| الاخيــرة
تتشرف المملكة باستقبال الحجيج من كل أقطار الدنيا كل عام، رجالاً ونساءً، وشباباً وشيباً، جاؤوا ليقضوا مناسك لهم ويذكروا اسم الله، جاؤوا ملبين آملين في العلي القدير، أن يقبل حجهم، ويسمع نداءهم في أشرف بقعة على وجه البسيطة. وقد قامت المملكة وظلت وستظل تتشرف بتقديم الخدمات لهذا الجمع الإيماني العظيم، وفي كل عام تضيف المملكة خدمة جديدة، أو تحسِّن خدمة أخرى، وأكاد أجزم بأنه لم يمر عام دون إضافة أو تحسين في مجال معين.
**
لا يوجد في العالم عدد كهذا في بقعة محدودة يتحرك معاً في وقت واحد من جهة إلى أخرى، وهم مختلفو الألسن والثقافات متفاوتو الأعمار، لم يحصلوا على تدريب مسبق وبعض منهم يرى المشاعر للمرة الأولى، هذا الخليط من البشر الإيماني بهذه الفسيفساء العجيبة يحتاج إلى نوع خاص من الترتيب، ونوع خاص من التنظيم، ونوع خاص من الإدراك.
**
لقد اعتادت المملكة على التشرّف باستقبال حجاج بيت الله الحرام كل عام، وأدركت أفضل السبل لتقديم الخدمات لهم وقامت بذلك مع هذا فهي في كل عام تبحث عن جديد يمكن تقديمه للحجيج، سيأكل الحجاج نحو مليار خبزة يتم توفيرها من هذه البلاد الطاهرة من انتاج هذا الوطن، وهذا النوع من الخبز الذي يقدم للحجيج كما هو للمواطنين يحتوي على مواد إضافية مثل الحديد والفيتامينات للمساعدة على مقاومة الأمراض وسد العجز في نقص العناصر. كما أن جميع المواد الغذائية بمختلف أنواعها متوفرة بكل يسر وسهولة وبأسعار في متناول الحاج الكريم.
**
لقد كانت الرقابة على القطاع الخاص الذي يقدم الخدمات لحجاج بيت الله الحرام جيدة بدرجة جعلت الخدمة تصل إلى الحاج وهو المعني بها، كما أنها أدت إلى تقليل عنائه والحد من شكواه، فأفرغ قلبه إلى باريه بعد أن ضمن أمنه وزاده. وقد كانت الأيدي الخيّرة تتسابق أيضا الى تقديم كل خدمة للحاج الكريم فتقدم الزاد والشراب كما تقدم الإرشاد الديني والمدني ولذا فلا يلتفت الحاج إلا ويجد أمامه من يجيب سؤاله وينير له الطريق.
ان الحاج جاء الى المشاعر المقدسة طالباً وجه الباري جلت قدرته، راجياً فضل ربه، حريصا على قضاء فريضته وها هو قد أتمها والحمد لله على أكمل وجه، وآن الأوان أن يعود إلى بلده سالماً غانماً، بعد أن قدمت له هذه البلاد الأمن و سهلت له أمر حجه، ويجدر بالمواطن الكريم أن يساعد في عودة الحاج الى بلده ودون تعاون المواطن وإحساسه بدوره في بناء المجتمع والحفاظ عليه سيكون الأمر أكثر صعوبة.
إن من حق الوطن على المواطن، أن يدرك المواطن أهمية التعاون، والمساعدة في أمن هذا الوطن، ونشر هذا الوعي الذاتي ودونه لا يمكن أن يتحقق ما هو مطلوب، ولا بد أن يعي المواطن غير المتعاون أن عمله هذا إنما سيعود ضرره عليه ذاته فهو سينال جزاء خطئه، كما أن عدم تعاونه سيؤثر على أجيال قادمة سيطول من ضمنها أفراد عائلته.
إن الإدراك والوعي بتبعية التصرفات الخاطئة للحصول على فوائد آنية مع ما يترتب عليها من نتائج غير جيدة في المستقبل ستجعل المواطن بذرة صالحة يمكن أن يضيف لبنة الى هذا البناء، في عصر تتسابق فيه الأمم لنيل ما هو أفضل على جميع المستويات والمجتمع في حاجة إلى العضو الفاعل الذي يتعاون لما فيه مصلحة المجتمع بأسره ولا ريب أن المسؤولية كبيرة، والتعاون في هذا المجال لا بد أن يكون له أثر في زرع هذه الغرسة في الأجيال القادمة حتى تستمر مسيرة التعاون بين الدولة والمواطن لما يحقق مصلحة المواطن .
|
|
|
|
|