|
| الركن الخامس
يأتى دور المملكة العربية السعودية على الخريطة الاسلامية بارزا وواضحا وملموسا. وحينما تتطابق الأقوال مع الافعال وتصبح هذه المملكة بحق هي راعية للاسلام والمسلمين الذين يأتون الى بيت الله الحرام افواجا يحدوهم الأمل في مغفرة الله ورضوانه وتطرب آذانهم بالتلبية وتخشع قلوبهم من بلوغ القصد وتحقق الآمال.
وليس غريبا ان تضع حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله كل هذه الامكانات الرائعة في خدمة وفود المسلمين القادمين من شتى بقاع الأرض ولذا يجب الاستفادة من هذا التجمع العالمي في هذا الوقت المحدد وايجاد الطريقة المثلى لتأصيل وتحقيق التوحيد لدى حجاج بيت الله الحرام خلال اقامتهم في هذه البلاد الطاهرة التي قامت على قاعدة متينة من العقيدة الصحيحة منذ ان وحد كيانها الملك عبدالعزيز يرحمه الله وهي تحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في مختلف شؤون الحياة وتطبيق تعاليمها بكل عناية.. فانها تسعى دائما لوحدة صف المسلمين ورأب ما يعتريهم من فتوق ورتوق وتسعى جاهدة لنشر العقيدة الصحيحة من خلال مرافقها المختلفة دعوية او اعلامية او تعليمية او تثقيفية.
ويأتي دور الحج حيث يلتقي المسلمون من اطراف الارض الواسعة فيتعارفون ويتحابون ويتدارسون امور دينهم وهذا اللقاء فرصة لتقارب المسلمين وازالة ما علق بالاذهان من تنافر وتباعد.
وهو مناسبة للالتقاء على صراط الله المستقيم ومنهجه السليم فالعالم يوجه ويبذل من علمه والجاهل يسترشد ويسأل والشاك يستوضح حتى يتبين له الحقيقة التي تتفق مع حكم الله وشريعته وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
كما ان الحج فرصة لازالة ما علق ببعض الفرق الاسلامية من شكوك وبدع والتي قد لا يدركها المسلم في بلده لأن من حوله متعلقون بها فيظنها من تعاليم الاسلام فيبينها له اخوانه المسلمون بالدليل المقنع وبالقدوة في العمل.
حيث ان البعد عن البدع والتمسك بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم هو من اهم اسباب تحقيق التوحيد وقلة الخلاف فيجب على الحاج ان يحرص على ان يكون حجه لله خالصا ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤدي نسكه وفق ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة او نقصان او تفريط او جنف امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم )خذواعني مناسككم( وألاّ ينشغل عن اداء هذا الركن الاسلامي العظيم بأي صارف وليسأل اهل الذكر في كل ما صعب عليه فهمه واشكل عليه علمه )فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون( وللعلماء دور بارز في توجيه الناس في موسم الحج سواء فيما يتعلق بإرشاد الحجاج في اداء مناسكهم او ما يتعلق بأخلاقهم وتعاملهم مع الآخرين وترسيخ العقيدة الصحيحة في نفوسهم.
فانه على الرغم من الايام المعدودات التي يقضيها الحجاج في اداء شعيرة الحج الا انها فريضة مناسبة للالتقاء بعلماء هذه البلاد المباركة والاستفادة من خطبهم ومحاضراتهم وفتاواهم.
فان المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني حفظهم الله جميعا تستقبل كل عام مئات الآلاف من الحجاج من خارجها ومئات الآلاف من داخلها وتحشد طاقاتها المادية والبشرية لتنظيم امور الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام وتيسير اقامتهم وتحركاتهم ووسائل نقلهم وسائر خدماتهم ليؤدوا واجبهم بكل يسر وسهولة دون اية منغصات او صوارف تصرفهم عن التفرغ للعبادة التي قدموا من اجلها.
وان وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد من المؤسسات الحكومية التي تشارك في اعمال الحج كل عام فهي تتولى كل ما يتعلق بالتوعية الاسلامية في الحج وتنشر مئات الدعاة في مختلف المواقع في مكة والمشاعر والمنافذ البرية والبحرية والجوية لالقاء المحاضرات والدروس العلمية وتوجيه الحجاج وتوعيتهم وتبصيرهم بأمور دينهم وتصحيح ما لديهم من اعتقادات خاطئة وبدعيات ظاهرة مما يكون له اكبر الاثر في بث الوعي بين الحجاج وترسيخ العقيدة الصحيحة في نفوسهم ويعطي دلائل واضحة على اهمية العمل الذي تقوم به هذه الوزارة وهو امر يحتاج الى تضافر الجهود وحفز الهمم والطاقات من قبل العلماء المؤهلين للتوعية والتوجيه.
فما ينتهي موسم من مواسم الحج الا ويبدأ الاعداد والتخطيط مباشرة لما يمكن ان تقوم به في موسم الحج القادم.
فهناك لجنة عليا لاعمال الوزارة في الحج يرأسها معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ يحفظه الله تخطط وتشرف على اعمال الوزارة في الحج.
ونصيحتي للمسلمين جميعا وخصوصا منهم حجاج بيت الله الحرام ان يتمسكوا بالعقيدة الصحيحة )عقيدة التوحيد( والتعاليم الاسلامية السمحة وان يربوا أبناءهم تربية اسلامية صحيحة بعيدة عن الاغراق والغلو والتطرف والانزلاق وراء التيارات والمذاهب المنحرفة وان يستفيد وامن مدرسة الحج الدروس والعبر والعظات ليرجعوا الى قومهم وأوطانهم حاصلين رسالة هذا الدين الصحيحة وعقيدته السليمة الصافية النقية وقد تحقق المقصد الاعظم من مقاصد الحج وهو توحيد الله عز وجل بأنواعه الثلاثة )توحيد الربوبية، توحيد الالوهية، توحيد الاسماء والصفات( متمثلا في قول الله تبارك وتعالى )واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت ان لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود(.
وفي الختام اتوجه الى الله العلي القدير من هذه البقاع الطاهرة ان يحفظ لهذه البلاد المباركة امنها واستقرارها وولاة امرها وان يجزيهم خير الجزاء على ما قاموا به من جهود عظيمة لخدمة الاسلام ونصرة قضايا المسلمين في كل مكان وما قاموا به من اعمال جليلة لخدمة ضيوف الرحمن وان يوفق القائمين على وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد وعلى رأسهم معالي الوزير لكل خير وان يبارك في عمره وعمله.
كما اسأله جل شأنه ان يوفق الجميع للفقه في دينه والتزود من العلم النافع والعمل الصالح انه خير مسؤول وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
خبير الشؤون الاسلامية بوزارة الشؤون الاسلامية
وخطيب جامع العبداللطيف
|
|
|
|
|
