| أفاق اسلامية
* كتبت شيخة القحيز:
حذرت أكاديمية سعودية المجتمع المسلم من الهجمة الشرسة التي يشنها العالم الغربي على المرأة المسلمة، ومحاولة تغريبها، وتحطيم تميزها الإسلامي الذي يحفظ لها استقلالها من التبعية للغرب.
ونبهت الدكتورة وفاء بنت إبراهيم العساف الأستاذ المساعد بقسم القرآن الكريم وعلومه بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى ظهور تلك الآثار السيئة في زعزعة المسلمين عن دينهم وفي جميع جوانب حياتهم، ومن أبرزها ما واجهته المجتمعات المسلمة بسبب هذا الغزو من أفكار تهز الثوابت وتفسد الأخلاق، وتنشر الرذيلة من خلال قضايا المرأة والأسرة ثغر الفضيلة، ومحل صيانة النشء، مشيرة إلى أنه في هذا العصر أصبحت حركة العولمة، وبالأخص العولمة الثقافية بوتقة أخرى لتغريب المرأة والأسرة، وتحطيم تميزها، وذلك عن طريق ترويج الغرب لقيمه ومبادئه في قضايا المرأة والأسرة والأمور الاجتماعية عبر وسائل متنوعة أحدها تنظيم المؤتمرات الدولية للمرأة بصفتها احدى وسائل العولمة التي يمتطيها الغرب لتحقيق أهدافها المتمثلة فيما يسمى اعادة الهندسة الاجتماعية للأسرة وللاجتماع الانساني والبشري.
وكشفت الأستاذ المساعد بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الأهداف التي من اجلها نظمت سلسلة المؤتمرات الدولية للمرأة، وتبنتها الأمم المتحدة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى التي تريد ان تفرض عولمة الاجتماع الانساني وفق منظومة القيم الغربية ستظهره دعاوى حقوق الانسان وحماية المرأة.
وأشارت الدكتورة وفاء إلى التصرف الأمثل الذي تراه للمرأة المسلمة أمام هذه المؤتمرات الدولية للمرأة حيث قالت:
ان المشاركة في هذه المؤتمرات الدولية واللقاءات الخاصة بالمرأة تكمن أهميتها في كونها:
1 أحد المجالات والوسائل لطرح الاسلام بصفة مشروعة عالمياً ومنطلقاً حضارياً حيث لابد من تبليغ هذه الرسالة وكسر حاجز الارتياب منها لدى الناس وبيان تميزها وتلاؤمها مع مطالب الانسان الأصلية، خاصة وأن هذه المؤتمرات أصبحت واقعاً مفروضاً.
2 ينبغي تسجيل نصب السنين في نشر المنهج الاسلامي الصحيح حتى لا ندع المجال لرموز المنافقين والمنافقات لتولي مهام القيادة واللعب بقدرات الأمة الإسلامية.
3 تبرز أهمية المشاركة في هذه المؤتمرات في مقاومة نشر الثقافات الضارة عبر هذه المؤتمرات التي يتبناها الآخرون لتتحول من كونها أمريكية أو أوروبية إلى كونها عالمية لعدم وجود معارضين يكشفون ستارها ومن ثم يفشل الغرب في تعميمها قدر الامكان، ولقد كان لبعض المشاركات الاسلامية أثر ايجابي وفعال.
وإذا أردنا أن نتحدث عن أنواع المشاركة النسائية من المسلمين في هذه المؤتمرات نجد أنها نوعين:
النوع الأول: النساء اللاتي لا يمثلن الاسلام وان كن من بلاد عربية اسلامية وان كن مسلمات بانتمائهن الوراثي وهذا النوع لا جديد لديه يقدمه لهذه المؤتمرات، لأنه إما أن يردد الرؤى الغربية بحكم انه منقول قبل العولمة، وكلنا نعرف ان جمعيات وحركات نسائية في بلاد الاسلام هي أياد مؤثرة للخارج لتغريب نساء الأمة.
وإما أن يكون دوره في التلقي مبهوراً بما يأخذ مصفقاً لما يسمع وقد يمارس بعض هذا النوع تحريفاً لما جاء به الاسلام بشأن المرأة والأسرة ليوافق تلك الرؤى الغربية.
وهذا النوع لا يمثل الأمة الإسلامية ولا المرأة المسلمة وينبغي مناصحتهن وبيان عظم مسؤوليتهن أمام الله وأنهن يبقين محسوبات على أمة الاسلام لدى غير المسلمين.
أما النوع الثاني فهو الذي يسعى لتقديم الموقف الاسلامي تجاه القضايا المطروحة وقد تختلف الاجتهادات التي تقدمها المؤسسات الاسلامية وحتى الشخصيات النسائية المسلمة في هذا المجال لكنها تبقى في الحدود المعتبرة اسلامياً وقد تشتد بعض الرؤى ولكن يبقى الموقف العام في منطلقه غيرة على الاسلام وفي نظرته العامة اسلامياً . وهناك صور واقعية لبعض المشاركات النسائية.
الذي أراه بشأن هذه المؤتمرات من حيث المشاركة فيها.
أولاً: ضرورة التعارف بين الهيئات والمؤسسات والدول الاسلامية وحشد الاتجاهات العاقلة من غير المسلمين سواء الدول الآسيوية والأفريقية أو من الجمعيات النسائية الغربية العاقلة لمغالبة الطروحات الاجرامية في هذه المؤتمرات وتكوين تيار مضاد لها خاصة ان هذه الطروحات التي يراد تعميمها قد لفظها أهلها.
ثانياً: بالنسبة للمرأة المسلمة المستقيمة على منهاج الدين القادرة على أداء دور في هذا المجال أمامها أمران:
الأول: المشاركة غير المباشرة بالنقد والكتابة والتأصيل، وذلك من خلال الجمعيات النسائية المرموقة والمنظمات الاسلامية المعتبرة، وهذا النوع من المشاركة لابد أن تسعى كل الكفاءات السوية المسلمة للاسهام فيه كل بحسب تخصصه ومجاله.
الأمر الثاني: المشاركة المباشرة، وهذه تنقسم إلى قسمين:
الأو: من المؤتمرات التي تعقد عموماً مؤتمرات نسائية لا اختلاط فيها وبعضها يعقد خصوصاً لسماع الطرح الاسلامي ومعرفة وجهة نظر المغاير ومثل هذه المؤتمرات لا أعتقد ان بها بأساً بل قد تجب المشاركة أحياناً لما لها من أثر فعال وجدوى بعيدة لصالح الاسلام والمرأة المسلمة.
أما القسم الثاني:
المؤتمرات المختلطة: هذه المؤتمرات الدولية المختلطة المشاركة فيها تستلزم الموازنة بين المصالح والمفاسد سواء بالنسبة لمشاركة المسلمة ذاتها في هذه المؤتمرات أو القيمة المشاركة في المؤتمر أو الندوة ونحوها.
ولا ريب ان الاجتهادات ستخلف تبعاً للظروف والملابسات لكل بلد مسلم بعينه وكل شخصية مسلمة كذلك، ومن الصعب اصدار حكم عام يشمل جميع النساء والمسلمات وجميع المناسبات ا لمتعلقة بالمرأة خاصة وانني أعتبر ان مشاركة المرأة في هذه المؤتمرات ضرورة يقتضيها الانفتاح العالمي وتعذر الانعزال والخصوصية، وان واقع بعض البلاد الاسلامية تضطر المصلحة لذلك بالنظر إلى أن حكومات تلك الدول أخذت خطوات عملية في تبني بعض الاتجاهات المخالفة للشريعة الاسلامية في قضايا الأسرة والمرأة وهذه الخطوات ساندها جهود نساء مستغربات متبنيات للنموذج الغربي ولهذا يبقى الاجتهاد في هذه القضايا مناطاً بأهل العلم الجامعيين بين فقه الشريعة وتصور الواقع تصوراً شاملاً صحيحاً هذا من جهة.. ومن جهة أخرى فانه يخص كل مناسبة نداءها وربما الشخصية ذاتها أيضاً وعلى هذا فعلى المنظمات والجهات الاسلامية:
1 الرجوع لأهل العلم والخبرة من العلماء والفقهاء وتدارس امكانية تبني مبادرات اسلامية لعقد مؤتمرات عالمية عن قضايا المرأة والأسرة والطفل وغيرها، وبيان محاسن المنهج الاسلامي وموافقته لمطالب الفطرة.
وذكرت الدكتورة وفاء العساف: توضيحاً لصورة الحقيقة للنظام الاسلامي بعيداً عن تشويه المضللين.
2 مدارسة جدوى مشاركة المرأة في المؤتمر بعينه والشروط المعتبرة لذلك.
السفر مع ذي محرم، الحجاب الشرعي الصحيح ولابد من دعوة النساء المسلمات الناشطات اللائي شاركن أو يشاركن في هذه المؤتمرات للتفاكر حولها وتبني آراء محدودة بشأنها.
وخلصت الدكتورة وفاء العساف إلى القول، انه من هذا المنطلق اقترح:
أولاً: نشر الثقافات الاسلامية عالمياً وذلك من خلال مبادرات اسلامية لعقد مؤتمرات عالمية عن قضايا المرأة والأسرة والطفل أو قضايا أخرى من منظور اسلامي عن حقوق الانسان والشباب وغيرها، وينبغي أن تتبنى هذه المؤتمرات جهات اسلامية مثل رابطة العالم الاسلامي أو منظمة المؤتمر الاسلامي، ونحوها، ولا بد لحركة الدعوة من زيادة نشاطها في العالم الاسلامي بتأصيل الممارسات والعادات، وتصحيح الأفكار، وبث الفقه بين المسلمين، وبنفس المستوى لابد من توصيل هذه الرسالة للغرب.
ثانياً: العمل على توحيد الجهود الاسلامية من خلال المؤتمرات الاسلامية واللجان المنظمة غير الحكومية بحيث يستكمل كل مجتمع نقصه، وصياغة مواقف اسلامية ازاء ما تتضمنه مؤتمرات المرأة التي تعقدها الأمم المتحدة، ويحشد لها التأييد الممكن.
ثالثاً: ضرورة العمل على ايجاد مؤسسات نسائية متخصصة علمياً وتربوياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً من شأنها أن تساهم مساهمة جلية في توفير الحضانة الفكرية والعقدية وفي البناء التربوي والدعوي للمرأة، ولابد من دعوة النساء المسلمات الناشطات اللاتي يشاركن في هذه المؤتمرات للتفاكر حولها، وتبني آراء محددة بشأنها، كذلك يمكن الدعوة لمؤتمرات محلية لاعداد الكوادر، وفهم الدور الصحيح الذي يجب أن تؤديه النساء المؤتمرات في المساهمة في صياغة القرارات، والتدرب على أعمال المؤتمرات المختلفة.
رابعاً: بحث امكانية التعاون بين الهيئات النسائية الدعوية القائمة في العالم، ومتابعة المؤتمرات الدولية والمشاركة بفعالية بغرض الدفاع العلمي الرشيد عن قضايا المرأة المسلمة، والاهتمام بالبحوث والدراسات التأصيلية التي تفيد في مجال شؤون النساء والمجتمع والطفل والأسرة، واستقطاب النخب الاسلامية ذوات الخبرة المهنية والميدانية، لتقديم رؤاهن، ومعالجتهن لهذة المسائل وفق المنهج الشرعي، وهذا أكبر مدخل لبرنامج دعوي كبير وشامل ولابد من اعداد الكوادر النسوية المتخصصة في مجال الفقه والحديث والتفسير والثقافة الاسلامية عموماً ومجال الطب والاجتماع، وكل المجالات ذات العلاقة كالاقتصاد وغيره، لتفنيد، ولدحض كل الافتراءات حول هذه القضايا، وتوعيتها بكل ما من شأنه أن يفيد في هذا المجال وفق المنهج الاسلامي.
خامساً: ينبغي انشاء مراكز للدراسات الاستراتيجية المستقبلية وللتخطيط للجهود العملية حتى نستطيع التصدي لعولمة العالم الاسلامي.
واختتمت حديثها قائلة: ان مجابهة هذا الخطر يحتاج منا إلى اعادة النظر في سلوكياتنا والى التربية الجادة على مبادئ الاسلام، وقيمه، وإلى تقوية الصلة بقرآننا، وسنة نبينا، ليخرج للمجتمع المسلم نساء مسلمات مؤمنات قادرات على تبليغ رسالة الاسلام والذب عنها.
|
|
|
|
|