رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 1st March,2001 العدد:10381الطبعةالاولـي الخميس 6 ,ذو الحجة 1421

مقـالات

خطأ الخطاب العلمي.. وضعف النص في كتاب: بلال بن رباح
حينما يجتمع النقل الصحيح بالعقل السليم تسير الحياة سيرا سويا لا عوج فيها ولا أمتا، ويعيش الناس عيشة الواقعية والعدل والخير العميم، ويسير الخلق على فطرة واحدة «فطرة الله التي فطر الناس عليها.. لا تبديل لخلق الله» فلا قلق ولا عقبيه ولا سفه ولا سوء أو مكر أو حقد أو بغي إنما بدلالة الفطرة والهدي الكريم وإنما الصواب يسير وفق قسطاس مستقيم هكذا يكون الحال حال الناس وحال الحياة حينما يتفق العقل السليم مع النص الصحيح، وقد جاء في كتاب )داعي السماء بلال بن رباح مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم( لمؤلفه الأستاذ القدير عباس بن محمود العقاد ليترجم بعضا من هذا على مثال حر كريم.
وقد أجاد المؤلف هنا اجادة جيدة وأسهب الاجادة نقلا وعقلا وإذا كان قد أجاد فقد أفاد جاء هذا الكتاب بمئة وعشرين صفحة من القطع المتوسط وجاءت فهارسه متقاربة طرح المعنى جاءت عشر فهارس بدأها بكلمة، تصدير سبقها: تقديم بسبع صفحات لمنيف بن لطفي والكتاب كما هو مدون على ص3 من منشورات المكتبة العصرية صيدا بيروت.
والطبعة يبدو لي أنها تجارية ولذلك جاءت رديئة على نحو عجول ولهذا تعثرت بعض الحروف.
يقول صاحب التقديم في ص5 )وذلك أن بلالا من الشخصيات الاسلامية البارزة التي كان لها شأن يذكر في الخطوات الأولى التي خطاها النبي الكريم «صلى الله عليه وسلم» في دعوته وجهاده لاكتساب الأنصار المؤيدين والصحابة الأقوياء المناضلين، وبلال فضلا عن أنه جدير بأن توضع سيرته على بساط البحث أمام عيون الأجيال لما انطوت عليه من مآثر الكفاح في سبيل العقيدة ومفاخر الثبات عليها، رغم قسوة وسائل التعذيب فهي مثال حي، ونموذج فريد لتطبيق مبدأ اسلامي عريق يقضي باستنكار كل تمييز عنصري. ومحاربة كل تفرقة بين أجناس البشر من ناحية اللون أو السلالة أو الأنساب( ويقول في ص6/7 مبينا الرق كيف كان منذ زمن قديم )وأقرت الكنيسة نظام الرق. فأوصى القديس )بولس( العبيد في )أُفسس( بالاخلاص في الولاء لساداتهم(.
و: )وبراهمة الهند رغم أنهم كانوا يحرمون قتل الحيوان حتى ما يؤذي منه. بلغوا من القسوة حداً ضربوا فيه الذلة على العبيد وعاقبوا الرقيق الذي يجرؤ على اغضاب سيده يُسل لسانه والفتك به على رؤوس الأشهاد(.
:)وفي الأمم الأوروبية والأمريكية ما يزال الرقيق محروما من المساواة الانسانية إلى هذا اليوم، وكانت القوانين حتى القرن الثامن عشر تجيز قتل العبيد في المستعمرات إذا هربوا من الأسر أو تمردوا على أسيادهم(.
وقد بدأ المؤلف في ص 12 يبين سبب كتابته عن بلال يقول: )بين الحربين العالميتين شاعت الدعوة إلى العنصرية فبلغت أقصى مداها، وعملت فيها السياسة غاية عملها، وأقحمها الدعاة من مباحث العلم والتاريخ في غير موضعها، وقد كانت للاسلام كلمة في انصاف العناصر والأجناس سابقة لكلمة الحضارة العصرية، والعلم الحديث، وكان في صحابة النبي عليه السلام: رجل أسود هو: بلال بن رباح هو مؤذنه الأول فكان أثيراً عنده وعند الخلفاء وجلة الصحابة والتابعين.
فالكتابة عن بلال رضي الله عنه في هذا العصر تقع من سلسلة العبقريات والسير الاسلامية موقعها. وتصادف موعدها من الزمن في أعقاب الحرب العالمية.
ولهذا كتبت هذه الصحائف في سيرة داعي السماء(.
والمؤلف تجاوز الله تعالى عني وعنه في هذا الكتاب رقم على طرس وخط على جلد يدوم فهو كتاب جيد جدير نظره بين كل حين وحين ومثله مثل ما سبقه من كتب فيها وفيها مما سوف يتضح بإذن الله تعالى حسب الجهد وحدود علمي ومدركي.
في فصل )مسألة العنصر( ص 13/14/15 تحدث عن العنصر أو الجنس لكنه لم يؤسس معناهما لينطلق بعد ذلك فيقرر عليهما ما يقرر يقول: )مسألة العنصر أو الجنس مسألة اجتماعية كثيرة الورود على السنة المعاصرين وأقلامهم ولكنها على هذا من أقدم مسائل الاجتماع التي وجدت مع وجود القبائل الأولى( ولعله يريد «علم الاجتماع».
ولو نظر «مقدمة ابن خلدون» أو نظر «الطبقات الكبرى» لابن سعد خاصة ج1 لوجد عجبا مع أنه مع هذا: أجاد.
وقال: )كان المصري القديم يؤمن بأنه هو الانسان الكامل ...( ولما لم يشر الى مرجع علمي موثق فقد كان لازماً مثل هذا حسب فهمي نظر أكثر من مصدر ثم تتم المقارنة بين هذا وذاك.
وقال في ص15/16/17: )وبقيت هذه الشنشنة بين أمم الحضارة. «أي فخر كل أمة بحضارتها». في العصر الحديث فاعتز بها الأوربيون على أبناء القارات الأخرى.. إلخ(.
ثم بين ما ذكره: جوليان هكسي حين قال: ان هؤلاء الدعاة مسبوقون الى دعواهم قبل ميلاد السيد المسيح «صلى الله عليه وسلم» فقد سبقهم أشيعاء من أنبياء بني اسرائيل فقال في اصحاحه التاسع والأربعين «...» ثم ذكر رسالة الرجل الأبيض الى حين/ق19م/ وهنا يقع المؤلف بحال الاعجاب بما طرقه «هسكي» الأمر الذي جعله لا يناقشه لكن كيف يفعل وقد اقتصر عليه فقط مع أن ضرورة الطرح ولو على سبيل الاستشهاد توجب النقاش خذ مثلا نص الاصحاح التاسع من «اصحاح» أشعياء لم يبن هل هذا الاصحاح/ هو هو؟
هل هذا الاصحاح/ لم يُزد فيه؟
هل هذا الاصحاح/ لم يُحرف؟
أغلب الظن أن المؤلف قادر بإذن الله تعالى على ذلك بالعودة الى: الأصل ومع أن اليهود والنصارى حرفوا وغيروا وبدلوا لكن الأصل مهم في هذا لأنه يبنى عليه تقرير في حالات كثيرة طرحها المؤلف في ص16/17/18.
وكأنه من نقله مع طرحه ما طرح يريد أن كل أمة من أمم الروم والهند والصين وسواهم من الأمم الأخرى فرحون بما عندهم من حضارة، وعزة بالجنس والأصل.
فهم فرحون ويفرحون بهذا على شاكلة: )جاهلية العرب( فهم بهذا قد تعصبوا للجنس والأصل العرقي فأذلوا سواهم حساً ومعنى ورأوا أنهم خير من غيرهم.
وهذه عبودية للجنس وتقديس للأصل على الأصل الصحيح دين الرسل عليهم السلام الذين دعوا الى عبادة الله وحده وتوحيده توحيدا كاملا ألوهية وربوبية أسماء وصفات.
وقال في ص23: )ويتفق علماء الأجناس ووصف الانسان على توزيع السلالات في العنصر الواحد كما يتفقون على ندرة النقاوة المخض في عنصر أو سلالة(.
ان الاعتماد على ما سطره علماء الأجناس عما جاء ذكره هنا إنما هو اجتهاد بني على الظن وأشك جدا هنا بالذات أن المؤلف اطلع على «الطبقات الكبرى» لابن سعد ج1 في حديثه عن أصل البشر وأجناسهم وألوانهم حينما تحدث عن نوح صلى الله عليه وسلم وولده الأربعة: كنعان ويافث وسام وحام.
ولعله يعتمد في هذا ومثله على بحوث علمية اعتمدت على أحافير ونقوش وبقايا أثار ولست أنكر دور هذا لكني كنت أود سعة النظر وطول النفس ثم المقارنة شيئا فشيئا ثم الاجتهاد في المعطيات الاجتهادية.
وقد بدأ من ص32 حتى ص64 ينقل ويؤسس على ما غايته نظر مطولات أصل البشرية كما قدمت، ويعود فينظر الى حقيقة السمات لدى الأجناس من خلال:
الطبقات، وهناك سوف يجد ما حقه الرقم في كتاب يتحدث عن الأصل والجنس في آن.
في فصل )الرق في الاسلام( يقول المؤلف في ص52: )كان الايمان بالروح خطوة صحيحة في طريق الحرية الانسانية(. ويقول: )لأن الايمان بالروح يعلم الانسان التبعة وأن كل نفس بما كسبت رهينة وهذا هو أساس التكليف والحقوق(.
وهو هنا ذكر شيئا ولا شك أنه أراد شيئاً آخر لكنه ذكر الروح تبعاً لما قرأه خارج كتب التوحيد أو خارج كتب التفسير الصحيحة عند تفسير: سورتي: الفاتحة و)قل هو الله أحد( فأثبت هنا الروح مُريداً الايمان بالله وأساس التكليف وأصله ليس ما ذكر فإن أساسه:
الاسلام، البلوغ، العقل، التمييز، وهذه أسس التكليف في الجملة، وإلا فلكل حال من حالات أمور الاسلام: شرطه/ وركنه/ وواجبه.
ويقول: )ولكن الأديان = الروحية = جاءت بعد ظهور الرق في المجتمع الانساني بآلاف السنين.. إلخ(.
ولعلي أفهم من هذا أن الأديان جاءت متأخرة كثيراً بعد خلق الانسان وتكون المجتمع، وأن الرق كان موجودا والمعلوم فطرة وواقعا وسبراً لحال الحياة وما فيها من أمم وشعوب والعلوم نقلاً أن الدين وجد قبل الانسان فآدم ونوح وإدريس أنبياء جاؤوا بتوحيد الله تعالى وحده لا سواه، ثم جاءت الرسل بعد ذلك تترى، قال تعالى )وإذ أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذريتهم ألستُ بربكم قالوا بلى(.
وجاء في الصحيح: )خلقت عبادي حُنفاء فاجتالتهم الشياطين( وروي في الصحيح )ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه...( وقال تعالى: )فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون(. حقاً «ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
وأما الرق في الاسلام فسببه الكفر وأما في غيره بعد التحريف والتبديل فسببه تسلط القوي على الضعيف واحتقار الغني الفقير وربطه برباط عبودية المصلحة.
لكن المشكلة هنا وكما ذكرت من قبل هي عدم نظر نصوص الشريعة في دلالتها على الأحكام «عبادة/ ومعاملة» حينما يراد الحديث عن: أصل الانسان مثلا أو حقيقة سبق الدين أو الرق أعني وجوده بسبب ما ذكرت آنفاً ولعله من باب العدل قراءة كافة النصوص حول حقيقة ما يراد نظرها لاثباتها بعد ذلك بعيدا عن العصبية والتزمت، وبعيدا عن التقليد لأناس يصدرون الرأي مجرداً من نص شرعي صحيح إنما هي آراء وتخبطات وتعريفات لا تقوم بميزان الحق إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، فلا بد عند نظر وجود الانسان مثلا أو الدين أن نقرأ ونزداد قراءة أمينة عادلة متجردة نقرأ ونزداد من نص الشرع والسنة ونقرأ من نظريات ودراسات الآخرين ثم نجتهد دون حيف أو زلل لقصد ما أو بدون قصد ما إنما من أجل الظهور بمظهر المتعالم الكبير المتحرر، وهذا لعمر الله مرض نفسي ذهاني عميق.
وما أكثر هذا الصنف اليوم أقربه من أقر أو كتمه من كتمه أو نفاه من نفاه ويقول المؤلف في ص53/45 )ومن أعجب العجب أن البلاد التي شاع فيها تحريم قتل الحيوان حتى ما يؤذي منه ولا يفيد قد بلغت عقائدها القسوة القصوى في معاملة الأرقاء. فإن أناسا من براهمة الهند كانوا يضربون الذلة على العبيد المعروفين باسم السودرا لأنهم خلقوا من أسفل أعضاء الآلة فلا تبرحهم وصمة الذل ما لبسوا ثوب الحياة(.
ويقول في ص55: )ما زال الرقيق محروما من المساواة الانسانية الى هذا اليوم في الأمم الأوروبية والأمريكية(.
وهذا صواب لأنه يُسَيِّره: هواه وشهواته، وساديته يستعبد ويذل من تحت يده من العبيد الذين استعبدهم بقوته وتصوره أنه هو السيد المتبوع والدين هو العلاج لتحرير الرقيق بافهام الآخرين حقيقة وآدابه وقيمه فالانسان إذا استعبده: هواه هلك وأهلك، والدين الحق علاج لتصحيح منهج الحياة، وعد الى سورة «الأنبياء».
صالح بن سعد اللحيدان

أعلـىالصفحةرجوع






















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved