| مقـالات
لاشك أن الأفراد بحسب طبيعتهم وجوهرهم النفسي إنما يستمدون تقديرهم لذواتهم ويستمدون كينونتهم وصورهم عند أنفسهم بالدور الاجتماعي الذي يقومون به حيث إن ابعاد هذا الدور وتأثيره على المجتمع المحيط إنما يشعرهم بمزيد من الطاقة النفسية التي تدفعهم إلى تدعيم ما يقومون به من سلوكيات تجاه مَنْ يستفيدون من خدماتهم، حتى لو كان هذا المجتمع الذي يحيطهم صغيرا، بل صغير جداً مثل الأسرة، خاصة «النووية» مثلاً وحب الأسرة التي لا تزيد على زوج وزوجة وأطفال وتبقى النقطة الجوهرية هنا وتدور حول هذا المفهوم والتسلسل المنطقي المعهود لدى عدد كبير من المجتمعات. إن الإنسان كلما تقدم في العمر فور ما يتقلص دوره وتسحب منه كثير من المهام التي كان يقوم بها في سن الذروة وهو عمر الشباب، لدرجة أن في هذا العمر قد لا يستطيع أن يقرر ما العمل الذي يبدأ به لينهي تلك المهمات الموكلة إليه أو الملقاة على عاتقه ولكنه سرعان ما يفاجأ بأنه لم يعد يحتمل كل تلك الأعمال وسرعان ما يتواكب هذا الإحساس بصدمة عظمى تدخله في «دهاليز» مخيفة بالنسبة له ألا وهي صدمة )التقاعد(. هنا يشعر فوراً بأن دوره قد تقلص إلى 50% إن لم يكن أكثر وفي الوقت ذاته قد يصادف أن ابناءه تزوجوا أو على وشك الزواج حتى إذا بلغ السبعين أو الخمسة والسبعين تجده منهكاً مستهلكاً ولكن هذا ليس من العمل وإنما هو شبح سحب المسؤوليات الذي قد يصنعه ويساعد عليه كثير من كبار السن عندما ينعزلون عن مشاكل أسرهم وابنائهم.. بمعنى أن الرجل أو المرأة المسنين لم يعدا يطلعا على مشكلات أبنائهما ولا يهتمان لها أو قد يحدث العكس عندما يعزل بعض الأبناء آباءهم أو أمهاتهم عن مشاكلهم، خاصة إذا لم يكن هؤلاء الأبناء قد اعتادوا على الحب والترابط والتعاون أو لم يتشربوا حقيقة التماسك الاجتماعي فتخلوا وتتجرد منهم العاطفة حتى يعتبروا أن مشاركة آبائهم لهم هو نوع من التدخل أو الاقتحام إلى عالمهم الخاص. وهنا تتبلور المشكلة لدى الأب المسن أو الأم المسنة عندما تحاصرهما الوحدة وتدريجياً إلى أن يفقدا أحياناً رؤية ابنائهم ،الأمر الذي يجعلهم يحملون استعداداً هائلاً للتوهم المرضي والشكاوى والآلام تلك الآلام التي قد لا تكون حقيقة بمقدار ما تكون نوعا من جذب اهتمام الأبناء واستجداء عطفهم وحبهم الذي لابد أن يكون بدون استجداء أو استعطاف!!
إذاً فالمشكلة ذات جانبين الجانب الأول آباء ترفعوا عن التدخل في حياة ابنائهم ويرفضونها وجانب آخر يحب أن يشارك الأبناء ولكن الأبناء لا يدعون لهم فرصة لذلك والجانبان يوصلان للتوهم المرضي؟!
إذاً ما الحل؟!
الحل هو أن يُحسن الآباء مبكراً تربية ابنائهم على الحب والتماسك لكي يحدث نوع من المشاركة المتبادلة بين الطرفين وهذا أمر لا جدل فيه فخبرة الرجل كبير السن أو المرأة كبيرة السن خاصة أن تكون الأم أو يكون الأب بها نفع بلا مبالغة مستمدة من واقع الحياة ومن تجارب.
فهل نهمش نحن هذه الخبرات ونتجاهلها؟ أظن أننا هنا نظلم آباءنا!؟
وختاماً فالأسرة المتماسكة هي التي تحترم كبيرها وتعطف على صغيرها وهذا ما يجب أن يكون عليه مجتمعنا. أما عزلة الرجل المسن فهي أمور دخيلة علينا لابد وأن ننتبه لها فعلاً ونتداركها؟! فهل نفعل ذلك؟
Amail:ngjlasool@maktoob.com
|
|
|
|
|