| مقـالات
من الملاحظات العابرة أن سكان الجزيرة العربية والخليج عامة يرتاحون للعبارات العسلية او المراوغة التي تسبغ عليهم بعض صفات الاطناب والمديح سواء أجاءت بغية الحصول على مكسب معين منهم او استدراجهم واستمالتهم إلى أمر ما له فائدة منظورة او مستقبلية للطرف الآخر حتى ليصل الوضع إلى درجة الاستخفاف والخداع. وهذه الصفة التي قد نحيلها إلى عامل الفطرة إلى درجة البراءة هي في حسبان الطرف الآخر كمستفيد ذكاء حاد له استطاع توظيفه لما يحقق أغراضه. ولست في حاجة إلى ضرب الأمثلة فهي تصادفنا أينما تجولنا في الاوطان القريبة والبعيدة عندما نسيح لنتشوف ونزيد في رصيدنا المعرفي. بل إن الأمر اصبح يتعدى مجرد الاستدراج الشفاهي في الاحاديث المتبادلة إذ تحول إلى ايراد عبارات مراوغة او مائعة في بعض العقود التي نجريها في تعاملاتنا مع الغير حيث نكشف وقوعنا ضحية بنود لم ندقق فيها وذلك لأن الجهة التي صاغت العقد تركت فيه جوانب قابلة لأكثر من تفسير إذ إننا على سبيل المثال نعتبر اطلاق صفة اقطار «الجزيرة العربية» تشمل دول الخليج مجتمعة بينما يرى الآخرون ان لكل قطر مسمى على حده، هذا التحديد سليم حسب اختلاف الانظمة القائمة. وهذا المثل البسيط ادى إلى إرباكات تحولت إلى خلافات حادة يقف الغير حائراً عندما تسندها عوامل جانبية.
فالأجانب في تعاملاتهم ولا سيما عقود العمل والاتفاقيات يصوغون تلك العقود بحيث لا تحتمل أي تفسير آخر ولا يتركون للثقة أي مجال لكي تفسد طبيعة الاتفاق لأن نظرتهم إلى الأمور واقعية إلى أبعد الحدود وذلك من خلال التجارب التي مرت بهم إذ ان الخلاف يحدث حتى داخل الاسرة الواحدة بين الأب أو الأم أوالأبناء في علاقاتهم اليومية وهذا ما توضحه اعمالهم الدرامية الفنية التي نرصدها على الشاشات الفضية يوميا بدليل وقوع رجل اعمال كبير ضحية احدى الوكالات التجارية في دولة عريقة في تفسير بنود اتفاقية بينهما رغم انه رجل الاعمال يعتبر من العقول التي صقلتها التجارب بصفته )عصامياً( أي من الذين يشقون حياتهم دون مساعدة من أحد سوى توفيق الله . واخواننا أهل الكنانة يصفون سكان الخليج بكلمة )عرب( طبعاً لتميزهم عن الأقوام الأخرى وهي أحياناً قد تفسر طريقة التعامل المختلفة. فهذا العربي تستطيع ان تقتحم عالمه بعكس ذاك الأجنبي المسيج بالرفض والشك ! في احدى رحلاتي الخارجية تعرفت على بعض العرب المغتربين من هذه العناصر فكان أحدهم وقد تظاهر بصداقتي كان ينصحني بألا اتسوق إلا واكون بمرافقته حتى لا اخدع من اصحاب محلات التسوق وقد شكرته عن هذه الغيرة نحوي ثم اكتشفت ان اصحاب محلات التسوق يعطون المرافق لمن يأتي بزبون مثلي عمولة مالية أي مكسباً بدون تعب مما جعل ثقتي به تزول وان لم احسده على المكسب الحلال مع ان اضافة العمولة على السعر هي الأقرب احتمالاً.
اردت ان اقول من هذه المشاركة ان علينا وان كنا قد وعينا قليلاً بعد ان صفعتنا التجارب بأن الاحتياط واجب في تعاملاتنا خارج الحدود وبعد ان اصبحنا نملك رصيداً ضخماً من الامثلة على طريقة «حاسبني ولا تخوني» والمجال لا يتسع للكثير منها وان كنا نطمع أن يكون شعارنا هو أن الانسان خلق طماعاً جشعاً يميل إلى اصطياد المنفعة لمصلحته في الغالب وحتى لا تساعده على ارتكاب مثل هذه المعاصي والاستقلال ينبغي ان ننبهه دون تظاهر بأن من يقابله يفهم المقصود بعيداً عن المثالية والطيبة المفرطة حتى يكبت نوازع الشر في نفسه ويرضى بما قسم له من هذه الصفقة او العلاقة.
البريد:
القارئ / احمد المبارك المدينة المنورة
يجب ان نثق بأنظمة الدولة لأنها وضعت لمصلحة الجميع ولا خوف من موضوع التجنس الذي اشرت له والدولة لا تأخذ رسوماً في هذا السبيل وان لاحظت ما يريب وهو يدخل في باب الرشوة التي نحاربها بتعاليم الدولة لا تتردد في الابلاغ عنها كمواطن صالح .
الأخ محمدالصيعري عنيزة
شكراً على هديتك «القواعد الذهبية» ولاشك بأننا ننتفع بمثل هذه الفتاوى بارك الله فيك.
الأخ حسين بن سعيد الدوسري/ الخرج/ عليك بأن تترفق بمن يخالفك في الرأي ولا تندفع ولولا تفاعل الافكار لما تطور حال الانسان في كل زمان ومكان فبلغ اقتحام الفضاء والهبوط على الكواكب .
* للمراسلة / ص. ب. 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|