أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 8th March,2001 العدد:10388الطبعةالاولـي الخميس 13 ,ذو الحجة 1421

عيد الجزيرة

على صدى المتصدع والقلاعية:
تراجع نسبي في المشاركة الأسرية بخروف العيد
اختفاء ظاهرة جمع الجلود والروس والحميس والقفر
*تقرير علي الخزيم:
ثمة فتور نسبي ينتاب البعض ممن يعيشون فرحة عيد الاضحى السعيد خاصة فيما يتعلق بالاضحية ولحومها وتذوقها واعداد وجبة الافطار او الغداء صباح العيد من لحومها ومعاليقها وما حولها من لذيذ الاطباق والاصناف الدسمة التي تتفنن بها ربات البيوت وتختلف من منطقة لاخرى كما ان الاختلاف يظهر من بلد عربي واسلامي لآخر والاتفاق الوحيد في ذلك هو كون هذه الاطباق كلها من لحوم الاضاحي.
وربما يرجع سبب الفتور لما يشاع من اصابة بعض الاغنام بحمى الوادي المتصدع او الحمى القلاعية التي تصيب قدم وفم الحيوان وربما تسبب للانسان بعض الامراض والمتاعب وذلك بعد ان يخسر قطعانه من الماشية .
في قلب الحدث:
فالمعتاد في كل عيدأن الاسرة تجهز عدتها وعتادها قبل ايام من العيد ويبدأ الاستعداد بالتأكيد بحجز وشراء خروف العيد وكانت الاسر تفضل جلب الخروف بعد شرائه للمنزل وذلك متعة للاطفال الذين لا يحسون طعماً للعيد بدون ثغاء خروفهم في فناء منزلهم وتقديم الماء والكلاء له وبعض الصبية يقدمون له مما تجود به انفسهم من حلوياتهم ومكسراتهم وبعض قشور الفاكهة لدرجة ان بعض الاطفال يقدم الفاكهة نفسها للخروف ولا يأكلها هو تقديرا للحمل الوديع.. وبعد صلاة العيد يتسارع الجميع متعاونين لتنفيذ اداء الشعيرة والسنة المؤكدة بذبح الاضحية فهذا الاب قد شمر عن ساعديه )وان لم يكونا مفتولين( وبيده سكين تقدح شررا من شدة سنها بالمبرد الذي يمسكه بيده الاخرى، وتلك ربة المنزل بمطبخها بدأت الاستعدادات والتحضيرات الاولية لاعداد الوجبة المنتظرة، وهؤلاء الاولاد احدهم يحث الخروف على التقدم والشجاعة للحظة الحاسمة، والآخر يتطوع للامساك ومساعدة والده اثناء الذبح والجزارة محضرا ساطورا وموصلا انبوب الماء لمكان الحادث القادم.. وهكذا فان تلك الساعة مليئة بالحيوية والنشاط مفعمة بالتعاون المرح المحبب للصغار قبل الكبار .
تراجع نسبي:
غير ان الملاحظ في السنوات الاخيرة وخاصة هذه السنة تراجع تلك الهمة والنشاط والاحتفالية بالاضحية وتبعاتها واعمالها وما يتعلق بها من امور داخلية منزلية وخارجية.. على ان هذا التراجع نسبي وهو وان كان قد حدث في اكثر المدن )كما نسمع( الا انه في القرى والارياف اقل نسبة نظرا لتمسك القروي والفلاح الاقوى بعاداته وتقاليده ولتوفر الامكانات من مزرعة واحواش قريبة ميسرة تمكنه من ممارسة الذبح والسلخ بعيدا عن المنزل الذي تسكنه الاسرة تحاشيا لما يشاع من امراض في الاغنام )من باب الحيطة( والا فهو واثق من خلوها من كل سوء والا لما اقدم على ذبحها وتلطيخ يديه بدمائها واشيائها الاخرى.
رؤوس جلود وكوارع:
وفي زمن غير بعيد كان باب المنزل صبيحة العيد وفي ساعاته الاولى وقت ذروة ذبح الاضاحي يقرع كل بضع دقائق وعندما يتسابق الصبية لمعرفة من الطارق فبدلا من ان يكون قد احضر جزءا من اضحيته لاهل المنزل كما هي السنة المطهرة في توزيع الاضحية اثلاثا كما هو معروف.. يجدون الطارق من الباحثين عن جلود ورؤوس الاضاحي ولا يمانعون من اخذ الكراع والكرش والرئة اما الكبد فلا امل لهم بها فالتنافس عليها من قبل افراد الاسرة اشد من ان يفرطوا بها لغيرهم فهم بانتطارها مشوية او مقلية مع شيء من البصل والثوم والبهارات مع الخبز الاشقر المحمص الطازج )يا سلام(.. ولكن يبدو ان الحال انقلب وانتكس خلال السنوات القليلة الماضية الا ما قل وندر فلا الاسرة تحتفظ بكبد الاضحية وكليتيها وطحالها، ولا الباب يطرق طلبا لها، فبقي الرأس والجلد والكرش علاوة على الكبد الطرية حتى يجد رب الاسرة فرصة لايصالها للجمعية الخيرية هذا ان كان مقدرا للنعمة محافظا على تنفيذ ما تمليه السنة المحمدية، والا فمصيرها كما يعلم الجميع.. ويعلم عمال النظافة، حتى هؤلاء العمال صاروا لا يقبلون اكراميتهم صباح العيد غير النقود وهم الذين كانوا يقبلون الرأس واقدام الخروف ثم تطور بهم الحال فلم يقبلوا الا لحما ويكادون يحددون لنا من اي منطقة من الذبيحة ثم أنفوا اللحوم والشحوم فاشترطوا نقودا ومن فئات لا تقل عن العشرة فما فوق.. علما ان المتصدع والقلاعية جاءت من بلادهم او من بعضها..
صحة البيئة:
يحسن صنعا اولئك الذين يذبحون اضاحيهم في منازلهم ولكنهم لا يرمون المخلفات امام الحاويات في الشارع ولا يتركون الماء يتسرب للشارع بعد غسل الفناء بعد عملية الذبح والسلخ حفاظا على صحة البيئة اذ ان مثل هذا التصرف سيولد جحافل من الذباب والبعوض ويكثر بعض الحشرات الزاحفة والطيارة التي قد لا تستطيع الطيران لانها ستصاب حتما بالتخمة والسمنة حتى الزاحفة سيدب في اجسادها الكسل فتقف لنا كل مرصد امام منازلنا ترمقنا بعيونها وتلوث هواءنا وتلدغ اطفالنا.. اما الذين يتوجهون للجزارين في المطابخ فقد زاد عددهم مؤخرا وهم الذين اعتادوا على التمتع بذبح اضاحيهم بأنفسهم ويعبر كثير منهم بأن ذلك ليس كسلا منهم ولا زيادة في اموالهم جعلتهم يدفعون للجزارين ما يطلبون ثمنا للذبح ولكن شبح المتصدع والقلاعية وغيرهما من الاشاعات جعلهم يبتعدون بها ولو قليلا عن منازلهم واطفالهم رغم يقينهم ان تلك مجرد اشاعات لم تتأكد وان المرض القلاعي ولله الحمد لم يصل لاراضينا والمتصدع تم القضاء عليه تماماً.
فرص مهدرة:
يجد بعض العمال الوافدين في ايام عيد الاضحى المبارك فرصة لمزاولة مهنة يكونون قد عملوا بها من قبل وهي مهنة الجزارة وخلال ثلاثة ايام يحصل الجزار على مبالغ مالية خيالية )اللهم لا حسد( ولكن للتقرير لابد من احصاءات فيؤكد اكثر من عامل جزار انه يذبح مئات الخراف خلال ايام العيد وبسعر لا يقل عن مائة وثلاثين ريالا في اليوم الاول ومائة ريال في الايام التالية وبعضهم لا يرضى بأقل من 150 ريالا في اول ايام العيد فلنحسب كم حصيلته خلال ايام معدودات وهو رقم خيالي بلا شك رغم ان هؤلاء الجزارين المتجولين والملتحقين بالمطابخ والاستراحات خلال موسم العيد فقط لم يكونوا يعرفون عن مهنة الجزارة الا بمثل هذه المناسبات وهم لايجيدونها ومن اجادها ففي جلود الخراف المسكينة هنا في مدننا وذلك بسبب ما ذكر آنفا من تراجع التمتع بذبح الاضحية بالمنازل للاسباب المتعددة الوارد ذكرها في الاسطر السابقة .. على ان ملاحظة يجب الا نتجاوزها وهي ان مئات الشباب السعودي الباحث عن العمل يهمل مثل هذه الفرص ويتركها )لرفيق وصديق( يجني منها عشرات الآلاف في ثلاثة ايام وهم يتفرجون الم يكونوا اولى ؟! قد يقول بعضكم ان التقاليد والعادات وبعض المفاهيم الاجتماعية تجعل البعض يستنكف العمل بالجزارة، فاقول نعم هذا يحدث ولكن الظروف والمفاهيم الحضارية المعاشة تتغير ايضا ولابد من القفز على بعض الحواجز التي تعيق اسباب العيش الكريم والرزق الحلال واستغلال المفيد من الفرص المشروعة بعيدا عن حاجز العيب وقيود عادات اخذت تذوب وتختفي في ظل حياة متغيرة متجددة ومفاهيم وعقلية تنضج رويدا رويدا في مجتمع يتطلع للافضل ينفض عن ردائه غبار معتقدات بالية تكبل شبابنا عن طلب الرزق وتصدهم عن مجالات الطموح والاقدام.. والمشاهد ان حرفا واعمالا كان الناس لا يقبلونها ثم نشاهدهم تدريجيا يزاولونها بأسماء مختلفة كالمطابخ والصالونات والمدابغ ومعامل الطوب والبلوك والاسمنت والجبس وغير ذلك في اسلوب مستتر نوعا ما حتى اذا ما تيقن احدهم من المكاسب الظاهرة وان لا احد قد لامه او عاتبه على هذه المهنة والحرفة يضع لوحة على محله وعليها اسمه بخط واضح ولا عيب ولا قيود فالمسألة طلب رزق حلال وكل محتفظ بكرامته وما العيب الا في الانفس المريضة، ونداء السعودة يجب ان يتظافر معه الجميع في كل المجالات والمواسم، عيدكم سعيد.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved