامعة الداخلي ، من وحدات الإسكان ونادي اعضاء هيئة التدريس وصندوق الطلاب.
كما عُنِيَ الكتاب بتسجيل انجازات الجامعة في المجالات الادارية والتعليمية والخدمية والتطورات التي شهدتها خلال مائة عام، مع اهتمام بذكر الأسماء والمناصب الادارية والأكاديمية في أقسام الجامعة وكلياتها.
كتاب «التعليم العالي في المملكة العربية السعودية» وهو كتاب يسبر أسس التعليم العالي بالنظر الى المكانة الدينية لهذه البلاد، ويبرز خصائص هذا التعليم وتطوراته في المملكة العربية السعودية، ويعدد مؤسساته وتنظيماتها ودرجاتها.
يدور الحديث في هذا الكتاب حول محاور منها: نشأة التعليم العالي وتطوره في المملكة العربية السعودية، والسياسات والأهداف العامة له،ومفاهيم ادارة التعليم العالي، وبرامج وخطط الدراسة فيه، وتطوره النوعي والكمي، وعنايته بخدمة المجتمع من خلال مؤسساته الأكاديمية، وأنماط التعليم العالي في المملكة العربية السعودية والمرجع الحكومي لكل نمط من هذه الأنماط، ومستقبل التعليم العالي في المملكة العربية السعودية.
ومن مطالعة هذا الكتاب يتضح تعدد المرجعية الرسمية للتعليم العالي في المملكة، فكليات البنات تابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات، والكليات التقنية تابعة للمؤسسة العامة للتعليم الفني، والكليات الصحية تابعة لوزارة الصحة، وكليات المعلمين تابعة لوزارة المعارف، وهناك معاهد وكليات ادارية وصناعية وعسكرية ودبلوماسية تتبع جهات اخرى.. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل من الممكن توحيد هذه المرجعية، ضمانا لتوحيد الخطط، وتوحيد كيفية الترقيات العلمية، ومستويات الأداء واختصار النفقات والجهود؟
وتزامنا مع المناسبة المئوية أصدرت جامعة الملك سعود ضمن سلسلة مشروع وزارة التعليم العالي لنشر ألف رسالة علمية عدداً من الكتب على النحو التالي:
«الأحوال السياسية في الفترة الأولى من حكم الإمام فيصل بن تركي آل سعود» للدكتورة هناء العوهلي.
«اقتصاديات وانتاج وتسويق الألبان في المملكة العربية السعودية» للدكتور فهد العسكر، وهي دراسة علمية متخصصة عن انتاح الألبان ودواله وتسويقه.
«تحليل ديناميكي للطلب على الأسماك في المملكة العربية السعودية» لمصلح الغامدي.
«دراسة تقويمية لقرار سعودة التعليم الابتدائي في المملكة العربية السعودية» لمضاوي بنت سعد آل سعود.
« انتاج القمح في المملكة العربية السعودية» لنورة الصالح.
«اقتصاديات تصنيع التمور في المملكة العربية السعودية» لإيهاب عثمان.
«العلاقات بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتوكلية اليمنية في عهد الملك عبد العزيز» لصاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبد العزيز.
«الثروة السمكية في المياه الاقليمية للمملكة العربية السعودية» أعدتها لميعة الجاسر.
«الأمن في عهد الملك عبد العزيز» للدكتور ابراهيم العتيبي، الذي نشرته مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالمناسبة المئوية ايضا.
«تنظيمات الدولة في عهد الملك عبد العزيز» للدكتور ابراهيم العتيبي.
«الحياة العلمية في نجد» للدكتورة مي العيسى.
علما بان هذا الكتاب سبق ان قامت بطبعه ونشره دارة الملك عبد العزيز، كما قامت جهات حكومية أخرى بتوزيعه، والحال هي ذات الحال مع كتب الدكتور العتيبي، مما يدعوني الى توجيه دعوة صادقة للجهات الحكومية والمؤسسات العلمية والبحثية، للتنسيق بينها قبل نشر اي نتاج علمي، فنحن لا نعترض على ان يبحث المؤلف او المؤلفة عن منافذ لنشر كتابه ما دامت علاقاته بالجهات المعنية تمكنه من ذلك، ولكننا كنا نتمنى ان تحظى كتب اخرى بنصيب من النشر لمزيد من الفائدة ولتنويع المادة العلمية، وفتح مساحات اوسع للإبداع أمام الجميع.
وعدم التنسيق بين جهات النشر آفة مستشرية ليست مقصورة على كتاب الدكتورة مي، وكتب الدكتور العتيبي، ولا على جامعة الملك سعود، والذي يتابع حركة النشر يستبد به العجب العجاب من تكرار كتب بعينها في عدد من جهات النشر على حساب كتب اخرى فيها ما هو افضل منها، غير ان الشللية والمصالح والعلاقات الشخصية على حد تعبير الدكتور محمد آل زلفة في حواره مع ورّاق الجزيرة السبت 23/2/1421ه هي الصوت الأعلى وصاحبة القرار في عملية النشر.
وللجامعة إصدارات اخرى متنوعة من حيث اللغة فبعضها باللغة العربية وبعضها مترجم الى العربية وبعضها باللغة الانجليزية. ومتنوعة من حيث المادة فبعضها يعالج تخصصات علمية دقيقة وبعضها يتناول دراسات نظرية.
فمن الكتب باللغة العربية: مداخل المؤلفين والأعلام العرب للدكتور ناصر السويدان والدكتور محسن العريني، وهو من أوائل الكتب المصنفة في مجال ببليوغرافيا المؤلفين والأعلام وأفضلها، لأن المؤلفين من المتخصصين في هذا المجال.
ومنها: النباتات البرية المنتشرة في منطقة الرياض لمعين الزغت، القضاء ونظام الإثبات في الفقه الاسلامي والأنظمة الوضعية لمحمود هاشم، نظم الري بالتنقيط لأحمد العمود، الحاسب والتعليم لعبد الله المغيرة، العلاقات بين الدول الإسلامية لمحمد سليم.
ومن أهم الكتب المترجمة: تخطيط موارد المياه لزيوريك وآخرين، انتاح الغذاء في المزارع المائية لهوارد ريش، الحالات الإسعافية في الطب العام لمولدز وآخرين، الإيدز والفيروسات الجديدة لدالجليش وآخرين.
كما اصدرت الجمعية التاريخية السعودية ومقرها في كلية الآداب سلسلة «بحوث تاريخية» صدر منها ستة إصدارات متخصصة في التاريخ والحضارة على النحو الآتي:
«عمارة المسجد النبوي الشريف» للدكتور محمد الحداد.
«دراسات إسلامية غرب افريقية» للدكتور عزالدين موسى.
«الإبل في بلاد الشرق الأدنى القديم وشبه الجزيرة العربية» لحمد محمد بن صراي.
«الحالة الأمنية في قرطبة خلال الفتنة البربرية» للدكتور حمد السحيباني.
«عبد العزيز بن رشيد والحماية البريطانية» للدكتور محمد الثنيان.
«الحياة العلمية في عصر السلطان ألب أرسلان السلجوقي» للدكتور طلال الشعبان.
ان هذا الجهد العلمي المتنوع من الجامعة دليل على حرص المسؤولين بها على تنويع مصادر المعرفة أمام منسوبيها من طلاب وأساتذة.
ولا أبالغ اذا قلت: ان كثيرا من هذه الأبحاث لم يكن من المتيسر لها ان ترى النور بجهود أصحابها نظراً لطبيعتها العلمية البحتة، مما يجعل الإقبال عليها في السوق التجاري ضعيفا فكانت جهود الجامعة في نشرها مشكورة ومقدرة.
ان ما تقوم به عمادة شؤون المكتبات من جهود خيّرة في سبيل توفير مصادر المعلومات لأعضاء هيئة التدريس وطلاب الجامعة، وحرصها على ان تكون هذه المصادر ملبّية للحاجة الفعلية لعضو هيئة التدريب والطالب والدارسين والباحثين من خارج الجامعة دليل على عناية الجامعة بالتواصل مع المجتمع الذي تعيش فيه وإسهامها في بث الوعي والثقافة بين أفراده.
لقد حظيت بشرح موسع لموقع الجامعة على الشبكة العنكبوتية، وموقع المكتبات بالذات من أخي الدكتور راشد بن محمد الحمالي وكيل العمادة، فسررت بهذا التوجه السديد نحو استثمار الوسائل الحديثة لمواكبة العصر الذي نعيشه ومسايرة الثورة المعلوماتية الهائلة التي يموج بها عالم اليوم.
ومع دخول الجامعة في ساحات الانترنت بما فيها من منافسة شديدة كم كنت أتمنى أن تولي الجامعة عنايتها بالكتاب الإلكتروني ونشره عبر موقعها الالكتروني، لا سيما وقد أفرحني حرص الجامعة على تحديث موقعها باستمرار وسرعة وفاعلية، فالانترنت ليست موقعا نؤسسة فحسب ثم ننام بعد ذلك، ولكنها ساحات تنافس البقاء فيها للأقوى فكراً وثقافة وقدرة على جذب الآخرين ال رحابها بما تقدمه من عوامل الجذب.
للأسف الشديد هناك تنافس شرس بين كثير من المؤسسات الحكومية وغيرها على دخول ساحات الانترنت، ولكنه تنافس ينتهي بعد تجاوز البوابة الرئيسة، فالتنافس الحقيقي في العالم المتقدم على الاستئثار بساحات الانترنت هو تنافس على اثراء المعلومة وخدمتها وتزيينها بأساليب ووسائل عصرية تيسر وتسهل عملية الاستفادة المثلى والسريعة منها.
في حين نجد ان تنافس مؤسساتنا هو تنافس على كيفية إخراج الموقع، ثم بعد ذلك يسيطر الكسل الذهني والبدني عن تقديم المعلومة العميقة المتجددة والصحيحة في ذات الوقت، فالمعلومة تمشي في ساحات مواقع مؤسساتنا على استحياء، وتوضع أمامها كثير من عقبات الاجراءات الروتينية التي تفقدها كثيرا ان لم يكن كل أهميتها، فكل شيء يأتي بعد موعده يفقد كثيراً ان لم يكن كل بريقه.
هذا وبالله التوفيق..
|
|
|
|
|