| الثقافية
قد يجد البعض موضوع الحفلة أياً كانت مزاجاً مسرحياً للمشاركين العاملين بها لكنها أياً كانت هي ماهية المسرح.. وأي حفلة سعيدة مثل الزواج أو الضيافة الكبيرة أو مناسبة يوم الميلاد لطفل صغير أو المناسبات الحزينة مثل العزاء والتأسي والتذكر الفاجع إذا أقامته جماعة..
وكذلك حفلات الاستطباب التي يديرها المشعوذون لشفاء البسطاء كلها مزاجات مسرحية... بعضها يكون تام الأركان مهما كانت الفتنا معها وعدم استغرابنا لأحداثها.. وهي وإن كان في الواقع إلا أنه تنشد النفي وتؤسس كيانها الطقوسي على هذا النفي أملاً في تأكيد فعل الفرح أو الحزن أو على الأقل خلق جيشان عاطفي للحشد.. ويشير )دو فينو( في كتابه المسرح في المجتمع )سيسلوجية المسرح( الى معنى الوسط الجياش الذي ينشده الاحتفال والمسرح على حد سواء من مفاهيم الحفل أو من مفاهيم التجمع الطقوسي.
ويذهب منظرون كثيرون الى ان التطور الاجتماعي يتم في مسرح الواقع الديناميكي لا في الركود والسكون.
فالقيادات والتحولات تفرض قياداتها في إجراء اجتماعي طقسي شبيه بما يعرف بالمسرح.. ومهما خلا الحال من إجراءات ترتيب الحفل فإن الفروسية )مثلا( تعرض نفسها في دور البطولة.. وفي المقابل للقهر والمقهورين يعرض الخنوع، وفي العصور الوسطى وفي العصر العباسي وعصر المماليك ظهرت احتفالات التنصيب والمراسيم في عالم من الاحتفال الكبير الذي تعد له العدة وتنصب البيارق وتقام المخيمات وتعد المواكب.
****************
دلالات العرض في الحفل
الدلالة في عالم الحفل الى المسرح في الغالب أكثر من واحدة.. لكنها تأتي غالبا متبادلة أولها شخصيات الحدث وثانيها محيط العرض والترتيبات والتجميلات الملحقة به.. ثم قانون الكلام ولغة الفعل المرئي في الحفل ويشمل كل الكلمات والحركات في الحفل مهما اختلف غرضه أو ضاق مكانه فهو سيان في المكان المفتوح أو المغلق أو الواسع أو الضيق فالإجراء هو أساس الحفل وهو أدوار يؤديها كل الموجودين بحسب ما يسندون لأنفسهم من أدوار الحفل.. أما مخرج الحفل فليس هو المنظم بل هو من يحتل بداية الكلام.
رغم أن الحفل بحد ذاته مسرحانية إلا أن شروطاً يتم بها وهي استعداد وحضور الترقب. والمثال قبل حفل الزواج عندما تكتمل الاستعدادات ويقف أهل العريس أو العروس بحسب العادة في انتظار الضيوف.. وفي الانتظار يبدأ الضيوف في القدوم ويتخذ الإجراء الترحيب اللفظي والمصافحة.. والضيوف يتكونون من فئات تشبه فئات الممثلين فكبار العائلة يتجمعون في مكان وفي المقابل يأتي الأقل.. ويبدأ الحفل يتصاعد تلقائيا بمشاركة القادمين وبعضهم يكون ممثلا ماهرا يستقطب العيون والآذان والبعض يتروى في ركن قصي لا يعلم أحد بوجوده من عدمه بينما يحتل البعض بحضورهم العالي الاهتمام حتى لو لم يكونوا مشاركين وهم في الغالب القائمون بدور الجمهور المتلقي..ويكون هناك ضيف شرفي حاضر أو مناب عنه أو مفترض مثل العريس الغائب.
***
ويزداد الحفل ازدهارا وتألقا بحضور كوكبة ضيوف الشرف وهم في الغالب في ملابس زاهية ودورهم في التشريفات دور الجوقة المادحة للحال وغالبا ما يتخذ لبساهم لباس تشريفات المحتفى به فهم عنصر التضخيم للشخصية الفنية الأولى في الحدث واجرائه.
هؤلاء في الغالب هم الذين يحضرون في وقت لاحق إذ لا يفترض أن يحضروا في أول الحفل ولو حضروا مبكرين لكان الأمر مثار استغراب اذ يتوقعهم الناس في وسط الحفل ولو تأخروا إلى زمن يقرب من نهاية الحفل لكان ذلك مستغرباً أيضاً ومعنى هذا أن موعد حضورهم يسبق حضور المحتفى به فقط أو يكون معه.
وبحسب الحال الاجتماعي فقد يسبق الحفل العشاء أو يسبق العشاء على إجراء الحفل الترفيهي.. لكن الحفل الرئيسي سواء سبق العشاء أو لحقه يبقى قمة فعل المسرحانية حيث يتوجب بعد ذلك ان يترخى الحفل ويبدأ كثيرون بمغادرة المكان وفي الغالب يذهب المحتفى بهم بعد نهاية العشاء أو القهوة أو البخور بحسب التقليد السائد لكن هذه المرحلة تعني النهاية.
***
وغالبا ما تكون الخاتمة بطيئة متراخية حيث يبدأ المحتفلون بتقييم أحداث الحفل.. مثلا هل كان العشاء جيداً هل خدم الضيوف كما ينبغي.. هل حصل ما يبهج أو يكدر الصفو.. وأمور أخرى حتى وإن لم تكن ضرورية فمنها تخلق نهاية الحفل.
الحفل الاجتماعي يحتفي بواقعية أو طبيعية الإجراء وإن أخذ بالنفعية من كلام أو إجراء طقسي مثل الغناء أو الشعر أو الرقص بصفته وصلة مقطوعة في حكائية النسق من أجل نفي الحدث للوصول للطقوسية.
والجو الاحتفالي بوصفه مسرحانية مميز في كل الإجراءات الطقوسية القديمة والحديثة وغالبا ما قرن بالمغيبات والأحداث لإعطائه تصور البعد الزماني والخروج عن المألوف
Othaimm@hotmail.com
|
|
|
|
|