| متابعة
في زمن يتسابق فيه معظم البشر نحو الاستثمارات، وتنمية الثروات، والاقتصاد والأفكار المبدعة في هذه المجالات، حتى أن الاستثمار تحول لفن من فنون الجذب والاستقطاب، وأحياناً خرج من نطاق المألوف والمشروع ليصبح غير مقبول، ولكنه الجشع نحو الثروة وعالم الشهرة.
في بلادنا والحمد لله لا تزال الأمور غير ذلك، إنها بألف خير والحمد لله، والاستثمار لدينا يهدف لهدفين: أولهما: رضا الله سبحانه وتعالى والعمل بما يرتضيه لنا الخالق عز وجل، والثاني تحقيق السعادة والرفاهية للبشر وفق منظور الهدف الأول، وهكذا تكامل الهدفان لتحقيق سعادة الدارين بإذن الله.
لا تزال ديارنا بكراً بمعنى اشتمالها واحتوائها على منافع دفينة للثروات، ومكامن لم تستثمر بعد، وإمكانيات هائلة، وخيرات وفيرة، وكلها بحاجة لبعض الجهد والتفكير لنجد أنفسنا أمام استثمارات رائعة، تحقق ما نصبوا إليه ونطمع إليها.
وفي مقالة سابقة تناولت أهمية وقف قلعة جياد الذي قرره خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود متعه الله بالصحة والعافية ، وبأن الوقف مخصص للحرم المكي الشريف، وبلا شك أن لهذا أهمية كبرى في دعم الوقف الإسلامي عموماً، ووقف الحرم المكي الشريف خصوصاً، وأن هذا يصب ضمن توجيهات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وحكومتهما الرشيدة، والمجتمع المبارك لخدمة هذا الدين الحنيف، وهذه الأمة المجيدة.
إن للأمر وجهاً آخر، ألا وهو الوجه الاستثماري الناصع البياض، وهو وجه مشروع وحلال بإذن الله ، وبحاجة لأفكار مبدعة بدأ يظهر بعضها على السطح، وكلها ستحيل تلك البقعة إلى منابع للخيرات، يعم خيرها الحرم الشريف وما حوله، ويصل لكل أرجاء هذه الديار، وينعم به إخواننا المسلمون في كل مكان، فالحرم هو مكان التجمع الإسلامي السنوي المبارك بأكبر مؤتمر تشهده البشرية، ألا وهو الحج الركن الخامس من أركان الإسلام.
الاستثمار وفق ضوابط الشرع ومنظور الإسلام، وهذا ما تم العمل به أيضاً بروح الابداع الاقتصادي والفكري والتنموي، وبالشكل المدروس والمخطط والمنظم، وهذا لا ينقصنا، وقد أثبتت استثماراتنا جدواها وقدرتها على المنافسة والصمود والتفوق على المستوى العالمي، وبجدارة قل مثيلها.
نحن الآن بحاجة لتوجيه ذلك نحو الداخل، وخصوصاً نحو أمثال هذه المرافق البالغة الأثر في حياتنا نحن، وحياة الأمة ككل.
إن تطوير البنيان الاجتماعي والاقتصادي للأمة مطلب وضرورة ملحة، وهذا يبرهن أيضاً أن المسلم قوي بنفسه وبلده وأمته، وإنه ابن عصره، وقادر على أن يأتي بالجديد دوماً، وبشكل يفيد البشرية جمعاء، وخصوصاً في هذا العصر الذي يتم فيه نعتنا بكل الصفات غير الجيدة، وبميزات الكسل والخمول وغير ذلك، لقد أخذ بعض العالم صورة سلبية عنا، ويحتاج العمل لإزالتها لجهد جهيد وفعل كبير على كل الأصعدة الثقافية والاجتماعية والفكرية والحياتية، وأيضاً الاقتصادية والاستثمارية.
لقد تفاءلنا بمشروع قلعة جياد، وتفاءل المسلمون جميعاً، والتفاؤل في مكانه وموضعه، وإنني لأراها درة من درر مكة المكرمة، وجوهرة يسطع خيرها في كل الأرجاء، والأيام ستخبرنا بأنجح استثمار، والله ولي التوفيق.
alomari1420@yahoo.com
|
|
|
|
|