أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th February,2001 العدد:10379الطبعةالاولـي الثلاثاء 4 ,ذو الحجة 1421

الثقافية

قصة قصيرة
عفن الاحلام
القى نظرة كسيرة على العصفور المسجى.. حركه بقدمه ليجرب قسوته على الموات..
مد يده اليه.. فرشه في راحة يده اليسرى.. جعل ينتف ريشه اليابس.. يمشي وهو يعد الريش الذي ينتلفه.. يرميه بانتظام.. واحدة عن يمينه والثانية عن يساره والثالثة يقر بها من فمه وينفحها الى اعلى وهو يضحك.. هاهاها.. كلنا سنموت.. كلنا سنموت..
استقرت ريشة منتوفة من صدر العصفور في شعره الاجعد.. تحسس موقعها بسبابته.. حاول تقصي اثرها.. اخطأ الهدف.. انفتلت شعره بيضاء.. تأوه.. انني صياد فاشل.. دائما تصدق فراستك يا بكر.. قصد نبعا جارية.. غمس العصفور في مجراها.. الانسان يموت مرة واحدة.. العصافير لا تفكر في الانتحار.. هي افضل من الانسان.. الانسان يضحي بالدنيا ويخسر الآخرة.. نعم نعم.. العصافير افضل من الانسان في العيش.. آه.. الاحلام سبب عشق الانسان للموت.. لذلك فالعصافير لا تحلم لكي لا تفكر في الموت.. انها اذكى.. انها اذكى.. وهو اشقى..
بدا شكل العصفور مضحكا.. لماذا نتفت نصف ريشة وتركت النصف الآخر؟
انها مشكلة حقا.. الان كيف ينبت الريش في النصف الآخر والعصفور ميت؟
انا غبي.. اوقعت نفسي في مشكلة.. لا بأس.. لا بأس. لاعدل الا عند الله.
البشر دائما يظلمون انفسهم..
فكر ان يعدل.. نتف ريشة مبلولة ورماها في الماء الجاري.. خاف.. ارتعش.. كاد العصفور ان يسقط من يده في النبع.. اه الاعضاء تتجمع عند البعث اعضاء المحاربين.. اعضاء ضحايا الحوادث المرورية..
يوم القيامة قريب.. الحفاة العراة يتطاولون في البنيان.. نظر الى الشمس.. الحمد لله.. الحمد لله.. مازال هناك وقت.. طول الامل وهم جميل.. الموت يغتال هذا الوهم.. الموت. لا لا تقل شيئا.. لا تكفر لا تكفر.. انه حق.. نكرهه..
شخص نظره في العصفور الميت.. وثب من مجلسه..
بدأ يعدو.. لهث ككلب يجري خلف طريدة لم يطلها.. توقف حفر حفرة.. آه.. في الثرى الدود يكون اسرع.. عاود العدو من جديد.. غاصت قدماه في كثبان رملى.. آه نعم.. الدود ابطأ في التراب.... تذكر الريح.. فعمق الحفرة.. يكفى.. يكفى.. شم رائحة التراب.. انه رطب رطب.. لا فرق بينه وبين الثرى.. مشكلة الانسان ليست في العدل مشكلته في الخوف.. وعفن الاحلام سببه الخوف من عدم تحقيقه.
ناصر سالم الجاسم

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved