أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 27th February,2001 العدد:10379الطبعةالاولـي الثلاثاء 4 ,ذو الحجة 1421

الثقافية

لافتة
هذر الكُتَّاب وصمت القارئ
عبدالحفيظ الشمري
دخل المشروع الابداعي.. والادبي، والفكري فيما يبدو نفقاً معتماً سيؤدي الى هاوية القطيعة بينها وبين المتلقي.. الذي يشير اليه النقاد غالباً بأنه هو الهدف الاساسي لأي نص ادبي، او فكر نقدي..
الذي يلاحظ ان الكاتب يطرح اعماله الادبية دون ان تكون هناك ردود فعل مناسبة تحقق للعمل بعده المعرفي وتعطي للمبدع بارقة امل بالتواصل بما لديه من طروحات اخرى.. فالعلاقة فيما يبدو معطلة على هذا الصعيد، وان كان ثمة علاقة فانها ستكون تداخلاً في المفاهيم، واختلافاً في الرؤية.. وسير في الاتجاه غير الصحيح.. بل ان رؤية الضد القوي هي الغالبة.. وهي التي تقمع المبدع وتسجل تحفظها، ورفضها لما يطرحه بحجة ان هذا الكاتب او ذاك سيسجل جريمة واضحة باسم الذائقة، او مخالفة صريحة للاتجاهات التي يودونها ويغرقون بها.
فمن هذا المنطلق تبتعد المسافة بين المبدع والقارئ وتتوقف تلك المقاربات بين هم القارئ وطروحات الاديب لتصبح حياة المبدع شاقة وشائكة ليلهو القارئ بعيداً عن مواطن هذا الادب، وتلك الطروحات الابداعية.
لنجد ان هناك واحداً من الكتاب يمارس ادواره بانهزامية واضحة، وبتواصل اقل وعياً، ليصبح الامر لديه مجرد هذر يملأ به صفحات الكتب ويسد حاجة النشر النهمة في وقت يغيب فيه الطرف الآخر من هذه العلاقة خلف هذه الهالة الاستهلاكية التي تحاصره بالجديد الذي لا يحمل اي مضمون.. او يفي بالغرض الانساني المهم.. فالكاتب في عتمة وعزلة الكتابة النائية، القارئ في بريق التلقي الاستهلاكي الوافر.
الاخطر من ذلك ان الهم الادبي يعيش حالة من الاغتراب التاريخي، وهي اشكالية تطرح نفسها دائماً دون ان تجد لها من الحلول ما ينصفها ويجعلها اشد تأثراً بتلك الطروحات التي تبحث عن حل لهذه المعضلة التي يعيشها الادب بوصفه ناتجاً انسانياً يروي تفاصيل حياة البشر، ويكرس اهداف الجمال، ويفضح القبح، ويرفض الممارسات الخاطئة.
فمن هذه الادوار المهمة جداً للادب والابداع يمكن لنا ان نتلمس حجم مأزقه وعزلته واغترابه وقيام مشكلته التاريخية التي تبين حجم هذه الهوة التي تفصل بين الكاتب والقارئ.
واذا ما تتبعنا مسيرة الادب والفكر سنجده كائناً له حضوره القوي واثره الفاعل الا ان هذه المسيرة مرت بالعديد من المنغصات والمثبطات، والتحديات وعدم الفهم حتى اصبح الادب والابداع يزدهر في عصور ما، ويتراجع في عصور اخرى، ويحضر في وجدان امة، ويغيب في اخرى.. الاان تراجعه في هذا الاوان الحديث مفرط، وعميق اذ اصبح يهدد كيانه ويؤثر في وجوده وبقائه.
ويلاحظ ان البدائل تعددت.. تلك التي تزمع ان تحل محل الادب بوصفه من متطلبات الانسان لكن هذه البدائل تأخذ شكل الاستهلاك الممجوج حتى تولدت الان جملة من المعطيات الثقافية الهشة، والطروحات الادبية الهزيلة.. وعصفت في الذائقة نوائب الدهر حتى رأينا ان كل ما يكتب للمشهد الادبي لا يمت للادب بأي صلة.. رغم اصطباغة بشكليات الادب، وعمومياته.
الكتابة.. تعيش مأزقاً حقيقياً.. والكاتب يلهث وراء القارئ.. والقارئ.. يدير الاكتاف عن طرح مازل يبحث عن هويته ووجوده.. الكاتب يهذر والمتلقي يلوذ بصمت مطبق.. فيما تعلو في الارجاء حدة المطالبة بمزيد من الابداع الرخيص على شكل قصيدة منافقة وقصة مهادنة، ورواية تضخم الذات، ونثر يراد به اللهو والعبث.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved