| عزيزتـي الجزيرة
حينما تهاجر الطيور وحينما تغادر العصافير فإنها تترك شدوها وأعشاشها.. على أغصان تلك الاشجار وحين تجف الغدران وينابيع الأنهار تترك شواهدها ذكرى لحياة كانت هناك..
وحين يغادر القوم مرابعهم تبقي رسوم ديارهم تبكي من بعدهم رحيلهم.. وهكذا كان.. رحل عمي «الشيخ صالح بن عبدالعزيز الهليل» بهدوء كما كان عائشاً بهدوء.. رحل وبقيت ذكراه شاهداً على ما لهذا الرجل من محبة صادقة في قلوب الجميع..
بكته القلوب والعيون والمشاعر.. وترحمت عليه النفوس المحبة له.. تردد: «كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام»..
رحلت يا عماه بسنواتك التي تزيد على المائة عام قضيتها في ذكر الله وطاعته وعمل الخير وحبه ومساعدة المحتاج والضعيف وبذل النصح والارشاد ولا عجب في ذلك فأنت من تلاميذ شيخ الإسلام الحبر الجليل «الشيخ عبدالعزيز بن باز» رحمة الله عليه هل أعدد مآثرك؟؟!! لن أوفيك حقك ولكن أقول جعلت تلك المآثر في موازين أعمالك، رحلت يا عماه وقد بلغت من العمر عتيا وذاكرتك مازالت فتية تردد قصيدة للوالد رحمه الله في حادث غرق السلمية إحدى مدن محافظة الخرج وهو أول ما نظم في الرثاء.. تردد أبياتها الثمانية والعشرين في صوت شجي يهز ألباب من حولك يستعذبون صوتك والآن الحزن
يعذبهم برحيلك:
كل يزول وكل هالك فاني
إلا الإله ومالله من ثاني
وكل شيء فإن الله قدره
سبحانه جل في شأن وسلطان |
كان عصر يوم الجمعة حزيناً وعجلات السيارة تنهب خطى الطريق صوب مدينة الخرج لتلقّي التعازي في الفقيد الغالي.. حيث مكان إقامته رحمه الله.. وشتان بين هذا اليوم وأيام كنا نقصد الخرج للسلام عليك وكان آخرها بصحبة والدتي اطال الله في عمرها كنت صائماً الست من شوال.. ويشهد الله ويعلم ان سعادتي وسروري وأنس نفسي كانت في تلك اللحظات التي انزع فيها النوى من التمر وأناولك اياه وأسقيك القهوة والماء.. ثم أمسح يدك المعروقة الواهية النحيلة بمنديل مرطب ولشد ما توجت سعادتي ووالدتي من حولنا تدعو لي.. ذهبت للمسجد تؤدي الصلاة وذهبنا نحن... وذهبت الآن عن هذه الفانية وغداً نذهب.. وكل إلى زوال والباقي الدائم هو الواحد الخالد..
«إنا لله وإنا إليه راجعون»
رحمك الله ياعمي صالح ورحم الله جميع موتى المسلمين
اللهم رضاك والجنة وحسن الختام
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آل وصحبه الكريم
آمنة محمد الهليل
جامعة الملك سعود الرياض
|
|
|
|
|