لقد تطرق الشاعر أبو الطيب المتنبي في شعره ايضا الى الجواهر بصور عامة، والى المصوغات المستخدمة للزينة والتي مصدرها بعض المعادن والأحجار الكريمة المتنوعة، وأشار الى أماكن وضعها في بدن الانسان.
قال أبو الطيب في قصيدة يمدح عليّ بن أحمد المريّ الخراساني:
1 قُلْ فَكَمْ مِنْ جَوَاهِرٍ بِنِظَامٍ
وَدُّها أنَّها بِفِيكَ كَلامُ
يقول العكبري في شرح هذاالبيت: الود: بالفتح: التمني، وبالضم: المحبة. والمعنى: يقول للممدوح: قل وتكلم، فان الجوهر المنظوم يتمنى ان يكون كلاماً لك، لحسن نطقك، وبيان كلامك.
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها أبا العشائر الحمداني:
2 جَوْهَرَةٌ يَفْرَحُ الكِرَامُ بها
وَغُصَّةٌ لا تُسِيغُها السَّفَلَه
يقول العكبري عن هذا البيت: الغصة ما يغص به الانسان فلا يسيغه.والسفلة: جمع سافل، وهو الدنيء من الناس، والسفلة: السُّقَّاط. والمعنى يقول: «يصف نفسه»: أنا جوهرة يفرح بي كرام الناس، لأني أمدهم بما فيهم من الفضائل، وأنا غصة في حلوق اللئام، لا يقدرون على إساغتي، لأني أقول فيهم ما أذلهم به عند الناس.
يقول أبو الطيب في بيته الأول من بيتيه السابقين لممدوحه: قل وتكلم لأن الجواهر المنظومة تتمنى ان تكون قولاً لك، وهنا نتبين من هذا البيت ان الجواهر متنوعة ومتعددة ومع هذا فهي مرغوبة ومحببة عند الناس لأن الشاعر مدح بها ممدوحه. وشبه شاعرنا المتنبي في بيته الآخر نفسه بجوهرة يفرح بها كرام الناس.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها عضد الدولة، ويذكر طريقه بشعب بوّان:
غَدَوْنا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فِيهِ
عَلى أعْرَافِها مِثْلَ الجُمانِ
يقول العكبري في شرح هذا البيت: الأعراف: جمع عرف، وهو عرف الفرس، وهو الشعر الذي على ناصيته. والجمان: حب صغار يشبه اللؤلؤ. والمعنى: يقول: الشجر الذي في هذا الشعب «شعب بوّان.. في فارس» يسقط عليه في الليل الندى، فهو ينفض على أعراف الخيل مثل الجمان، وهو يشبه اللؤلؤ، وهو يكون من فضة، يصف أنها كثيرة الشجر والماء.ورد في لسان العرب لابن منظور: الجمان هنوات تتخذ على أشكال اللؤلؤ من فضة، فارسي معرب، واحدته جٌُمانة. الجوهري: الجمانة حبة تعمل من الفضة كالدرة، قال ابن سيدة وبه سميت المرأة وربما سميت الدرة جمانة.. وقيل: الجمان خرز يبيض بماء الفضة.
لقد أشار الشاعر في بيته السابق الى أحد الحلي المستخدمة في الزينة والتي كما ورد في لسان العرب لم يتفق على مصدرها، ولكنها تعتبر من الجواهر..
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها سيف الدولة لما ظفر ببني كلاب:
1 قعُدْنَ كَمَا أُخِذْنَ مُكَرَّمَاتٍ
عَلَيهِنَّ القَلائِدُ والمَلابُ
يقول العكبري في شرح هذا البيت: الملاب: ضرب من الطيب، فارسي معرب. والمعنى: يريد ان نساء بني كلاب لما ظفر بهم أخذ نساءهم فرجعن مكرمات، عليهن قلائدهن وطيبهن، لم يذهب منهن شيء، وعدن الى أماكنهن مكرمات عن السبيء.
وقال أبو الطيب في قصيدة يمدح بها سيف الدولة:
2 نَجْنِي الكَوَاكبَ مِنْ قَلائِدِ جيدهِ
وتَنَالُ عَيْنَ الشَّمسِ مِنْ خَلْخالهِ
يقول العكبري عن هذا البيت: الجيد: العنق. والمعنى: شبه ما في قلادته «المرأة التي يتغزل بها» من الدر بالكواكب، وخلخاله بعين الشمس، يريد لمعان خلخاله، وذكر انه يجني من تلك الكواكب، بتناوله لها. وينال عين الشمس من تلك الخلاخل، بلمسه إياها، فأحرز قصبات التشبيه فيما شبه به، مما لا زيادة عليه في حسن النظر، وأشار الى المعانقة والملامسة بأحسن إشارة، ،عبر عنها بأحسن عبارة، فجعل مد يده الى تلك الفرائد جنياً للكواكب، والى الخلخال نيلاً لعين الشمس.
ورد في لسان العرب لابن منظور: القلائد ما جعل في العنق يكون للإنسان والفرس والكلب والبدنة التي تهدي ونحوها، وقَلَّدت المرأة فَتَقَلَّدت هي.
لقد أشارالشاعر في بيتيه السابقين الى القلائد، وهي ما تجعل في العنق وخصوصاً عند النساء، وبين في بيته الأول ان سيف الدولة أعاد نساء بني كلاب الى أهلهن ولم يُسلب منهن شيء بما في ذلك قلائدهن، وهذا يوحي لنا أن قلائدهن كانت ذات قيمة، أما في بيته الآخر فقد شبه قلادة محبوبته وما فيها من الجوهر بالكواكب، وهذا يعني لنا أن قلادة محبوبة الشاعر كانت منظومة ربما من الدر او اللؤلؤ.
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها الحسين بن علي الهمداني:
1 وَأَصبَحَ شِعْرِي مِنْهُما في مَكَانهِ
وفي عُنُقِ الحَسْناءِ يُسْتَحْسَنُ العِقْدُ
يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى يقول: في مكانه، اي في المكان الذي ينبغي ان يكون فيه، لأنه أهل للمدح فزاد حسناً، كما ان العقد يستحسن في عنق المرأة «الجميلة».
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها كافوراً:
2 بِوَادٍ بِهِ ما بالقُلُوبِ كأنَّهُ
وَقَدْ رَحَلُوا جِيدٌ تَناثَرِ عِقْدهُ
يقول العكبري عن هذا البيت: الجيد: العنق. والمعنى: يريد : ان الوادي كان متزينا به «النساء الظاعنات الراحلات» . فلما ارتحلوا عنه تعطل كالعنق اذا سقط عنه العقد، وهي القلادة من الجوهر. وقال أبو الفتح: بقي الوادي مستوحشاً لرحيلهم عنه كالجيد اذا سقط عقده، وبه ما بالقلوب، اي قتله الوجد لفقدهم.
قال:* ويجوز ان يكون شبه تفرق الحمول والظُّعن بدر تناثر فتفرق.ورد في لسان العرب لابن منظور: العقد: الخيط ينظم فيه الخرز، وجمعه عقود.
وقد اعتقد الدر الخرز وغيره اذا اتخذ منه عقدا، والمعقاد: خيط ينظم فيه خرزات وتُعلق في عنق الصبي.
لقد اشار أبو الطيب في بيتيه السابقين الى العقد والذي يوضع في العنق، وذكر في بيته الأول ان العقد يستحسن في عنق المرأة الحسناء، ولم يبين لنا ماهية العقد ومن اي معدن او جوهر او غير ذلك يكون، أما في بيته الآخر فقد شبه الوادي عندما رحلت النساء عنه بجيد «عنق» تناثر عقده، وهنا نتبين ان الحلي المصنوعة من المعادن النفيسة والأحجار الكريمة لها دور في اضافة جمال على المرأة الجميلة.. وشبه النساء الظاعنات بحبات العقد المتناثرة.
