|
| أفاق اسلامية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إخوة الإسلام:
في طريقنا لتغيير حياتنا وأحوالنا إلى الأفضل تواجهنا عقبات علينا اقتحامها لنحقق ما نرجوه من خير لهذه الأمة. وقد نبهنا رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى ثماني عقبات كان كثيرا ما يتعوذ بالله منها:
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: )اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال(.
وللحديث قصة يرويها لنا أبو سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هوبرجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟. قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دَيْنَك.. قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني.
ونمضي معكم في معالجة العقبة الأولى وهي الهَمْ.
«الهَمْ» هو أول عقبات التغيير، عقبة كؤود لابد من تخطيها كي نجري التغيير المنشود في حياتنا، والهم إنما يكون في أمر متوقع والحزن فيما وقع والهم هو الحزن الذي يذيب الإنسان فهو أشد من الحزن وهو خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم. فالفرق بين الهم والحزن أن الحزن على الماضي والهم للمستقبل.
قال شيخ الإسلام ابن القيم: كل اثنين منها قرينتان فمثلا الهم والحزن قرينتان إذ المكروه الوارد على القلب إن كان من مستقبل يتوقعه أحدث الهم أو من ماض أحدث الحزن.
كيف نعالج الهموم؟
1 التوكل على الله
في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: )حسبنا الله ونعم الوكيل( قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: )إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل(.
فالمسلم يتوكل على الله حق توكله ويذكر نفسه كلما خرج من بيته بأدب التوكل على الله وفي السنن عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )من قال يعني إذا خرج من بيته بسم الله. توكلت على الله . ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هُديت ووُقيت وكُفيت. فيقول الشيطان لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدي وكُفي ووُقي(؟
2 الارتقاء من هموم الدنيا إلى هم الآخرة
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له.
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا )من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله سائر همومه و من تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك(.
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم )ولا تجعل مصيبتنا في ديننا( أي لا تصيبنا بما ينقص ديننا من أكل حرام واعتقاد سوء وفترة في عبادة ) ولا تجعل الدنيا أكبرهمنا( فإن ذلك سبب للهلاك وفي إفهامه أن قليل الهم بما لا بد منه من أمر المعاش مرخص فيه بل مستحب.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
ومما يعين في دفع الهموم أيضا:
3 اجتناب المعاصي:
إن الهموم مكفرات للسيئات ومعنى هذه أنه كلما تقللنا من السيئات كلما قلت همومنا وفي الحديث: )ما من شيء يصيب المؤمن من نصب ولا حزن ولا وصب حتى الهم يهمه إلا يكفر الله به عنه من سيئاته(.
4 الجهاد في سبيل الله:
إن الجهاد بما يستطيع الإنسان من مراتبه بالمال أو النفس أو اللسان يذهب هموم الأمة.
كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم في الصحيح: ) عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم(.
* أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد بجامعة الملك فيصل وإمام جامع أنس بن مالك بالخبر.
|
|
|
|
|
