| الثقافية
مشكلة الهوية الثقافية تكمن في الدرجة الاولى لدى أهل الهوية وحماتها من النخب المثقفة من الذين اتخذوا من الايديولوجية ولغة النضال السياسي وسيلة لترسيخ ثوابتهم.
السؤال هو هل يعني ذلك ان المجتمعات تغيرها الافكار والنظريات بصورة فوقية او بعقلية نخبوية؟ ام ان التغيير هو نتاج عمل يومي دؤوب ومراس حثيث، وهذه العملية يساهم فيها كل فرد في قطاعه ونتاجه او في بيئته ومحيطه عبر مسلكه وتصرفاته، وبذلك فأي مجتمع يتغير بخلاف ما يريد له اصحاب المشاريع والنظريات والنماذج الجاهزة.. ومن يفكر بمنطق النموذج تفاجئه عادة التحولات على ارض الواقع، على كل حال لم تعد المشكلة الآن هي تغيير الواقع، ذلك ان العالم حولنا يتغير بصورة متسارعة وعلى نحو يبدو معه دعاة التغيير من النخب المثقفة في منتهى الرجعية والمحافظة، المجتمعات العربية دون شك تطمح الى المشاركة الفعالة في تكوين المشهد العالمي، رغم كل ما يجري من انكسارات وانهيارات في الأ حلام والمشاريع، ما طال من تغيير في البنى والعقليات، يشهد على ان المثقفين والدعاة لم يعودوا يملكون مفاتيح النهوض والتقدم بتغيير.
ولكن الناقد والباحث العراقي الدكتور عبدالله ابرهيم الذي يعمل حالياً استاذاً في كلية الانسانيات بجامعة قطر، والحاصل على جائزة شومان للعلوم الانسانية عام 1996م كما انه مشارك كباحث في موسوعة تاريخ كمبرج البريطانية، وعضو استشاري في شبكة المرايا الثقافية عبر الانترنت MARAYA. NET. COM وله العديد من الكتب المطبوعة منها الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة والمتخيل السردي وكتاب حول اشكالية المركزية الغربية.
والنثر العربي القديم وغيرها، له أمسية ثقافية..
حاشدة القى فيها محاضرة قيمة حول الحداثة والعولمة والمجتمع التقليدي وفيها اصر على ان المثقف والمفكر منوط به احداث تغييرات جوهرية في بنية مجتمعه، ولكن لم يقل كيف وهل عن طريق طرح.. ايديولوجيات ونظريات فقط، اما عن طريق فعل وحدث؟ رغم انه عاد الى القول: انه منذ مطلع القرن العشرين كانت المجتمعات العربية في غالبها واقعة تحت نير الاستعمار العسكري مما أنتج نوعين او فئتين من المثقفين العرب اولاً ممن اخذوا وقلدوا الغرب في كل شيء ومنهم اسماء كبيرة في عالم الادب والفكر، والفئة الاخرى التي تصدت للاستعمار العسكري والفكري رافضة كل جديد بشكل تعسفي يقرب من العصاب الاستعماري بمعنى إصابتهم بخوف ورهبة من كل ما يمت للغرب بصلة، وبذلك عاش المجتمع العربي بين طرفين متناقضين فكراً وثقافة وخلق فجوة، وأوصد سبل الحوار وفهم الآخر. ويقول: ان كلتا النخبتين لم تساعد المجتمع لبناء مؤسسات علمية حضارية اي لم تدفع مجتمعاتها للمساهمة الفعالة في خلق الحضارة التقدمية العلمية والمعلوماتية والتكنولوجية الحالية، انها فئات تحاكي الغرب، وتتقاطع معه في تصرفاتها العامة تدعو الى الاعتصام بالذات وبعث الخصوصية وعدم الانفتاح على الآخر، وهذه الازدواجية خلقت صداماً سياسيا، واجتماعيا واستغلت بعض النخب السياسية ذلك الوضع، فاستعدت الآخرين ضد المثقف وعزله اجتماعيا.
فلم يفد منه احد مما حدا به الى التواطؤ هو إيضا، واننا في النهاية يقول الدكتور عبدالله ابراهيم اصبح الفرد لا قيمة له مالم يستند الى مرجعية ما.. لذلك نحن بحاجة الى الحوار والشفافية لنبني لنا عالماً يلائم المجتمعات التي نعايشها.
صدف قبل ذهابي لحضور ندوة الدكتور عبدالله ان كنت اتجول في عالم الانترنت عندما قرأت عن صاحب شركة الميكروسفت العالمية بيل جيتس الذي تبرع 8.21 مليار دولار امريكي من اجل اجراء ابحاث عن الامراض والاوبئة في بلدان العالم الثالث في افريقيا وآسيا وتساءلت هذا المثقف نتاج أي ايديولوجية؟
|
|
|
|
|