أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 8th March,2001 العدد:10388الطبعةالاولـي الخميس 13 ,ذو الحجة 1421

مقـالات

وقفات مع العيد
د.زيد محمد الرماني
في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً.. فقال: أي آية؟ قال: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً» المائدة 3.. فقال عمر: الي لأعلم اليوم الذي نزلت فيه والمكان الذي نزلت فيه نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بعرفة يوم جمعة.
الوقفة الأولى: العيد موسم
العيد هو موسم الفرح والسرور وأفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا انما هو بمولاهم اذا فازوا بإكمال طاعته وحازوا ثواب أعمالهم بوثوقهم بوعده لهم عليها بفضله ومغفرته، كما قال تعالى «قل بفضل الله وبرحمته. فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون» يونس 58. قال بعض العارفين: ما فرح أحد بغير الله الا بغفلته عن الله.
الوقفة الثانية: أعياد المؤمنين في الدنيا
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان لأهلها يومان يلعبان فيهما، فقال: ان الله قد أبدلكم يومين خيرا منهما يوم الفطر والأضحى.. فأبدل الله هذه الأمة بيومي اللعب واللهو يومي الذكر والشكر والمغفرة والعفو ففي الدنيا للمؤمنين ثلاثة أعياد: عيد يتكرر كل أسبوع وعيدان يأتيان في كل عام مرة من غير تكرر في السنة.
الوقفة الثالثة: الجمعة عيد الأسبوع.
ان العيد المتكرر هو يوم الجمعة وهو عيد الأسبوع، وهو مترتب على إكمال الصلوات المكتوبات فان الله عز وجل فرض على المؤمنين في كل يوم خمس صلوات. وهو اليوم الذي كُمل فيه الخلق، وفيه خلق آدم وأدخل الجنة وأخرج منها. فالجمعة من الاجتماع على سماع الذكر والموعظة وصلاة الجمعة، وجعل ذلك لهم عيداً، ولهذا نُهي عن إفراده بالصيام، وفي شهود الجمعة شبه من الحج.
يقول ابن الجوزي رحمه الله وابن رجب الحنبلي رحمه الله والتبكير الى الجمعة يقوم مقام الهدي على قدر السبق، فأولهم كالمهدي بدنة ثم بقرة ثم كبشا ثم دجاجة ثم بيضة، وشهود الجمعة يوجب تكفير الذنوب الى الجمعة الأخرى اذا سلم ما بين الجمعتين من الكبائر، كما ان الحج المبرور يكفر ذنوب تلك السنة الى الحجة الأخرى.
الوقفة الرابعة: عيد الفطر.
والعيدان اللذان لا يتكرران في كل عام وانما يأتي كل واحد منهما في العام مرة واحدة، فأحدهما عيد الفطر من صوم رمضان وهو مترتب على إكمالهم صيام رمضان وهو الركن الرابع من أركان الاسلام ومبانيه فاذا استكمل المسلمون صيام شهرهم المفروض عليهم واستوجبوا من الله المغفرة والعتق من النار فان صيامه يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب وآخره عتق من النار يعتق فيه من النار من استحقها بذنوبه، فشرع الله تعالى لهم عقب إكمالهم لصيامهم عيداً يجتمعون فيه على شكر الله وذكره وتكبيره على ما هداهم له، وشرع لهم في ذلك العيد الصلاة والصدقة وهو يوم الجوائز يستوفي الصائمون فيه أجر صيامهم ويرجعون من عيدهم بالمغفرة.
الوقفة الخامسة: عيد النحر
والعيد الثاني: عيد النحر، وهو أكبر العيدين وأفضلهما، وهو مترتب على إكمال الحج، وهو الركن الخامس من أركان الاسلام ومبانيه، فاذا أكمل المسلمون حجهم غفر لهم وانما يكمل الحج بيوم عرفة والوقوف فيه بعرفة، فانه ركن الحج الأعظم، كما قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة».
الوقفة السادسة: عرفة والعيد
يوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيداً لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده، لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة، وانما لم يشترك المسلمون كلهم في الحج كل عام رحمة من الله وتخفيفاً على عباده، فانه جعل الحج فريضة العمر لا فريضة كل عام.
فاذا كمل يوم عرفة وأعتق الله عباده المؤمنين من النار اشترك المسلمون كلهم في العيد عقب ذلك وشرع للجميع التقرب اليه بالنسك وهو إراقة دماء القرابين، فأهل الموسم يرمون الجمرة فيشرعون في التحلل من إحرامهم بالحج ويقضون تفثهم ويوفون نذورهم ويقرّبون قرابينهم من الهدايا ثم يطوفون بالبيت العتيق وأهل الأمصار يجتمعون على ذكر الله وتكبيره والصلاة عليه، ثم ينسكون عقب ذلك نسكهم ويقرّبون قرابينهم بإراقة دماء ضحاياهم، فيكون ذلك شكرا منهم لهذه النعم.
وقد قيل: ان الصلاة والنحر الذي يجتمع في عيد النحر أفضل من الصلاة والصدقة الذي يجتمع في عيد الفطر. وفي كل خير وبركة.
الوقفة السابعة: لمَنْ العيد
هذه أعياد المسلمين في الدنيا وكلها عند إكمال طاعة مولاهم الملك الوهاب وحيازتهم لما وعدهم من الأجر والثواب.
ولنا، فليس العيد لمن لبس الجديد انما العيد لمن طاعاته تزيد، ليس العيد لمن تجمّل باللباس والركوب إنما العيد لمن غفرت له الذنوب، في ليلة العيد تفرق خلع العتق والمغفرة على العبيد، فمن ناله منها شيء فله عيد، وإلا فهو مطرود بعيد.
الوقفة الثامنة: أعياد المؤمنين في الجنة
أعياد المؤمنين في الجنة هي أيام زيارتهم لربهم عز وجل، فيزورونه ويكرمهم غاية الكرامة ويتجلّى لهم وينظرون اليه فما أعطاهم شيئا هو أحب اليهم من ذلك، وهو الزيادة التي قال الله تعالى فيها «للذين أحسنوا الحسنى وزيادة» يونس 26.
ليس للمحب عيد سوى قرب محبوبه، قال أحدهم: ان يوما جامعا شملي بهم
ذاك عيد ليس لي عيد سواه
الوقفة التاسعة: العيد في الدنيا والجنة
كل يوم كان للمسلمين عيدا في الدنيا فانه عيد لهم في الجنة، يجتمعون فيه على زيارة ربهم ويتجلى لهم فيه، ويوم الجمعة يُدعى في الجنة يوم المزيد، ويوم الفطر والاضحى يجتمع أهل الجنة فيهما للزيارة. وقد قيل ان كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد.
الوقفة العاشرة: أعياد أهل الموسم
ولما كان عيد النحر أكبر العيدين وأفضلهما ويجتمع فيه شرف المكان والزمان لأهل الموسم كانت لهم فيه معه أعياد قبله وبعده، فقبله يوم عرفة وبعده أيام التشريق، وكل هذه الأعياد أعياد لأهل الموسم، كما في الحديث «يوم عرفة ويوم النحر وايام التشريق عيدنا أهل الاسلام، وهي ايام أكل وشرب».. ولهذا لا يشرع لأهل الموسم صوم يوم عرفة لأنه أول أعيادهم وأكبر مجامعهم وقد أفطره نبي الهدى عليه السلام بعرفة والناس ينظرون اليه.
ختاماً أقول يا مَنْ فاته في هذا العام الحج والقيام بعرفة، فلتقم لله عز وجل بحقه الذي تعرفه..
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved