| الاقتصادية
من أهم مظاهر العولمة هو الانتقال السريع لرؤوس الأموال والاستثمارات من منطقة إلى أخرى عبر الشركات العالمية. فهذه الشركات طبقا لتقرير الأونكتاد أصبحت القاطرة التي تجر وراءها الاستثمار الأجنبي المباشر )FDI( نحو أقاليم العالم المختلفة. أما الدوافع التي توجه هذه القاطرة فهي الرغبة في تعظيم الأرباح في المناطق التي تتميز بحجم كبير للسوق وبيئة استثمارية مناسبة، وتوليفة مناسبة من التكلفة والإنتاجية.
يبلغ عدد الشركات متعددة الجنسيات خمسمائة ألف شركة أجنبية أنشأتها 60000 شركة أم. ويرجع أصول 90% من تلك الشركات الى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان، ولذا نجد ان حوالي 87% من الاستثمار الأجنبي المباشر يأتي من تلك الدول )في عام 1999(. وتسيطر تلك الشركات على صناعات الإلكترونيات، والتجهيزات الكهربائية، والسيارات، وصناعة البترول، والأطعمة، و الكيماويات،والصناعات الدوائية، والاتصالات.ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر مصدر لل)FDI( في العالم، حيث سجل 510 مليارات دولار من التدفقات الصادرة في عام 1999 وحجمها 800 مليار دولار. وفي المقابل بلغ )FDI( من أوروبا وغيرها إلى دول غرب آسيا )التي معظمها دول عربية( 7 مليارات دولار وإلى شمال أفريقيا )وهي دول عربية كذلك( 3 مليارات دولار في العام 1999.هذا في الوقت الذي يعتبر الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء التجاريين للدول العربية، حيث يبلغ حجم التجارة الخارجية العربية معه 66% من إجمالي التجارة العربية. وتبلغ نسبة الصادرات العربية الى الاتحاد الأوروبي 26% من إجمالي الصادرات، ونسبة الواردات العربية منه 3.39% من إجمالي الواردات العربية وذلك في عام 1999 وهذا الوضع لا يتناسب مع حجم الاستثمارات الأوروبية المنخفضة المتدفقة الى الدول العربية.إن المسارات العديدة للحوار والعلاقات العربية الأوروبية عبر فترات زمنية طويلة أعطت أهمية خاصة لتطوير وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الطرفين الى جانب العلاقات السياسية والثقافية، وذلك بحكم الجوار الجغرافي، والمصالح المشتركة التي تربط بينهما، والدور الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي على الساحة الدولية بشكل عام وفي منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط بشكل خاص لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والتنمية. و منذ مسيرة الحوار العربي الأوروبي التي بدأت رسميا في عام 1975 انطلاقا من بيان القمة العربية في الجزائر/ نوفمبر 1973، وبيان المجموعة الأوروبية في كوبنهاجن/ ديسمبر 1973، حتى مسيرة الشراكة الأوروبية المتوسطية التي بدأت في مؤتمر برشلونة عام 1995، فإن الجانبين كانا حريصين على تأكيد التعاون الاقتصادي، وخاصة في مجال تسهيل حركة رؤوس الأموال بين المنطقتين وإزالة العقبات أمام إرساء نظام بنكي قوي )كما جاء في الوثيقة الختامية لاجمتاع بروكسل عام 1994(، وكذلك على ضرورة تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي الدائم والمتوازن وتحسين ظروف الحياة للسكان، ورفع مستوى التشغيل، وتخفيف فوارق النمو في المنطقة الأوروبية المتوسطية، وتشجيع التعاون والتكامل الاقليميين ) كما جاء في إعلان برشلونة(. ومن بين وسائل تحقيق تلك الأهداف إقامة منطقة تجارة حرة أوروبية متوسطية بصورة تدريجية تكتمل في عام 2010، والتعاون في مجال الاستثمار سواء من خلال بنك الاستثمار الأوروبي، أو من خلال المعونة المالية والفنية التي يمكن ان تسهم في تعزيز قدرة الدول العربية في ملء فجوات الموارد المختلفة وتحسين نوعية عوامل الإنتاج المتوفرة، وكذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص والارتقاء بالقطاع الإنتاجي، ووضع إطار دستوري وقانوني ملائم لسياسة الاقتصاد الحر.
إلا أن تشجيع تدفق الاستثمار المباشر وحركة رؤوس الأموال من أوروبا الى الدول العربية يتطلب توفير عدد من الظروف يقع جانب من المسؤولية فيها على عاتق الدول العربية، ويقع الجانب الآخر منها على أوروبا . بينما يقع جانب ثالث من المسؤولية على عمل مشترك للطرفين معا.
على الجانب العربي:
1 تحقيق إدماج الاقتصاد العربي في الاقتصاد العالمي بتحقيق انفتاحه من خلال التجارة وإتاحة النفاذ الى الأسواق للصادرات أو الواردات، مع ما يتطلبه ويستتبعه ذلك من زيادة القدرة التنافسية للسلع جودة وسعراً وتحقيق درجة مقبولة من كفاءة التجارة.
2 الاستفادة من الجوانب الايجابية لعولمة الإنتاج ووجود فروع الشركات الصناعية الأوروبية بالبلاد العربية، باستيعاب التكنولوجيا الجديدة والقدرات التنظيمية والمهارات الادارية والتدريب الفني والمهني.
3 تهيئة المناخ الاستثماري الملائم من حيث تحقيق الاستقرار الاقتصادي ممثلا في انخفاض معدل التضخم واستقرار أسعار الصرف وأسعار فائدة حقيقية موجبة ونسبة متدنية من عجز الموازنة وميزان المدفوعات.
4 تعزيز إمكانات النمو للاقتصاد العربي، باتباع نهج شامل للتنمية بما يتجاوب مع المتطلبات الاجتماعية، وتطوير دائم لمؤسسات الخدمة المدنية، وضمان نظام قضائي يتسم بالكفاءة من حيث الحفاظ على حقوق الملكية وحل المنازعات، وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
5 تحسين أسلوب إدارة الموارد الاقتصادية ووضع إطار تنظيمي عام لعلاقات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك سواء في مضمونه التشريعي أو وهو الأهم في تطبيقاته الفعلية، ويندرج تحت هذا السياسات الخاصة بتشريعات العمل، ومعدلات الضرائب، مستوى التدريب، وسلوكيات العمل.
على الجانب الأوروبي:
1 تعميق التعاون مع الدول العربية في الجانب الاستثماري بوضعها على شبكات الإنتاج الدولية من خلال التركيز والاعتماد على البلاد العربية بحكم الجوار الجغرافي في إقامة صناعات المدخلات الوسيطة في الصناعات الأوروبية، وخاصة تلك التي تستوردها الأسواق العربية وتعتمد علي المواد الخام المتوفرة بتلك البلدان، عوضاً عن الاعتماد على دول جنوب شرق آسيا في ذلك.
2 تقديم الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات الخبرات الإدارية، والقدرات التنظيمية، والمهارات الفنية، والتكنولوجيا إلى الدول العربية المضيفة لفروعها، من خلال برامج ووسائل التدريب وعمليات التعليم أثناء العمل إضافة إلى تعليم المديرين المحليين كيفية الاتصال والتعامل مع البنوك العالمية، والتعامل مع الموارد المحلية البديلة، وقنوات السوق المتعددة، وتقديم تجارب تسويقية دولية متقدمة.
3 إقران الاستثمار الأوروبي المباشر الى البلاد العربية في قطاعات الصناعة والتجارة بتطوير الخدمات المساندة في تلك البلاد في جوانب التمويل والتأمين والتخزين والتوزيع والنقل والاتصالات وغيرها.
4 إتاحة الفرصة أمام الدول العربية المضيفة لفروع الشركات الأوروبية لإعادة هندسة منتجاتها بما يلائم متطلبات السوق العربية وكذلك السوق الأفريقية التي يمكن اعتبار المنطقة العربية وسيطا صناعيا وتجاريا ونافذة عليها، لتمتعها بمناخ استثماري أفضل نسبيا.
5 الحرص على ضبط الممارسات الاحتكارية للشركات المتعاملة مع الدول العربية.
العمل المشترك للجانبين العربي والأوروبي
1 ايجاد اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات في بلدان المجموعتين العربية والأوروبية.
2 إيجاد وثيقة الشروط العامة للعقود التي تنظم إيجاد نماذج تعاقدية حول تنفيذ مشاريع بين دول المجموعتين.
|
|
|
|
|