| الاقتصادية
حينما ارسلت مقالة الاسبوع الماضي والمعنونة «كي لايعيق القطاع العام القطاع الخاص» لم اكن حينها أطلعت بعد على خطاب صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز الموجه الى الوزارات والاجهزة الحكومية حول تأخر القرارات وطول الاجراءات واهمال الكثير من المعاملات. إلا انني حينما قرأت توجيه سموه اقتنعت اكثر بأهمية القضية وادركت ان وزارة او مؤسسة عامة تعيق خطابا او توجها جاء من ولي العهد او غيره من قيادة هذا البلد سيكون طبيعيا لديها ألا تكترث بموضوع يهم مؤسسة او شركة خاصة بل مواطن عادي. الا انني ايقنت انه ومع اهمية توجيهات سموه في مثل هذه القضية ومع ضرورة الكتابة الصحفية عنها، الا ان الامر بحاجة الى نظرة اكثر شمولا وأبعد عمقا نستطيع من خلالها ان نشخص المشكلة ونحدد اسبابها وبالتالي نستطيع ان نطرح الحلول المناسبة لها.
قد يكون ما تعاني منه اجهزة الدولة ومؤسساتها مما اشار اليه خطاب سموه ومما يتحدث عنه الناس في مجالسهم وكتاباتهم يأتي من مبدأ ان فاقد الشيء لايعطيه. بمعنى ان هذه الاجهزة غير قادرة على ان تقدم ماتطمح اليه قيادة البلد ومايبحث عنه المواطن وصاحب المصلحة، ليس قصدا من هذه الاجهزة بقدر ما هو عدم استطاعة. والمتأمل في حال الكثير من اجهزتنا الحكومية يلحظ انها مثقلة بالاجراءات ومشبعة بالروتين، وقبل كل ذلك تعاني من نقص حاد في توفر الكفاءات القادرة على التعامل مع تلك الانظمة والمتمكنة من اداء عملها بالطريقة المطلوبة. ثم ان المحاولات الفردية التي تقوم بها بعض تلك الاجهزة والمؤسسات تظل محدودة الفائدة لارتباط الاجهزة ببعضها البعض وتداخل اعمالها واحتياج المواطن او المستفيد بصفة عامة للتعامل مع اكثر من جهة في وقت واحد. لذلك فان المراجعة الشاملة لأداء هذه الاجهزة وفي هذه المرحلة بالذات تعتبر امرا ضروريا يمليه التوجه العام ليس لدفع القطاع الخاص ليلعب دورا اكبر في مسارنا التنموي، مما يتطلب تسهيل كافة الامور لذلك، ولكن من اجل التطور في مفهوم علاقة هذه الاجهزة بالمواطن وضرورة ايجاد علاقة تقوم على خدمته وتوفير كافة السبل التي تضمن تقديم هذه الخدمة له بأقل مجهود يبذل من قبله. وقد تكون هذه المراجعة من خلال تبني مشروع شامل، لايقتصر فقط على وزارة دون اخرى ولا يركز على الانظمة دون القائمين على صياغتها او تنفيذها، ولكنه اعم واشمل بحيث يغطي كافة الاجهزة بأنظمتها وأفرادها من خلال اعادة صياغة الانظمة والهياكل الادارية وقبل كل ذلك التدريب الذي لايجب ان يكون محصوراً على الوظائف الدنيا او المتوسطة ولكنه يشمل الجميع بل ويبدأ بأصحاب القرارات في تلك الاجهزة قبل غيرهم.. اننا نطمح الى مشروع اشبه بمشروع الامير عبدالله وابنائه للحاسب الآلي «وطني» ولكنه هذه المرة لاعادة تأهيل وتطوير اجهزتنا الحكومية التي اذا لم يتوفر لها التطور الشامل والكامل ستظل عائقا ليس فقط امام خططنا التنموية والاقتصادية وطموحات ورغبات القطاع الخاص، ولكنها ستساهم في إضعاف الاستفادة من كافة الجهود الاخرى والمتمثلة في إنشاء الهيئات وتبني البرامج وغيرها من المحاولات الجادة للحاق بركب الدول المتقدمة.
Kathiri@Zajoul.COM
|
|
|
|
|