| عزيزتـي الجزيرة
أثارني مقال الكاتب سلمان محمد العُمري الذي جاء في جريدة الجزيرة العدد 10383 تحت عنوان )جيل يحتاج إلى عناية(.
فقد تحدث الكاتب عن واقع محسوس ومشاهد كنا نتمنى ألا نصل إليه إلا أنه واقع برز مؤخراً وبدأ يستشري ويزداد مع مرور الوقت حتى أضحى يؤرق الكثير من الآباء والأمهات ويعكر بالتالي صفو الحياة التي ينعم بها المجتمع السعودي. وعلى الرغم من أن مشاكل الشباب لدينا محدودة إذا قورنت بالدول الأخرى إلا أنها تمثل نشازاً غريباً على مجتمعنا الذي يتميز بخصوصية لا مثيل لها، فنحن أمة أكرمها الله بالاسلام وخاطبنا سبحانه وتعالى بقوله )كنتم خير أمة أخرجت للناس(. ونحن الأمة الوحيدة التي مازالت تحكّم كتاب الله وسنة رسوله الكريم في القرن الواحد والعشرين ولدينا أغلى وأجل واشرف بقعتين على سطح الأرض تهوي اليهما افئدة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها. ونحن ننعم بخيرات كثيرة أسبلها علينا الحي الديان فالأمن مستتب والعيش رغد والنهضة شاملة في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين.
ولذا فنحن محط أنظار العالم في كل تصرفاتنا الآن المملكة قلعة الإسلام وما قد يحدث من بعض شبابنا يسيء للاسلام ويسيء كذلك للمملكة التي تسخّر كل امكاناتها لخدمة الاسلام والمسلمين. ولأن أبناءنا هم الامتداد الطبيعي للأمة، فإن ما نراه حالياً يصيبنا بالذهول والحيرة في آن واحد ويجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا ونصرخ بأعلى أصواتنا: ماذا يحدث لأبنائنا؟
هل تغافل الأسرة كما ذكر الكاتب أو حسن النية منها أو مجاراتها لبعضها في التفاخر والتظاهر والرياء هي سبب ما نلمس ونشاهد ونسمع؟
هل أضحت التقنية نقمة؟
فقد استشهد كاتب المقال بالجوال كتقنية حديثة وفرتها الدولة رعاها الله لخدمة المواطن وتسهيلاً لقضاء حوائجه.. إلا أن بعض الأسر سلمت هذه الأجهزة لأبنائها وبناتها وفتحت لهم نافذة على المجهول دون رقيب أو حسيب وحصدت ثمار ذلك سلوكيات سيئة ومشاكل عديدة ومبالغ باهظة. والحقيقة أن الهاتف الجوال مع رفيق دربه الانترنت يعدان معولي هدم لأخلاق شبابنا وشاباتنا اذا لم يكن لديهم الحصانة الكافية التي تمكنهم من استخدامها فيما ينفع. ولقد حمّل الكاتب الأسرة مسؤولية مايحدث لأبناء الأمة على اعتبار أن الأسرة نواة المجتمع والطفل إنما يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه. وبالمثل فهما المسؤولان الأولان عن القيم الخلقية والمفاهيم الفكرية التي تحول دون انسياق الشباب مع ما يشاهدونه في بعض الفضائيات أو يقرؤونه في الصحف والمجلات وقد أدرك العرب قديماً أثر الأسرة في بناء الشباب حيث قال الشاعر:
وينشأ ناشىء الفتيان فينا
على ما كان عوّده أبوه |
وقال آخر:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق |
وفي اعتقادي أن الحل الأول لما نراه من شبابنا اليوم يتطلب مبادرات سريعة لاحتواء المظاهر الموجودة والحيلولة دون نشوء ظواهر أخرى لا تسر وذلك يأتي من خلال تعاون الأسرة أولاً فتعاون الأبوين وتفاهمهما وتآلفهما ووعيهما وإدراكهما لمسؤوليتهما في تربية الأبناء وفق المنهج الإسلامي القويم يهيىء بإذن الله البيئة المناسبة التي يترعرع فيها الطفل وينمو ويزداد مع ذلك تمسكه بأمور دينه وقيمه ويسعى لا كتساب مكارم الأخلاق وبذلك يمكن لنا أن نشيّد أول سد يحصن أبنائنا من المخاطر التي تحيط بنا من كل صوب. ثم إن الأمر يتطلب تضافر جهات عديدة منها الجهات التعليمية ووزارة الاعلام والمؤسسات الدينية ووزارة الداخلية بحيث تتلمس كل جهة مشكلات الشباب وأسبابها وطرق علاجها ثم توضع خطة شاملة في ضوء ذلك لهذه المؤسسات لكي تدرأ وقوع ما لا تحمد عقباه مستقبلاً ونحافظ على دوحة الأمن والأمان التي نتفيأ ظلالها جميعاً ولكيلا نخسر ما شيّدته سواعد الآباء والأجداد ونخسر معه أغلى ما نملك فلذات أكبادنا.
سالم هلال الزهراني
إدارة التعليم بالرياض
|
|
|
|
|