| محليــات
بعض الناس تقول: إن منطق الإنسان يُسعده، كما إنه يُشْقيه...!
وسعادة المنطق تتحقق حين يُحْسنُ انتقاء الكلمة المناسبة، في الوقت المناسب لها، وللموقف الذي لها...!،
فيما يحلُّ الشّقاء بصاحبها إن لم يُحْسن انتقاءها، لا في الوقت، ولا للموقف المناسبين لها...، فيقع في حرج التّعثُّر بكلمةٍ لا تليق...!
ولعدم اللياقة مستويات...!!...
فيما تكون اللياقة في أيّ ثيابها بهيَّة...!!...
لذلك كان الإنسان هو منطقه... أي أسلوبه...
فما السعادة في المنطق؟... وما الشقاء فيه؟!
النّاس الأذكياء... يُحسنون التعامل مع الكلام...، باختيار الكلمات...، بل انتقاءها... فقطفها من شجرته بوعي فيسعدون..، غير إنها إن لم تكن مناسبة لا للزمان، ولا للموقف، فإن وراءها غاية في نفس صاحبها...، ويكون بذلك ذكاء صاحبها لا نقاء فيه، ويبدو كالمديَّة تعود إليه، فتخدشه قبل أن يخدش هو بذكائه الآخرين فيشقى بمنطقه...!
والناس غير الأذكياء يقعون غالباً في عفويَّة التَّعثُّر...، لكنهم يجدون من يمنحهم العذر...، ويذلِّل لهم الخطأ...، ويُقيل عنهم عثرات الكلام...
وهم يُعرفون بالعفويين ليس للثناء، بل للذمَّ...، وذلك في أعلى مستويات التجاوز عن عفويتهم...!!
وبالبلهاء عند التماس العذر لهم في عدم التجاوز عن عفويتهم...، وهم غالباً ما يتجافاهم الناس، ويحرصون على خلوِّ مجالسهم منهم...، وينأون بمواقفهم عنهم...، ذلك لأنهم يُنبذون بغبائهم...، فالناس تتحاشى تعثُّر كلامهم...، وعدم قدرة منطقهم للتَّمثُّل الحسن في الموقف والميقات المناسبين للموقف المناسب...، وفي ذلك شقاؤهم!!..
أما الأذكياء فإنهم يصلون بذكائهم إلى درجة من «الخبث» في محاولة وسم الذكاء غير الإيجابي ببصمة التَّقصد في اختيار الكلام، الذي هو التعبير العلمي للمنطق...
فماذا يفعل الماهرون في انتقاء الكلام في مجالسهم، ومواقفهم، عن مقاصدهم... ذلك ما يضعهم في خانة السعداء أو الأشقياء...
أما ما يفعل غير الماهرين فثمة من يحمل غربالاً.. يتلّقى فيه «نواتح» ألفاظهم، بأقوالهم التي تشقيهم قبل/ أو بعد قولها...
فالذكي ينقل في المواقف التي تمر به المواقفَ داخل هذا الرواء اللفظي الذي تخيّر، ينقل منطقه المعبِّر عن سعادته به أو شقائه منه، فالذكي «كالمجرم»!! لا ينجو من ترك ثغرة يدخل عليه منها سواه ممن هم «أكثر ذكاءً» فيقفون على نقاط ضعفه، ويدركون تعثٌّر لفظه، وسقوط منطقه في براثن المقصد الذي ينام في الخفاء فيعلن عنه المنطق في العراء...
وهو مهما حاول أن يرمي كرته في داخل مرمى سواه فإنه لا محالة لاقياً غيره ممن يقدرون على فكِّ طلاسم تعبيره فيشقى بمنطقه حتى إن كان من صاحب ذكاء...
فالذكاء مدعاة للشقاء... والقياس قابل على إثر ذلك!!
ألم تسأل نفسك ذات يوم هل أنت شقي أم سعيد؟...
بمعنى آخر هل عرضت مرئياتك الدقيقة حول مقاصدك، وثياب نقلها إلى الآخرين، أمام البساط الذاتي الذي لايزلُّ ولا يضلُّ؟....
وهل تعلم أنك مهما حاولت أن تفسر ذاتك فليس كما يفسرها الآخر؟... من خلال منطقك؟
ولكن...
عندما تحمل كلماتك غذاء للآخرين...، فيردونها غطاء لعوراتك..
فكيف يكون ذلك؟...
وعندما يكون منطق الآخرين معك تعرية لذواتهم؟!، فهل يكون منطقك ستراً لهم؟
بمعنى كيف تفسر عفوية من هو عفوي...
بينما لا يعنيك أن تتوقف إلى من يرفض عفويتك؟
هناك مناطق ضيقة للقول...
تحاصره... فإما إلي الفلاة، وإما إلى النجاة...، وبمنطق آخر...
إما إلى الشقاء، وإما إلى السعادة...
والناس تربط الناس بأقوالها... ذلك لأن القول هو مبدأ الفعل كما ذكرت في مقال سابق،
ولا يأتي الفعل إلا بعد القول لذلك قُسِّم الناس إلى سعداء وأشقياء بناءً على أقوالهم...
فهل تميل بمنطقك إلى مناطق الوضوح؟، أم إلى مناطق الرضوخ؟... بحيث تتضح ذكياً نقياً،
أو ذكياً ملوثاً، أو شقياً عفوياً، حين تتسع بك مضائق التفسير، أو شقياً غبياً حين تلفظك فسحة التجاوز...؟...
وأنت...
متى تتخير موقفك، وموقعك وكيف؟ وتنتقي منطقك؟ وأي أشجار الكلام تلتقط؟
كي تَرْمي بالثمر؟... أو تَرْمي بالحجر؟...
كن إما إلى اليمين لتسعد...
وإما إلى الشمال لتشقى....
أو... عليك ألاّ تنسى أن هناك من هو أذكى منك.. أو أغبى...
أيها السعيد الشقي... أو الشقي السعيد... أو مطلق أحدهما.
|
|
|
|
|