أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 28th February,2001 العدد:10380الطبعةالاولـي الاربعاء 5 ,ذو الحجة 1421

عزيزتـي الجزيرة

نايف بن عبد العزيز.. واستقلالية القضاء
سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة
لقد تأثرت تأثراً شديدا للحديث الذي أدلى به صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز )وزير الداخلية( حفظه الله عند زيارته الميمونة لهيئة التحقيق والادعاء العام، فلقد كان حديثه ذا شجون، حيث انساب كلامه رقراقا عذبا يفوح شذا ومسكا، فوضع النقاط على الحروف، وأفصح عن حقيقة الهيئة. وأبان بجلاء باهر ما يتمتع به القضاء والتحقيق في هذه البلاد الطاهرة المقدسة من استقلالية تامة بعيدا عن اي ضغوط او اكراه من احد، وانه لا سلطان لاحد عليهما الا سلطان الشريعة الاسلامية وكمالها، كما ابان سموه وفقه الله عن السعي الدؤوب من لدن ولاة الامر )وفقهم الله( لنشر العدل في ربوع المملكة وتحقيقه لكل من وطأت قدماه هذه الارض الطاهرة والاخذ بالاسباب المفضية الى تحقيق الوئام التام والانسجام المتناغم بين الشريعة الإسلامية والانظمة الحديثة المطبقة في المملكة داخل أطر الشريعة السمحة، والثوابت والقيم الراسخة منذ قيام الدولة السعودية الاولى وقد نافح سموه وفقه الله عن الشريعة الاسلامية وفند بالحجة والبرهان تلك الحملات الجائرة ضد المملكة التي تفتقر الى المصداقية والواقعية، ورد تلك السهام المسمومة في نحور اصحابها، كما ابان سموه ان الخطأ عند حدوثه لاينسب الى الشريعة بل ينسب الى من صدر منه الخطأ فالشريعة بريئة كل البراءة من هذا الخطأ، فلا غرو اذا استكانت النفس الى حديث سموه، فهو حديث عفوي فطري من القلب الى القلب لم تدنسه شائبة ولم يتخف وراء الاقنعة الزائفة.
كما تطرق سموه في حديثه الى انشاء هيئة التحقيق والادعاءالعام )النيابة العامة( ومدى ارتباطها بوزارة الداخلية وتكليف سموه الكريم بالاشراف عليها ، وما انيط بها من اعمال، وما ترتب على ذلك من تغيرات حيث فصلت جهة التحقيق عن جهة القبض وكذا جهة الادعاء العام، وهذا بحد ذاته نقلة نوعية جبارة في مجال ارساء اسس العدالة الجنائية، وتطوير للاجهزة القضائية والجنائية بالمملكة، فإنشاء الهيئة كسلطة اتهام وتحقيق ورقابة لها سمات ومعالم الجهاز القضائي الجنائي، يتواكب تماما مع النقلة الجبارة التي تمر بها المملكة وهذا يعني تفريغ الاجهزة شبه القضائية التي قد يغلب عليها الطابع الاداري في العمل لممارسة مهامها الاصلية التي أنشئت من اجلها، فالاجهزة الامنية قامت مشكورة منذ اكثر من نصف قرن مضى بممارسة جهود جبارة ومهام اضافية لمهامها الاصلية حيث إن المهام الاصلية لها تدور في فلك حماية المجتمع من براثن الجريمة قبل وقوعها، والقبض على الجناة بعد وقوع الجريمة وتقديمهم ليد العدالة ومنع كل ما يعكر صفو الامن العام ويخل بالسكينة والصحة العامة.
فلا ريب ولا مواربة في ان انشاء الهيئة سيساعد الجهات القضائية والامنية للقيام برسالتهما الاصلية السامية، وستكون عضدا لهما في تحقيق ما يصبو اليه ولاة الامر وفقهم الله لكل خير من تكريس للامن وتحقيق للعدالة وضمان لحقوق الناس كما ان في انشاء الهيئة وتفعيل دورها المهم والمؤثر تحقيق المزيد من الضمانات للمتهمين وحفظ كرامتهم وحقوقهم الاساسية التي ارتبطت بالشريعة الاسلامية ارتباطا وثيقا لا ينفك عراه، فالشريعة جاءت بحفظ الضرورات الخمس وقيل الست وهي: )الدين والنفس والعقل والعرض والمال والنسل(، كما انها جاءت بأصل عظيم قبل اربعة عشر قرنا الا وهو: )ان الاصل في الانسان براءة الذمة( وفي هذا حفظ لكرامة الانسان واحترام لها ولم يصل العالم الى هذه القاعدة الباهرة الا في السنوات المتأخرة حيث ظهرت قاعدة: )الاصل براءة المتهم حتى تثبت إدانته(.
ولقد تبجح الغرب ونعق بصوت نشاز عندما اهتدى للقواعد والمبادىء الانسانية )التي سبقه الاسلام إليها قبل اربعة عشر قرنا( والتي من خلالها برزت الجوانب الاخلاقية التي وأدها الغرب قرونا عديدة وظل الغرب يمارس ضدها شتى اصناف العذاب بسوط ملتهب شديد الوقع.
فنجد الانجليز )مثلا( يفتخرون دوما بوثيقة الماجنا كارتا التي ظهر من خلالها ما يسمى حقوق الانسان وحرياته الاساسية، كما نجد ان الحدث الاكبر والأبرز والذي احدث انقلابا هائلا في الغرب عندما قامت الثورة الفرنسية عام 1789 بإعلان )حقوق الانسان والمواطن(.!؟ ثم ظهر الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 ثم الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان عام 1950 ثم الاتفاقية الدولية للقضاء على اشكال التمييز العنصري عام 1965!!؟
وقد اجمعت مواد هذه الاتفاقيات على مفاهيم عدة مشتركة منها: الحريات الانسانية والحريات المدنية، فضلا عن التطرق الشديد للحقوق المرتبطة بالاجراءات الجنائية.
غير ان اقرار هذه الحقوق سبق للاسلام اقرارها منذ امد بعيد )فلله الحمد والمنة(.
وعودا على بدء فلقد كان لكلمات سموه العطرة لمنسوبي الهيئة اثرها الجميل وصداها الطيب، ووقعها الحسن في نفوسهم، فقد ألهبت الهمم وشحذت العزائم وهيأت النفوس للانغماس في حمأة التفاني وجذوة الاخلاص، ورصفت السبل وذللت كل عقبة كأداء قد تلوح في الافق، ان المصداقية والشفافية في حديث سموه اعاد للاذهان ما تتمتع به المملكة من خصوصية قلّما يوجد لها نظير في العالم حيث انها ترجمت على ارض الواقع تعاليم الشريعة الاسلامية فأضحت نموذجا حيا، وطرزا رائعا للدولة المسلمة الفتية التي اخذت بأسباب التقدم العلمي والتقني والتغيرات الآنية، مع تطبيق الشريعة الاسلامية بحذافيرها في مناحي الحياة المختلفة، ولقد ظهر اثر هذه التوليفة الرائعة في الحد من معدلات الجريمة كماً ونوعا وانخفاضها بشدة عن المعدل العالمي حيث تشير البحوث والدراسات والاحصائيات الى ان المعدل العالمي لنمو الجريمة 5% سنويا بل المدهش حقا في الامر هو انخفاض وتراجع الجريمة في المملكة سنة بعد اخرى بخلاف الدول الاخرى التي تتصاعد فيها الجريمة!!؟، وهنا مثال واقعي على حدوث ذلك، وهو ما ادلى به احد المسؤولين بوزارة الداخلية لجريدة الاقتصادية قبل فترة حيث اكد تراجع الجريمة في المملكة من خلال لغة الارقام، فالجريمة في عام 1998 تراجعت بما يقارب 20% عما كانت عليه عام 1997 ورغم ان المملكة تعج بمختلف الجنسيات والثقافات والاعراق في توليقة فريدة من نوعها فضلا عن التغيرات الحادة الرأسية والافقية في السلوكيات والأنماط المعيشية والاجتماعية والاقتصادية المصاحبة للطفرة البترولية، فان المملكة مازالت ولله الحمد من اقل دول العالم نسبة في الجرائم ،فدول العالم الاخرى تئن من وطأة استفحال الجريمة لديها حتى النخاع بمعدلات مريعة ومتصاعدة عاما بعد آخر كماً ونوعا، وظهور انماط من السلوكيات الشاذة ذات الفيروسات العنيفة والحادة.
والأدهى من ذلك والامر ان وصل السيل الزبى في هذه البلدان بنبذ التعاليم السماوية والارتماء في احضان الشياطين وظهور كنائس ومعابد وثنية تمجد الجريمة وتشجع على ممارسة الرذيلة والخطايا الموبقة كالقتل والاغتصاب والسرقة والسحر والشعوذة!!؟، وأصبحت هذه الاوكار والبؤر المتعفنة الآسنة تحظى بصبغة قانونية تضفي عليها الحماية مما مكنها من ممارسة أبشع الجرائم تحت ذريعة اتاحة حرية الممارسات الفردية، والممارسات الديمقراطية ووو الخ.
فأضحى التهافت على ارتكاب الموبقات بكافة اشكالها وأصنافها وألوانها حقا ديمقراطيا مشاعا للجميع في تلك الدول!!؟
فلله الحمد والمنة ان وفق ولاة امورنا للتمسك والتشبث بأهداب هذا الدين المستقيم، والمنافحة عنه في كل مكان وزمان.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد المحسن بن محمد الفريح العنقري
عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بمنطقة القصيم
بريدة ص.ب 43

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved