| فنون مسرحية
* أجرى الحوار : أثير السادة
نال فريق المسرح بجامعة الملك عبدالعزيز مؤخرا جائزة المركز الأول في المهرجان المسرحي المصاحب لفعاليات مهرجان الجنادرية السادس عشر، وذلك عن عرضه الموسوم ب )اللوحة( للفنان شادي عاشور مناصفة مع عرض )الزاوية المظلمة( لفرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام الذي استحق المركز الأول مكررا.
وهذه التجربة الإخراجية الأولى لشادي عاشور كانت جديرة بحسب نتائج المهرجان بالتقدم والتفوق على 16 عرضا هو مجموعة العروض المشاركة، لتضيف الى رصيد التجربة المسرحية الجامعية نجاحا آخر، وتنبئ عن طاقة طلابية متوهجة تتطلع الى اكتشاف جماليات المسرح بشيء من البحث وكثير من الموهبة.
حديثا يبدو فريق العمل على مستوى التجربة، لم تجاوز عدد التجارب المسرحية للواحد منهم في أحسن الأحوال التجربة أو التجربتين، غير ان الطموح يبقى مجاوزا أقصى حد، محفز التقديم المزيد، كما يستشف من هذه الوقفة الحوارية التي أجريناها مع طاقم العمل، فإلى الحوار:
* انتهى المهرجان ونلتم الجائزة، فماذا بقي من لحظات الفرح تلك .. ؟
عثمان فلاتة: تلك اللحظات التي لا يمكن لأي عضو في هذا العمل ان ينساها، وهي لحظة سماعنا هذا الخبر السعيد وهو خبر حصولنا على افضل عرض مسرحي، هذا الخبر الذي غسل كل تعب ومشقة كانت وراء ذلك العمل، كل مجهود بذل كانت ثمرته هذه الجائزة، التي هي تعبير بسيط لهذا الجهد الذي تبذله الإدارة في سبيل انجاح هذا النادي العريق، نادي المسرح فالشكر لها والى الأمام.
حاتم الحربي: اعتقد انه بقي حب المسرح، حب العمل الجماعي، بقي الدافع القوي للتطلع الى أعمال مسرحية أخرى والمشاركة فيها، خصوصاً إذا كانت هذه الأعمال ستشارك في مهرجانات أيا كان نوعها.
* تقديم عرض من هذا النوع لا يخلو من مغامرة بالنظر الى حداثة الطاقم، كيف تولدت الفكرة بداية .. ؟ ألم يساوركم خوف من هشاشة التجربة، من الاشتغال على مادة لا تساير المألوف، وربما تواجه بموقف سلبي جماهيريا؟
عثمان فلاتة: العزيمة والاصرار كانا هدفينا الأساسيين والتحدي كان شعارنا في هذه التجربة، لذلك لم نفكر في شيء إلا في كيف نقوم بإنجاز هذا العمل بالشكل المطلوب وكيف نبهر به كل من يشاهده لأول مرة. لذلك تغلبنا على كل المصاعب وتجاوزنا الحواجز ونلنا بالتالي الجوائز.
حاتم الحربي: بالنسبة لي، اعتبر نفسي من أكبر المغامرين، لأن هذه المسرحية تعد البداية الحقيقية لحاتم، لا سيما وان المسرحية باللغة العربية الفصحى، ثم ان الدور الذي وضعني فيه المخرج شادي كان دورا رئيسيا.
لا أخفيك انه تملكني بعض الخوف من هذه التجربة في أول عرض لنا داخل الجامعة، ولكن الحال تغير بعد ذلك عندما أشاد الجميع بالتجربة وفيهم من أعجبته شخصية الرسم، وهذا ما أعطانا الثقة الكافية بإمكانية نجاح العرض في مهرجان الجنادرية.
* كتجربة أولى على مستوى الإخراج والتأليف، أي نزعة إبداعية مارست سلطتها على الأخرى؟
عثمان فلاتة: أحياناً تفرض الكلمة القوية نفسها على الممثل فعندما تكون الكلمة قوية ومعبرة ينفعل معها الممثل أكثر من غيرها لذلك ترى ذلك جليا في بعض لحظات العرض وهذا إن دل فإنما يدل على قوة الكاتب.
شادي عاشور: عندما قررت إخراج المسرحية بدا لي النص الذي ألفته وكأنه نص لشخص آخر حتى أنني كمخرج عمدت الى تغيير اسم المسرحية وإعدادها من جديد، لذلك طغى إبداع الاخراج على نزعة التأليف وطغت نزعة التأليف على إبداع الاخراج.
* تحول العرض في مواقع صوتا غاضبا بكثير من الانفعال، لم ينقطع عن إحساس الفنان والإنسان، عن الذات المنتجة له كخطاب، فهل تمرد النص على كل محاولات اخضاعه للمنحى البصري للعرض؟
شادي عاشور: لم يتمرد النص على محاولات اخضاعه للمنحى البصري ولكن كان هناك توازن ومعظم النص قد تحول من نص مقروء إلى نص بصري ووجداني.. بشكل حديث لم يعرض الا في مناطق قليلة في العالم وبخاصة في الدول الرائدة في المسرح.
وفعلا كان هناك صوت غاضب في بعض المواقع ولكن الحرب التي ندينها ليست بالحرب الهادئة ولكنها الحرب ذات الصوت الغاضب ولكن برؤية جديدة تفردنا بها وتميزنا بها على 16 عرضا مسرحيا في الجنادرية ومن يتابع آخر الأبحاث المسرحية الحديثة سيتبين له صدق ما عرضناه.
* الى أي مدى توفق الممثلون في تأكيد حضور جسدي واع في أدائهم؟ كيف أمكن لهم الاندماج في شخصياتهم المستعارة، وهل خطت قراءتهم نحو التركيبة الفكرية والنفسية لها؟
عثمان فلاتة: بما أنني كنت أحد المشاركين في هذا العرض تمثيلا، فشهادتي مجروحة ولكن كان اكثر شيء يشغل فكري في هذه المسرحية هو كيفية حصول كل ممثل على )كركتر( معين بحيث يظهر للمشاهد من الوهلة الألى بان هذا عالم وهذا جندي وذاك رسام، واظننا وفقنا في ذلك الى حد ما.
حاتم الحربي: يمكنني القول إن جميع الممثلين وفقوا في حضورهم الجسدي على المسرح وهذا ما أكده جميع من حضر النقاش المسرحي بعد العرض.
طبعا العمل على الشخصية والتخيل بأن الشخص هو فعلا تلك الشخصية ومتابعة المخرج هو ما دعانا الى الاندماج في شخصياتنا.
* هل يمكن القول باستقلال العرض فنيا عن مسارات الحسناوي المسرحية خصوصاً ان مناخات العرض تقرب كثيرا من تلك التي سعى الى تقديمها الحسناوي في عروضه الأخيرة.
عثمان فلاتة: أنا أجزم بأن الأستاذ الفاضل أمير الحسناوي كان له تأثير مباشر وفعال على كاتب ومخرج وممثلي هذا العمل، لأنهم جميعا تتلمذوا على يد هذا الرجل الفاضل فكانت بصماته واضحة جلية على هذا العمل، فهو بذلك نجاح للأستاذ أمير في الأول ونجاح لنا في الآخر.
حاتم الحربي: لكل إنسان أفكاره، رؤيته الفنية، احساساته. ولا أعتقد بأن المخرج استنسخ مسرحيات الأستاذ أمير. صحيح انه حضر بعض بروفات العمل وتناقشنا سويا حول بعض المسائل ولكن ثق تمام الثقة انها أفكار جديدة ومثابرة، وإذا نظرنا الى المسرح من نافذة سؤالك فسوف يلام كل عمل جديدة وينسب الى ما قبله.
* أين يكمن الجمال في موضوع كالحرب في حال التمسرح؟ هل كان ثمة سعي لتفادي الأيدلوجي في العرض إخلاصا للمسرحي، بمعنى تفكيك المقولات وإخضاعها لشروط العرض المسرحية .. ؟
عثمان فلاتة: إذا تطرقنا الى موضوع الجمال فإنه لا يوجد جمال في الحرب، وأي جمال نجده في الحرب غير الخراب والدمار وهلاك الشعوب، ولكن الجمال يكمن في )السلام( الذي كان الهدف الأساسي لهذه المسرحية التي كانت تتجلى واضحة في هذه المسرحية حيث كانت شخوص المسرحية تدين الحرب وتدعو الى السلام حتى نعيش حياة هادئة بعيدة كل البعد عن بشاعة الحرب وما ينتج عنها من دمار وهلاك.
* شخوص كثيرة يمكن ان يكون لها امتداد في موضوع الحرب، ما الدوافع وراء اختيار شخصيات العرض .. ؟
حاتم الحربي: في اعتقادي ان شخصيات المسرحية كانت هي بالذات من لها التأثير الواضح في الحرب بصفة عامة وقد اختيرت تلك الشخصيات لما فعلته من أجل الحرب، وآمالهم من التمكن ان تقوم بالعمار أو الدمار.
* حدثنا عن الاستكشافات الفردية داخل التجربة، عن أبعاد المساحة التي مارس فيها المؤدون فعل التخييل لإنشاط ادراكاتهم لجوانب الوعي واللاوعي في شخوص العرض.
عثمان فلاتة: كشفت هذه المسرحية عن قدرات عند الممثلين لم تكشف في العروض السابقة، وهذا إن دل فإنما يدل على قدرة مخرج هذا العمل في توظيف الشخصيات كما يجب، واظن ان الاشادات التي قدمها خبراء المسرح في مهرجان الجنادرية في تعليقاتهم على قدرات الممثلين الاحترافية خير دليل على ذلك.
|
|
|
|
|