| الفنيــة
* كتب عبد الرحمن الدخيل :
طرح الثنائي ناصر القصبي وعبد الله السدحان في لقائهما الأخير ببرنامج خليك بالبيت الذي تبثه قناة المستقبل طرحا موضوعا غاية في الأهمية وحمل استفهاماً كبيراً ليس لغرابته وجرأته فحسب وانما لأنه كشف الستار عن موضوع حساس كثيرا ما كنا نغالب أنفسنا ونغالطها حول ماهيته وطالما سألنا عن صحته أو عدمه.
اذ قال الثنائي بان 80% من الصحفيين الذين يعملون في الصفحات الفنية ليس لديهم «الف باء» الذائقة الفنية وهذا كلام جداً خطير وينبغي لنا كصحافيين ان نكشف مداه ونحلله اولاً قبل إلقاء اللائمة على السدحان والقصبي.
وقبل الخوض في تفاصيل تداعيات هذا التصريح دعونا في البدء نعرف فلسفة السدحان والقصبي لحظة طرحهما لهذه النقطة ولماذا ذكراها هكذا دون ستار او مداراة وبهذه الحدة.
من المعلوم ايها السادة ان الانفعال بالفن عموما وقضاياه يأتي نتيجة تراكمات معرفية يترتب عليها تعود على التذوق ومن ثم إلمام بالكثير من تفاصيله نتيجة للتواتر المنطقي الذي يفرضه التمرحل التاريخي والبيئي المكوّن لنمط هذا الفن وتمازج السلوك العام للمتلقي لهذه الفنون مع ما يكتنزه الفرد من مرجعية توافقية لمساحة الفن بداخله، يولد الرؤى النقدية لديه بشكل كبير وتزداد هذه المساحة كلما زادت صلة الفرد مع الفن.
ومن المعلوم ايضا بأن فن الغناء وظهور المطربين عندنا في بلادنا بدأ منذ وقت بعيد مما أتاح للكثير منا الوقوف عن قرب على هذا الفن الجميل ومعرفة كافة خباياه وأسراره وأصبحنا فيما بعد نطلق آراءنا حول هذا المغني أو ذاك او تلك القصيدة. كذلك أصبحنا نميّز بشكل جيّد بين مدارس الغناء وألوان الايقاعات وحتى المقامات دون جهد يذكر وكل ذلك كان يتم باجتهادات شخصية ولّدته الذائقة الفنية لدينا التي اكتسبناها من خلال ما كان متاحا لنا سماعه من «الراديو او الكاسيت او الحفلات وما شابه». اذن فمخزوننا المعرفي وتراكمات التجريب السمعي هي التي ولدت بداخلنا هذه الرؤى النقدية وعرفنا كيف نستغلها فيما بعد بصورة أكبر عندما امتهنا مهنة الصحافة.
هذا فيما يختص بجانب الغناء.. أما الدراما في المملكة فهي مستحدث ودخيل على مجتمعنا تطورت بفعل اجتهاد محبي هذا الفن الجميل حتى وصلت الى ما هي عليه الآن.فلذلك يجب ألا ندعي رغم اجتهادنا كصحفيين بأننا نحمل ذلك القلم الذي يستطيع نقد العمل الدرامي من رؤى فنية بحتة. وأعتقد بأن كل ما كتب عن الدراما او معظم ما كتب على وجه الدقة لا يمثل الا انطباعا ذاتيا عن العمل مصحوبا باجتهاد مقدر من الكاتب او الصحفي. وهذا لا يعني بالتأكيد نجاحنا في هذا المجال. فالانطباع الذاتي ربما يحمل في معيته رأياً سلبياً في أحد الشخوص المشاركين في العمل بدافع أمور شخصية تغيّب الرأي الفني حول العمل نفسه .. فهل نسمي هذا نقداً؟والملاحظ في نقدنا لكثير من الأعمال الدرامية دائما ما يكون التركيز على النص بعيدا عن الجوانب الفنية الأخرى كالسيناريو وحركة الكاميرا وزوايا التصوير وحركة الممثلين والإضاءة .. الخ. فما يقوم به كثير من الصحفيين في نقده هذا هي محاولات واجتهادات ليس الا.. وكثيرا ما يغلب عليها الطابع الهجومي دون مبررات منطقية.
كما تفتقد للكثير من الملامح النقدية لأن دافعها الأساسي النقد من أجل النقد.فلا غرو بعد ذلك كله ان ينعتنا القصبي او السدحان بالجهل في مجال النقد لأن هذا واقعنا للأسف الشديد ولا أبرئ نفسي نعتنا السدحان والقصبي بكل بساطة ودون تزييف.
بل انني أحمدهم كثيرا على هذا الكلام الشجاع الذي بين على الملأ فشلنا في هذا المجال وغيرة هذان المبدعان على الصحافة الفنية اللذان يشكلان احدى ركائزها بما يقدمانه من أعمال تستحق ان يكتب عنها سلبا ام ايجابا وحريّ بنا بعد هذا كله ألا ندفن رؤوسنا في الرمال ونسقط فشلنا سبّاً وشتماً في القصبي والسدحان، بل يجب ان نحاسب أنفسنا جيدا وان نتبين مواقع الضعف عندنا في هذا الجانب ونحسنه ونعرف خبايا ما نجهله فيه والله من وراء القصد.
|
|
|
|
|