| الثقافية
* القاهرة مكتب الجزيرة محمد حسن:
يعد الأديب الراحل يحيى حقي من ابرز رواد القصة القصيرة في مصر والعالم العربي بالاضافة لكتابته للرواية الواقعية وتفرده فيها وقد اكتسب حقي جل خبرته من زخم الحياة والتجارب العديدة التي مر بها من خلال زيارته وعمله لسنوات طويلة بالخارج وفي المملكة العربية السعودية والعديد من البلدان الاسلامية ووسط زخم الحياة ايضا تذكره محبوه وتلاميذه واقاموا ندوة شارك فيها العديد من الادباء والنقاد.
قدم الاديب بهاء طاهر الندوة مؤكدا في البداية مكانة الاديب الراحل وتميزه وسط جيل العمالقة والعديد من الادباء الذين تعلموا منه وصقلوا موهبتهم على يديه وقال بهاء طاهر ان يحيى حقي كان شخصيته عطرة كلما مر عليه الزمن ازداد عبقه وأريجه الذي ينبع من كلماته وأفكاره مشيرا الى انه كان معلم جيل أرشدني للطريق الصحيح ودعمني بمشورته ورأيه وأدبه فقد كان أديباً من نوع خاص غير ما نألف من ذي قبل فهو الاديب الذي يرى ما لا نراه، كان يرى الامور من منظور غير عادي تستوقفه امور لا يلمحها غيره من الكتاب العاديين
ويسرد بهاء طاهر قصة لتبيان الرؤية المبدعة للأديب الراحل فقال أثناء محاكمة 1919 والتي أتهم فيها النقراشي وآخرون وصدر الحكم عليهم بالبراءة جميعا ما عدا احدهم حكم عليه بالاعدام فتركه الآخرون واخذوا يباركون انفسهم وتركوا الآخر فكان من الاشياء التي جذبت انتباه يحيى حقي ولم يره غيره من الادباء.
حقي بين العامية والفصحى
وتناولت د. وفاء ابراهيم استاذة الفلسفة وعلم الجمال الجانب الجمالي في اللغة لدى يحيى حقي فقد كان حقا رائدا للقصة القصيرة وخاصة فيما يتعلق باللغة التي حاول ان يرقى بالعامية الى الفصحى بالرغم من ان محمود تيمور قد قدم ثمرة ذلك من قبل ولكن لم يستطع ان يقدمها بشكل كلي فقد ميز بين اكتمال اللغة الفصحى وتواجد العامية لكن جمال اللغة لدى حقي في انه حاول مزج العامية والفصحى في نفس العمل الواحد فقد وضع بذرة ذلك محمود تيمور وأبدعها يحيى حقي ونضجت لدى صلاح جاهين.
ومن جماليات اللغة لدى يحيى حقي اعتزازه بعروبته ومصريته ونشأته الشعبية من ذلك انطلقت جماليات اللغة لديه فكتب أدب الانسان البسيط وبدأ يرقى به وهو بذلك اضاف عنصراً جمالياً للخريطة الادبية المصرية والعربية بإضافته عنصر الادب التنويري الذي يصل لكل الطبقات بأرقى المعاني وخير دليل على ذلك قصة البوسطجي.
وتأكيدا لريادة حقي للقصة القصيرة جاءت شهادة الشاعر والناقد عبدالوهاب الأسواني الذي عمل لفترة مع الاديب الكبير من خلال مجلة المجلة الادبية التي كان يرأس تحريرها يحيى حقي ويرى انه كان رائداً بحق للقصة القصيرة فقد اهتم السابقون بمضمون القصة وأهملوا البناء وجاء إبداع يحيى حقي كأول من اهتم بالبناء وخرج بالقصة من اطار الفن المعتاد الى الفن الفريد وقد نبع ذلك من قدرة ثقافية هائلة خرج بها من دراسته للفن التشكيلي والموسيقى والمسرح والسينما والعمارة وهذا ما جعل جميع ابناء جيله يلتفون حوله كمبدع ومجدد وضع أسساً غير مألوفة للقصة القصيرة.
الموت عند حقي
أثار الناقد والروائي محمد محمود عبدالرازق قضية الموت في ادب يحيى حقي فقد كانت قضية ذات أبعاد غامضة بداية وصفه بدقة لموت احد التلاميذ من المدرسة السعيدية عام 1920م تحت عجلات احدى الاتوبيسات وقدم تصويرا دراميا بكلمات والفاظ تجعل القارىء يحس بأنه يرى مشهداً سينمائياً للحادث المأساوي وكان ثاني تلك الاحداث هو وفاة زوجته عام 1945م ورسمه لحالة المنزل الذي اصبح يبكي عليها بكل جزء فيه والذي أشبه كثيرا البيت الخرب ولكن نسي الاديب الكبير ان يرسم الموت لنفسه وفاجأه في ديسمبر 1992م.
وتقدم المستشار سعيد الجمل بسرد لبعض أوجه حياة يحيى حقي باعتباره صديقاً حميماً له فقد كانت الحياة المادية لدى حقي لا تعني شيئاً
فكثيراً ما كان يذهب للاماكن العامة ويترك زوجته تتصرف في الماديات الخاصة به دون اي اهتمام من جانبه وكان يعيش مع البسطاء حياة شعورية حقيقية خالية من أي نوع من العطف المفتعل
فقد كان أدب حقي نابعاً من طريقة حياته وشعوره بالناس البسطاء والعيش معهم فعدم اهتمامه بالماديات خلقت منه أديباً كبيراً.
حقي مفكر سياسي
وغريب علينا ان نرى يحيى حقي مفكرا سياسيا خاض السياسة بفكر الاديب المبدع فقد اوضح يوسف القرعي وجود نقطة غائبة عن اذهان الادباء والكتاب الذين تناولوا حياة حقي وهي طبيعة فكره السياسي الذي لم ينبع من فراغ فقد كان الحدث السياسي له دور كبير في ابداعاته
فعن تنقله من جدة الى اسطنبول مرورا بروما وفرنسا وصولا للخارجية المصرية في فترات تميزت بقوة الحدث السياسي آثار عميقة وبصمات واضحة في اعماق يحيي حقي ووجه دعوته الى الباحثين والادباء في الاهتمام بالجانب السياسي في فكر يحيى حقي حتى تكتمل رؤيتنا له.
أبٌ فيض المشاعر
وعن شعور وحنان الاب لدى يحيى حقي قدمت ابنته نهى حقي فيلما تسجيليا نادرا عن بعض من جوانب حياته فقد ولد في حي شعبي يراه نعمة من الله عليه فمنذ صباه
وهو ينتمي لرجل الشارع والكادحين الذين يكسبون رزقهم يوماً بيوم وان تقلبه في عدة وظائف كان له اثر كبير في اثراء فكره الادبي وخاصة عندما عين في وزارة الخارجية وسافر للقنصلية المصرية بجدة 29 1930
فقد كان لها دور في اثراء ثقافته الاسلامية فقد رأى هناك العالم الاسلامي بنبسط امام عينيه في موسم الحج والعمرة
وإن كتاب الجبرتي الذي وجده في مكتبة القنصلية قد خلق لديه رؤية سياسية وأدبية بعد ذلك
وحتى بعد انتقاله للسفارة في روما واطلع على الانفتاح الحضاري في اوروبا ازداد تمسكا بتراثه الاسلامي والعربي
وعن عمله الادبي يرى ان العمل الادبي نوع من الابتكار يحتاج للاحتشام والتركيز الشديدين وان شعوره بالليل من المؤثرات الحركية واللغوية التي خلقت لديه قدرة الابداع والابتكار.
|
|
|
|
|