وقال أبو الطيب في قصيدة يمدح بها سيف الدولة، ويذكر إيقاعه بقبائل العرب:
1 بِلادٌُ إذَا زَارَ الحِسَانُ بِغَيرِها
حَصَى تُرْبها ثَقَّبْنَهُ لِلْمَخَانِقِ
يقول العكبري في شرح هذا البيت: المخانق: العقود، واحدها: مخنق. والحسان: النساء ، واحدها حسناء. والمعنى: يقول : إذا حُمِل حصى هذه الأرض الى النساء، بأرض غيرها، ثقبنه لمخانقهن لحسنه ونفاسته. وقال الخطيب: إنما أراد ما يوجد حول الكوفة من الحصى الفرومي «؟» ، اي ان تراب تلك الأرض ينوب عن العنبر، وحصاها ينوب عن الدر والياقوت. كأن النساء يتحلين به، وينظمنه في عقودهن.
وقال المتنبي في قصيدة بمدح بها الحسين بن إسحاق التنوخي:
2 غَذَا الهُندُوَانِيَّاتِ بِالهامِ والطُّلَى
فَهُنَّ مَدَاريها وَهُنَّ المخانِقُ
يقول العكبري عن هذا البيت: الهندوانيات: جمع هندواني، بمعنى الهندي. وسيف مهند وهندي، وهو ما عمل ببلاد الهند. ،الطلى: الأعناق. والمداري: جمع مِدْري، وهو ما يفرق به الشعر. والمخانق: جمع مخنقة، وهي قلادة قصيرة.
والمعنى: يقول: غذا سيوفه بالأعناق والرءوس، كما يغذى الصبي، فصارت سيوفه للرقاب، كالمداري للمفارق، والمخانق للأعناق، أي انها تصاحبت مع الهام والأعناق، كما صحبتها المداري والمخانق. يعني اذا علت سيوفه الرءوس، صارت بمنزلة المداري، واذا علت الأعناق صارت بمنزلة المخانق.
ورد في لسان العرب: الخناق والمخنقة: القلادة الواقعة على المخنق «الحلق».
لقد اشار الشاعر في بيتيه السابقين الى المخانق وهي العقود التي تلبس في الرقبة وبين في بيته الأول ان بعض أنواع الحصى «مكونة من معان..» قد تستخدم للزينة وتوضع في الأعناق، وفي بيته الآخر وضح ان موضع المخانق هي الأعناق.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها عضد الدولة:
1 لَوَيْتُهُ دُمْلُجاً عَلى عَضُدٍ
لِدَوْلَةٍ رُكْنُها لَهُ وَالِدْ
2 يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى: يقول: لويت مدحي: اي جعلته دُمْلُجاً، وهو ما يلبس في العضد، فلما كان لقبه عضد الدولة، استعار لمدحه دملجاً، لملابسة الدملج العضد، وركن الدولة والده.
وقال أبو الطيب في قصيدة يمدح بها علي بن ابراهيم التنو خي:
2 ذِرَاعاها عَدُوَّا دُمْلُجَيْها
يَظُنُّ ضَجِيعُهَا الزَّنْدَ الضّجِيْعا
يقول العكبري عن هذا البيت: المعنى: يقول: ذراعا هذه المرأة عَدُوَّان لدملجيها، لعظمهما وغلظهما، يكادان يقصمان الدملجين لامتلائهما، فاذا نامت عند أحد يظن ان زندها لسمنه هو الضجيع له لا هي.
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها أحمد بن عبد الله الأنطاكي:
3 مِنْ طاعِني ثُغَرِ الرّجالِ جآذِرٌ
وَمِنْ الرّماحِ دَمَالجٌ وخَلاخِلُ
يقول العكبري عن هذا البيت: الثغر جمع ثُغرة، وهي نقرة النحر التي بين الترقوتين.
والجآذر: جمع جؤذر، وهو ولد البقرة الوحشية.. والدملج، الدُّمْلُوج: المعضد. وجمعه دمالج. والخلخال: ما يكون من ذهب أو فضة في الساق. والمعنى: قال أبو الفتح: نساء مثل الجآذر بحليهن يفعلن ما يفعل الطاعن بالرمح.
ورد في لسان العرب: الدَّمْلجة: تسوية الشيء كما يدملج السِّوار. والدملج والدملوج: المعضد من الحلي.
لقد اشار شاعرنا في أبياته الثلاثة السابقة الى الدملج، وهو من أدوات الزينة والحلي التي تلبس في العضد ويسمى المعضد، وقد يكون الدملج من اي معدن ذا قيمة، او غير ذلك، وأكثر ما تستعمله النساء.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها عبيد الله بن خراسان:
1 ما ضَاقَ قَبْلَكِ خَلْخَالٌ عَلَى رَشَأ وَلاَ سَمِعْتُ بِدِيبَاجٍ عَلى كَنَسٍ
يقول العكبري في شرح هذا البيت: الرشأ: الظبي. والكنس والكناس بيت الظبي، وهو ما يتخذ من الشجر يستظل فيه من الحر والبرد. والمعنى: يقول: أنتِ في الحسن الغزال، والغزال دقيق القوائم، فكيف ضاق خلخالكِ وهودجك مستتر بالديباج، وما سمعت ولا رأيت ان الديباج يكون على بيت الغزال، فكيف وقد ستر هودجك بالديباج؟ والديباج معرب.
وقال أبو الطيب في قصيدة يمدح بها عبد الرحمن بن المبارك الأنطاكي:
2 وَنئِيٌّ كأنَّهِنَّ عليهن
خِدامٌ خُرْسٌ بِسُوقِ خِدَالِ
يقول العكبري عن هذا البيت: النؤي: ما يحفر حول البيت ليقيه ان يدخله ماء المطر، كالخندق حول البلد. والخدام: جمع خدمة، وأصله سيريشد في رسغ البعير، وبه سمي الخلخال خدمة، لأنه ربما كان من سيور يركب فيه الذهب والفضة.
والخدال: السمان، وهي جمع خَدلة، وهي الممتلئة، ومثلها خَدَلَّجة. والمعني: شبههن «الطلول» حول البيت بالخلاخيل على الأسؤق الغلاظ، لأن الساق اذا غلظت لا يتحرك عليها الخلخال، ولم يسمع له صوت، وقال الواحدي: وهذا إخبار بأن التؤ لم يدفن في التراب، وأن ما أحدقت به ملأها، كما تملأ السابق العظيمة الخدمة وجعل أبو الطيب الخدام حراساً، لأن الساق اذا امتلأ لم تتحرك، والخلخال كالنؤى يملأ ما أحدق به من الأرض، وهو تشبيه حسن.
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها علي بن ابراهيم التنوخي:
3 مِنْ بَعْدِ ما صِيغَ مِنْ مَوَاهِبِهِ
لِمَنْ أُحِبُّ الشُّنُوفُ والخَدَمُ
يقول العكبري عن هذا البيت الشنف: ما كان في أعلى الأذن. والقرط: ما كان في الشحمة.
والخدم جمع خدمة، وهي الخلخال. والمعنى: يقول: عدلت الى زيارته بعد ما وصل الي عطاؤه، فصغت لمن أحب الشنوف والخلاخيل، أي ان مواهبه وعطاياه وصلت الى قبل زيارته.
ورد في لسان العرب: الخَلخْل والخُلخل: من الحلي، والخلخال: كالخلخل . والمُخلخل: موضع الخلخال من الساق، والخلخال: الذي تلبسه النساء. وتخلخلت المرأة: لبست الخلخال.
لقد تطرق أبو الطيب في أبياته الثلاثة السابقة الى الخلخال، وهو من الحلي التي تلبس في الساق ويدخل فيها معدنا الذهب والفضة وربما غيرها من الأحجار الكريمة.
وقال الشاعر في قصيد يمدح بها أحمد بن الحسين القاضي:
1 لِجِنِّيَّةٍ أمْ غَادَةٍ رُفِعَ السَّجْفُ
لِوَحْشِيَّةٍ؟ لا . ما لِوَحْشِيَّةٍ شَنَفُ
2 نَفُورٌ عَرَتْها نَفْرَةٌ فَتَجَاذَبتْ
سَوَالفُها والحَلْيُ والخَصْرُ والرِّدْفُ
يقول العكبري في شرح البيت الأول: الغادة والغيداء: الناعمة . والسجف: جانب الستر.
والشنف: ماعلق في أعلى الأذن. والقرط: ما كان في أسفلها. والمعنى: العرب اذا وصفت شيئا وبالغت فيه جعلته من الجن. ويقول العكبري عن البيت الآخر: عرتها: أصابتها. والسوالف: جمع سالفة، وهي صفحة العنق. والمعنى: هي نفور، اي نافرة طبعاً، وأصابتها نُفْرة، فاجتمعت نُفْرتان: نفرة أصلية ونفرة من رؤية الرجال، فتجاذبت سوالفها، وردفها يجذب خصرها لعظمه ودقة الخصر.
ورد في لسان العرب لابن منظور: الشَّنف: الذي يلبس في أعلى الأذن بفتح الشين، والذي في أسفلها القرط، وقيل الشنف والقرط سواء، والجمع أشناف وشنوف.
وقال أبو الطيب في قصيدة يمدح بها كافوراً:
3 ومَا رَبَّةُ القُرْطِ المَليح مَكانُهُ
بأَجْزَعَ منْ ربِّ الحُسامِ المُصَمِّم
يقول العكبري في شرح هذا البيت: القرط: الذي يعلق في شحمة الأذن «أسفل الأذن»، والجمع قرطة وقراط. والمصمم: صفة للحسام، ويجوز ان يكون لرب، وهو أولى وأحسن.
والمعنى: يقول: ليست هذه المرأة «التي بكت على الشاعر عند رحيله» لفراقي بأجزع من الرجل الشجاع، لأن الرجل يبكي عليَّ لمكاني عنده.
لقد اشار الشاعر في بيتيه الأول والثاني من أبياته الثلاثة السابقة الى الحلي التي توضع في الأذن سواء في أعلاها او في أسفلها وهي غالباً ما تكون من المعادن الثمينة او الأحجار الكريمة.
وقال المتنبي في قصيدة قالها وقد خرج عضد الدولة يتصيد ومعه آلة الصيد:
1 بالأبِ لا الشَّنْفِ ولا الخلْخَالِ
حَلْياً َتَحلّى منْك بالجمال
ورُبَّ قُبْح وَحُلى ثِقالِ
أحْسَنُ مِنْها الحُسْنُ في المِعْطالِ
يقول العكبري في شرح البيت الأول: الشنف: القرط الأعلى، وجمعه شنوف. والمعنى:
يقول: نسبك حلي عليك يزينك، وأنت الحالي بأبيك لا بالحلي الذي تتزين به المرأة، وذلك الحلي هو نسبك، وهو يتزين منك بالجمال، فأبوك يزينك وأنت تزينه، فالحلي يتحلى منك بما تكسوه من مناقبك، وتؤثر في جماله بمكارمك. ويقول العكبري عن البيت الآخر: المعطال: التي لا حلي عليها، وكذلك العاطل والعُطْل. والمعنى: يريد: ان الحلي لا ينفع مع القبح، فرب قبح يتحلى ، فيكون حسن المرأة التي لا حلي عليها أحسن منه، والمعنى: غيرك لا ينفعه النسب الشريف، كالقبح يحاول ستره بالحلي الفاخرة، فتفضحه المرأة الحسناء امعطال، مع البذاذة الظاهرة.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها عضد الدولة، ويذكر طريقه بشعب بوّان:
3 وَأمْواهٌ يصِلُّ بها حصَاها
صَلِيلَ الحلْي في أيّْدي الغَواني
يقول العكبري عن هذا البيت: صلّ: اذا صوت. وصلصلة اللجام صوته. والحلي: ما يلبسه النساء من الذهب والفضة والجوهر. والغواني: جمع غانية، وهي المرأة التي غنيت بحسنها، وقيل بزوجها. والمعنى: يقول: لها مياه «الشعب» يصوت حصاها من تحتها كصوت الحلي في أيدي الجواري.
ورد في لسان العرب لابن منظور: الحَلْيُ: ما تزين به من مصوغ المعدنيات او الحجارة والجمع حُلِيّ.
لقد تطرق أبو الطيب في أبياته الثلاثة السابقة الى الحلي التي تلبسها المرأة للزينة والتجمل وهي أما ان تكون من المعادن الثمينة النفيسة او الأحجار الكريمة، ففي بيته لأول ذكر الشنف وهو القرط الذي يوضع في أعلى الأذن، والى الخلخال الذي يلبس في الساق، وفي بيته الثاني نعت بعض الحلي بالثقال، أما في بيته الثالث فأشار الى أصوات الحلي في أيدي النساء.
وقال أبو الطيب في قصيدة يمدح بها سيف الدولة:
1 بَلِيتُ بِلَى الأَطْلال إنْ لمْ أقِفْ بِها
وُقوفُ شَحِيحٍ ضَاع في التُّرْبِ خاتمُهْ
يقول العكبري في شرح هذا البيت: الأطلال: جمع طلل، وهو ما شخص من آثار الديار.
والشحيح: البخيل. والخاتم ما يكون في الأصبع للرجال والنساء من ذهب وفضة وغيرهما. والمعنى: دعا على نفسه بأن يبلى بلى الأطلال الدارسة، ويتغير تغير الرسوم العافية ان لم يقف بديار أحبته متوجعاً لها، ومعتنيا بها، وقوف شحيح ضاع خاتمه في الترب، واعتمد الخاتم لأنه صغير الجرم مهم الأمر، فلصغره يخفى موضعه، ولاهتمامه يحب تتبعه، واشترط ضياعه في التراب ليكون تطلبه فيه، وهو موضع آثار الديار، ورسوم الأطلال.
وقال شاعرنا المتنبي في قصيدة يمدح بها سيف الدولة:
2 وإذَا تَتَوَّجَ كُنْتُ دُرَّةَ تاجِهِ
وَ إذَا تَخَتَّمَ كُنْتُ فَصَّ الخَاتِمِ
يقول العكبري عن هذا البيت: تتوج: لبس التاج. والخاتم «بكسر التاء وفتحها».
والمعنى: يقول: الخليفة «الخليفة العباسي» يتجمل بك، كما يتجمل بالتاج والخاتم.
والمعنى: أنك أرفع حلية تاجه، لأنك درته، وأجل ما يشتمل عليه خاتمه اذا تختم، لأنك فصه، يشير الى انه أرفع ما يترفع به الخليفة.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها عضد الدولة:
3 فَبِلَحظِها نَكِرَتْ قَناتي رَاحَتي
ضَعفاً، وأنْكَرَ خاتِماي الخِنْصَرَا
يقول العكبري عن هذا البيت المعنى: يقول: بسبب نظري المحبوبة التي سبيت بها، صرت ضعيفا مهزولاً، أنكرتني قناتي «رمحي»، بضعف بدني عن حملها، وأنكر خاتمي خنصري، لا تساعه عنه من الهزال.لقد ذكر أبو الطيب في أبياته الثلاثة السابقة الخاتم، والخاتم من الحلي التي تلبس في الأصبع للرجال والنساء، وقد يكون الخاتم من ذهب او فضة او الماس او غير ذلك من المعادن.
واشار الشاعر في بيته الثاني الى فص الخاتم الذي قد يكون أثمن من الخاتم نفسه لأنه ربما يكون من لؤلؤ أو حجر كريم نفيس.