أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th February,2001 العدد:10379الطبعةالاولـي الثلاثاء 4 ,ذو الحجة 1421

الثقافية

قصة قصيرة
تفاصيل غريب
في آخر النهار اعود منهك القوى.. مثخناً بجراح غربتي الى غرفتي بل الى سريري.. فهذا الشيء الوحيد الذي تعود ملكيته الخاصة لي اما بخصوص الغرفة فهي شيء مشاع لعدد من العمال امثالي.
غرفة واسعة اقتطع جزء منها للطبخ وجزء آخر للجلوس لمشاهدة افلام الفيديو فيما يشغل الجزء الاكبر منها اسرة متهالكة ينم عن ذلك ازيزها عندما تهم بالاستلقاء عليها او تتحرك اثناء نومك.. يقبع جهاز التكييف في زاوية قصية باذلا جهده لمنحنا شيئاً من البرودة.
فيما تتصاعد ابخرة الطعام من قدر لا يقهر غطاءه اجواء الغرفة رائحة الطعام الذي لا يشبه طبخ امي.
عندما اصل الى سريري القي بجسدي باستسلام انشد من هذا نوماً هادئاً لكن ضجيج هؤلاء الذين يشاركونني هذه الغرفة لا يمنحني هذه الفرصة فاظل مسترخيا في سريري اتأمل ضحكاتهم وقفشاتهم احسدهم على هذه الروح لكنني لا استطيع ان اكون مثلهم اتساءل بصمت.. الا يعانون مثلي من احساس الغربة؟! كيف لهم ان ينسون ما يلاقون من عناء فور عودتهم الى هذا المكان الوضيع؟!
يمارسون حياتهم بهذا الشكل.. بينما يسيطر علي احساسي بالغربة حتى في هذا الجمع من ابناء جلدتي.
اتمنى دوماً ان اتخلى عن التفكير بشأن امي واخوتي الجوعى هناك لكن صورهم تأبى ان تغادر تلافيف ذاكراتي ولو للحظات كأنها تستحثني على انجاز ما جئت من اجله الى هذه البلاد.
انتظرت طويلاً حتى فتح الباب اطل وجه طفلة بدينة تلعق اصبح الحلوى بنهم.. سألتها.. اين بابا؟
هرولت الصغيرة الى الداخل دون ان تجيب ثم عادت سريعاً. وهي تقول: ابي يقول انه غير موجود ثم تغلق الباب على عجل.. لقد الفت سماع هذا الجواب.. لكنني لا املك سوى ان اهز رأسي بحركة آلية تنم عن الاستعداد لتحمل وعمل اي شئ في سبيل الحصول على حقوقي المالية المتبقية لديه.
انه لا يمثل شيئاً بالنسبة لذلك البدين لكنه يعني الشيء الكثير لغريب مثلي، بقيت امام الباب للحظات ثم انصرفت مبيتاً للعودة في الغد.
وجه الطفلة البدينة يذكرني بوجوه سمراء ناحلة خلفتها هناك في تلك الغربة النائية.
افواه تلقى مرارة الحرمان.. بطون خاوية اجساد شبه عارية.. اسباب تكاتفت لدفعي للولوج من بوابة الاغتراب.
اتذكر الان تلك الليلة التي قررت فيها السفر اذ لم يغمض لي طرف بل بقيت متيقظاً انسج رداء حلمي بحياة اكثر رفاهية.
وعند بزوغ اولى تباشير الصباح التحفت بردائي مكملا ما بدأته في حلم يقظتي في احلام منامي.
اذ لم اكن اعتقد بمرارة الغربة الطاغية.
احساس بغيض ان تكون غريبا.
يزداد ذلك الاحساس استيطانا في نفسي حينما ابتسم لطفل في مكان ما فنظرات من يرافقه تكون لي بالمرصاد.. لحظات عينه المرتابة تظل تطاردني.. فيما ينكمش آخر خلف امه ينظر الي بفزع شديد كمن ينظر الى مخلوق بشع المنظر.
عندما فكرت بالاغتراب كحل اخير لمشاكلي كنت لا اعرف منه سوى وجهه الجميل.. ابتسامته المغرية لفلول الباحثين عن لقمة العيش.
لكن ما ان وطئت قدماي ارض الغربة حتى شعرت انني سلبت بعض كبريائي احس بنفسي اتنازل راضيا رغماً عني، ادلل على ذلك بهزي لرأسي ذات اليمين وذات الشمال.. حتى وان كنت لا افقه بعض ما يطلب مني.
افعل كل ذلك مدفوعاً بآمال عراض عقدها القابعون هناك على نتائج غربتي.
فاطمة عبدالمحسن الرومي

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved