|
| عزيزتـي الجزيرة
الحديث عن الهيئات ذو شجون. فهو من الأحاديث ذات الطابع الخاص، وهذا يرجع في ظني إلى أن رسالة الهيئة في المجتمع لها نكهة خاصة وذات تميز وطابع خاص، فهي تطير بجناحين متعاكسين من حيث العمل، لكن الهدف النهائي منسجم بكل تكامل، فهو دعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ووقوف بوجه الشهوة المفسدة لتماسك المجتمع فإن عمت فحدث عن الفجيعة ولا حرج، لذلك لابد من الطيران بجناحين ان يوضح للناس دين الله وأن ينهوا عن الأعمال التي ينكرها القلب والفطرة السليمة المنكر والترك هنا مفيد جدا، والمنكر هو القبيح من الأفعال والأقوال التي يمارسها البشر تأمل شرب الخمر وما هي حال شاربه وما هي الآثار المترتبة على هذا الفعل لذلك جاء الأمر بتركه واجتنابه ومثله الزنا ولكن للضعف البشري المصاحب للفطرة جاء الأمر بأن يتصدى لهذا الفعل الوقائي وهو النهي من يجد في نفسه الكفاءة التي تكفل اتساع دائرة الخير وهو المعروف وانحسار دائرة الشر وهو المنكر لكن هؤلاء العاملين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يجابهون بتعنت بعض الذين تضعف القدرة التحكيمية على رغباتهم فيعم ضررهم وقد يطول أناسا لم يقترفوا هذا الفعل مع الرفض التام له. خذ على سبيل المثال زوجة ذلك المدمن أو ولي أمر الفتاة المخدوعة وعائلتها ما هو الألم المصاحب والقصص الناتجة عن هذا المنكر الذي لم يردع في وقته مع العلم ان الفاعل للمنكر أو من وُقف في وجه رغبته وشهوته يجلس على أريكته وقد منح بسطة في اللسان وقوة البيان والخيال فيفتري ويلفق ما ليس بحقيقة أو يضخم خطأ فيجعله جبلا، لا لهدف الاصلاح بل للهدم والتشفي ليس إلا..
العملية البنائية إذا أريد لها النجاح في أي قطاع يجب توفر عدة عوامل ليكون النجاح في دائرة المضمون، فتشابك الأيدي مع صفاء نية وقصد صالح وتقبل النقد بصدر رحب مع ايجاد العذر للمجتهد إذا أخطأ وتوفير الامكانات المساعدة التي يحتاجها المرفق ليؤدي دوره على مسرح العملية التنموية يحوز على رضا الجماهير المتلقية لرسالته مع عدم تصيد وتضخيم الهفوات الى لا تقاس بكمية ونوعية المنتج النافع الذي يلمسه كل منصف.
سبب هذه المقدمة ان بعض وسائل الإعلام المحلية نقلت ان مجلس الشورى قد بحث في خطوة غير مسبوقة القضايا التي تم رصدها في وقوعات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلال الفترة الماضية بين العام الماضي وتم احالة بعضها الى جهات ذات علاقة بالدراسة والتحليل لايجاد الحلول المناسبة لها وهذا ما كنا نأمله لأن له نتائج ايجابية يعم نفعها اركان المجتمع.
لذا أحببت أن أساهم في هذه المساحة المتاحة في العملية البنائية خاصة فيما يتعلق في العملية البنائية من ناحية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لعل بعض الفقرات المتواضعة التي أذكرها تساهم في إنتاجية تحد من اتساع دائرة المنكر الذي يشرخ جدار الأمن ان ترك.
فالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز رسمي له كيانه وله رسالته العظيمة التي تجعل له وعليه رسالة عظيمة فالهيئة إحدى الركائز التي تحمي بعد الله جدار الأمن وتدافع عنه وهو مطلب ضروري بل حيوي لكل بلد، فلا يقوم البناء الحضاري إلا بتوفر وازدهار الأمن الذي يبدأ أولا من داخل النفس، فالذي يبيح لنفسه ان يمارس المنكر ثم يخرج إلى الإطار الخارجي سيفتتح ثغرة في جدار الأمن وتكون هذه الثغرة مثل حلقات السلسلة تزيد اذا تركت وتنقص إذا حسمت إذا ما هي الأدوات والامكانات الي تحتاجها الهيئة، حيث اننا نطالب الهيئة ان تؤدي مسؤوليتها بتكاملية فحري بنا ان نقف على بعض الاحتياجات الملحة ومنها:
1 الوسيلة الناقلة للرسالة والمهمة والتي تجعل التأدية تأتي بصورة اكثر وضوحا ونفعا وهي السارة، فالهيئة لديها شح من ناحية السيارات، وأغلب السيارات ذات موديلات قديمة وعددها قليل، حتى ان بعض المراكز لديه سيارة واحدة أو اثنتان وهما معرضتان للعطل، فيقف شريان الحيوية في المركز إذا توقفت السيارة.
2 الهيئة تحتاج الى زيادة الامكانات البشرية المؤهلة فهناك شح في بعض المراكز من ناحية الفريق الذي يعمل فأحيانا لا يوجد في الفترة الواحدة إلا عدد ) 23( لتغطية منطقة شاسعة يعرفها ذوو الاختصاص في الهيئة وقد تكون هذه المنطقة ذات كثافة وتركيبة سكانية متباينة ويرد الى المراكز بلاغات مختلفة لسلوكيات كفيلة بزعزعة الأمن إذا تركت قد لمسها السادة أعضاء مجلس الشورى ومن اطلع على التقرير.
3 المباني والمقرات، فالمباني المملوكة قليلة جدا بالنسبة لعدد الفروع والمراكز المنتشرة في طول وعرض المملكة فهي تحتاج الى مباني ذات مواصفات واستقلالية معينة، توازي حجم الرسالة المطلوبة والمؤملة.
4 وسائل الاتصال من أهم العناصر التي تجعل السيطرة على المساحات الشاسعة ليقوم جدار الأمن فأحيانا يرتكب جريمة حسب نوعها وقد يفلت مرتكبوها من السيطرة بسبب عدم سرعة الوصول للمكان في الوقت المطلوب، وأحيانا العكس فبسرعته المباغته الناتج عن الاتصال يكون احد الركائز الهامة في منع وقوع الجريمة التي تشرخ جدار الأمن فالهيئة في الوقت الراهن بأمس الحاجة الى شبكة الاتصالات اللاسلكية اسوة ببعض القطاعات الفاعلة ذات العلاقة في حفظ الأمن وكذا بعض القطاعات الأخرى من البلديات والصرف الصحي والمياه.
5 الحوافز التشجيعية المرغبة لانضمام ذوي القدرات الفاعلة للهيئة من أجل ان تحصل على النتائج المؤملة وهو انحسار دوائر المنكر التي تقلق الجميع، وعمل الهيئة يعتبر من الأعمال الشاقة في الميدان ويقابل العامل بالهيئة خلال تأدية الرسالة أصنافا متعددة من الناس ذوي تباين مريع في التفكير والثقافة المعرفية والسلوك وهذا بالطبع له نتائج متبعة جداً، ويوجد في بعض القطاعات بدلات تسمى بدل مقابلة جمهور، مثل بعض قطاعات الأمن العام، والشؤون الاجتماعية وبعض قطاعات الصحة فيما أعلم ولك ان تتخيل شخصا يحال بينه وبين ما يشتهي وهو ذو عقلية غائبة عن الوعي ما هي درة فعله على من سيقف في وجهه ولا يفت عن بالك ذلك البطل من مكافحة المخدرات الذي دفع حياته، لأنه وقف في وجه ذلك الذي أراد ان يروج المخدرات داخل البلاد حرسها الله من كل سوء فنسأل الله له الرحمة والمغفرة والحوادث في هذا الصدد لا تخفى.
إذاً أفراد الهيئة بحاجة الى زيادة هذا الحافز التشجيعي مع ملاحظة انهم قد يعملون اكثر من الساعات المقررة فالمنكر ليس له زمان أو مكان.
6 التدريب وصقل القدرات ومنح الصلاحيات يعطي نتائج رائعة جدا، فالهيئة بحاجة الى زيادة المساحة التدريبية لافرادها من الناحية الأكاديمية والمعرفية، مع العلم انه يوجد دورات إلا أنها تحتاج الى زيادة وشمولية مركزة تكون ذات طابع عملي ميداني فمعظم الدورات التي تقام يغلب عليها الطابع النظري.
ثم بعد ذلك تزاد مساحة الصلاحيات الممنوحة لأفراد الهيئة لتكون النتائج ايجابية فتنحسر رقعة المنكر المخل بجدار الأمن.
ثم أني هنا اطرح فكرة، ماذا لو تم تأسيس معهد خاص تقيمه الرئاسة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتدريب العاملين والجدد، مثل بعض المعاهد في بعض القطاعات ذات السمة الشخصية للمرفق نفسه فهذا المعهد سيوفر كوادر مدربة ومحصنة بالعلم الشرعي مع المقدرة على تجسيد هذا العلم على أرض الواقع فيما يتعلق بالتعامل مع الآخرين على اختلافهم في المجتمع.
أخيرا هذه نقاط رأيت من الواجب المساهمة في عرضها فالمسؤولية مشتركة على الجميع فأمن هذا البلد مسؤولية كل فرد فيه كل حسب موقعه ولا يغب عن بالك حديث )أصحاب السفينة( الذي رواه البخاري والله من وراء القصد.
وتحية للأخوة في جريدة الجزيرة لاتاحتهم هذه الفرصة.
والسلام ختام.
عبدالله العيادة
بريدة
|
|
|
|
|
