| عزيزتـي الجزيرة
يمكن القول بأن المسلمين اليوم يعيشون في فلك العلوم الغربية وهو اعتراف لا نستطيع أن نفر من تقريره، وذلك لأن علوم الغرب تستعمر مدنيتنا الحاضرة، ومع أنها حضارة مادية صرفة ترقت فيها الجمادات على حساب انحطاط قيم الإنسان، إلا أنه من الحق العلمي الاعتراف لهم بها. وإذا كنا فوق هذا لا نملك إلا رصيداً فارغاً من المعاني الصناعية والابتكار التكنولوجي، فإن الحقيقة التي يجب أن تسجل أو تقال: إن الإسلام بريء كل البراءة من هذا التخلف الذي نعيشه، كما أنه لا يجوز أن يتحمل أجدادنا المسلمون أوزار هذا التخلف المشهود وذلك لأنهم رحمهم الله ما توا في قبورهم وهم أحياء بشرف العلوم التي قدموها ونحن نعيش اليوم أمواتاً بترف اللهو الذي يطحننا ويهلكنا وعلى كل مسلم اليوم أن يشحذ الهمة من أجل بناء الأمة الإسلامية على طريقة الآباء والأجداد في كل العلوم والميادين واستنبات العلوم من تربة التراث الإسلامي وعلى أيدي رجال الفكر والتربية من أبناء البيئة الإسلامية.وإذا كان من المستحيل على السماء أن تمطر ذهباً أو فضة فوق رؤوس المسلمين، فلا يجوز لهم أن يتوقعوا من الغرب أن يقدم لهم علوم الذرة والتكنولوجيا على أطباق من ذهب وديباج ولو بنوع من رد الجميل للتاريخ، وسر ذلك ما يأتي:
1. أن الحقد الصليبي لا يزال يرعى قلوب الغربيين، وأن التغلغل الصهيوني لا يزال يستعمر العلوم الغربية.
2. أن الفريقين وثالوثهما الشيوعي، لا يزالون على ملة الكفر الواحدة، يعقدون المؤتمرات السرية لتعطيل الصحوة الإسلامية والنهضة العلمية وحجب الأسرار التكنولوجية عن المسلمين.
3. ولأنهم يصدرون لنا من المناهج والعلوم ما هو حشو وتضليل، يقول الأستاذ الجليل المودودي رحمه الله تعالي : إن الاستعمار الغربي على الرغم مما صبه على المسلمين من البطش والتنكيل، وما أنزله بهم من ضروب الفتن، وما دمر من حكوماتهم، واحتل من أراضيهم، إلا أن هذه الأعمال كلها لا تساوي الظلم الذي ارتكبه حين فرض علينا أنظمته التربوية الحديثة. لقد حاول بهذه الطريقة أن ينشئ بيننا أجيالاً تتنكر لشخصيتها الإسلامية، وتبغض دينها، وتنظر إلى تاريخها الحافل، نظرة احتقار، وتؤمن بأن حياتها الفكرية والعملية أصبحت بالية لا تصلح لهذا العصر، حتى رسخ في أذهان المسلمين وقلوبهم أنه لا معارف إلا ما يدون في الغرب ولا أخلاق إلا أخلاق الغرب. هذا والحمد لله رب العالمين ولله الأمر من قبل ومن بعد وبالله التوفيق ولكم وافر التحية.
سعد مسفر شفلوت
سراة عبيدة
|
|
|
|
|