وركب كمثل الفجر يقبل مشرقاً
بهياً مضيئاً باسم القسماتِ
يجيء إلى أرض الحجاز ملبياً
عليه وقارٌ واثق الخطوات
يسير بأرض سار فيها نبينا
ينير بهدي حالك الظلمات
مطهرة الثرى معطرة الحصى
منورة الأعلام والجنبات
ملائكة الرحمن تزجي تحية
لزوار بيت طاهر العرصات
هنيئاً لمن لبوا نداء مليكهم
يهلون بالأذكار والدعوات
وجاؤوا يحثون الخطى لمغانم
وكلهم شوق إلى عرفات
كأنهم ما عاينوا من مشقة
وما كابدوا في الدرب من عقبات
إذا شاهدوا بيت المليك تحادرت
دموعهم كالغيث منهمرات
يطوفون بالبيت المطهر سبعة
متممة الأشواط مكتملات
وزمزم يجري ماؤها متدفقاً
وأعينها تفيض بالبركات
ويسعون سبعاً بادئين من الصفا
يسيلون في الوادي مسيل فرات
ويوم يرى فيه الحجيج كأنهم
لحشرهم سيقوا بغير أناة
وقد تركوا منى بُعيد مبيتهم
وقد نفروا منها بُعيد صلاة
وقد لاح نور الفجر في كل جبهة
مطهرة فيها سنا السجدات
يُباهي إلهُنا ملائكة السما
بوفد أتاه من قصي الجهات
يقول انظروا إلى عبادي فقد أتوا
يرجون نيل العفو والرحمات
فأشهدكم أني أفيض عليهم
بموقفهم غمائم النفحات
وأشهدكم أني محوت برحمتي
وعفوي وجودي ماضي الهفوات
فسبحانك اللهم أنت جمعتهم
صنوفاً من الألوان واللهجات
وساويت بينهم بأروع حلة
وفاضلت في الإيمان والقربات
سواسية فلا مكانة بينهم
لمال غني أو لقدر سراة
ولما دنا وقت الغروب توافدوا
على المشعر الحرام من عرفات
وباتوا )بجمع( والملائك أنزلت
عليهم من الرحمن بالبركات
إلى الجمرة الكبرى أفاضوا لرجمها
بأيديهم سبع من الجمرات
يذيقون إبليس الرجيم لهيبها
ويصلونه لظى من اللعنات
أفاضوا إلى البيت المقدس من منى
وطافوا به سبعاً بكل أناة
وآبوا إليها يرجمون عدوهم
فكم رجم الورى بكل قناة
ولما دنا الرحيل أدوا طوافهم
يفيضون حول الكعبة العبرات
يودون لو أن الحجاز مقامهم
ومثواهم الأخير بعد حياة
وعادوا وقد أدوا مناسك حجهم
وسالت بهم بطاح كل فلاة
وللحج غايات ونبل مقاصد
وفي الحج آيات وحسن عظات
وأمر بمعروف وإنكار منكر
وحلم وإحسان ووصل عفاة
وخفض جناح للخلائق رحمة
وصبر على العاتي من العقبات
وما الحج إلا دوحة عذبة الجنى
مذللة الأفنان والثمرات
فيا رب هب لنا بفضلك حجة
تجب ذنوبنا قبيل ممات
ويا رب هل تُمحى الذنوب بحجة
إذا لم تجد يا رب بالرحمات؟!