| مقـالات
كنت في فترة لم تكن بعيدة أتذمر كثيراً من حصار الأفلام التلفزيونية العربية المكررة التي تملأ كل فضاءات البث التلفزيوني العربي وتتعداه إلى مساحات لا بأس بها من المدار الكوني فكلما تناولت جهاز الانتقاء الآلي الالكتروني «ريموت كونترول» لأعيش هنيهات من السعادة والبهجة مع مادة تغسل عناء العمل بمرح مباح أو تقرير اخباري يعرض مستجدات مصائب الدنيا وهي تقارير في الغالب لا تجلب السعادة ولكن لاشباع الفضول أو البحث عن شيء من المعرفة .. هنالك نقع في مأزق ونحاصر بغثاء من المسلسلات والدراما وما يسمى الكوميديا تعسفاً وهي لا تنتمي لهذا المعنى ونحاول القفز والركض والتنطيط أحياناً والتفحيط إن أردتم معشر الشباب بين محطات وقنوات الفضاء دون فكاك من ورطة وشباك الهلس المتلفز ثم نقتنع من الغنيمة بالإياب ونلجأ إلى الأعمال الكرتونية بادعاء الديموقراطية الأسرية مع الأطفال خاصة لمنحهم فترة من المتعة مع عشقهم للرسوم المتحركة وفي داخلنا رغبة اكثر من طفولتهم المتشوقة للمشاهدة وإن اجتهدنا لإخفائها واظهار عدم الاكتراث الى ان وقعنا مؤخراً بحصار جديد ومختلف وتصعب مقاومته ليس حباً له وإعجاباً به بل نزولاً عند رغبة الصغار والصغار جداً ممن تبدأ أعمارهم من سن أم العيال فما تحت قليلاً تسلسلاً بأكبر العيال نزولاً لأننا لو صعدنا تدرجاً لوقعت في دائرة الاتهام بحب المدعو «بوكيمون» الذي أفسد ذائقة الصغير قبل الكبير وان سلمنا تجاوزاً بأن الذائقة لا خوف عليها بحكم قدرتنا على التكيف السريع مع طبيعتنا وتقاليدنا فإن المفاهيم وخزائن المعلومات قد تأثرت بنسبة مقلقة خاصة لدى أولئك الصبية الصغار ممن يصدقون في غياب الرقيب أو الموجه من ولي أمر أو من يقوم مقامه من الأخوة والأقارب بكل ادعاءات بوكيمون الخارقة وانشطته العجيبة وقدراته الاسطورية المبهرة الجاذبة الخادعة للعقول الغضة الصغيرة محدودة الادراك المعجبة بممارسات البطل بوكيمون التي تتناقض وتتعارض مع الإيمان بانفراد المبدع الخالق سبحانه بهذه القدرات دون غيره.. والذي يزيد الحصار البوكيموني الجديد لذوقنا ولعقول انجالنا كون الفضائيات تتابع عرض حلقاته في اوقات مختلفة لدرجة ان الطفل يستطيع ادراك ومتابعة حلقة فاتته في محطة اخرى لازالت تبثها ويمكنه ايضا مشاهدتها معادة في محطة ثانية ويتابع الحلقة الجديدة في محطة ثالثة وهكذا فان عقل الطفل ينفخ كالبلون بادعاءات واكاذيب البوكيمون بينما تنتفخ بطن الطفل برقائق البطاطس والمشروبات الغازية المصحوبة بصور واغراءات وملصقات ولعب البوكيمون نفسه والتي سلم من هذا الغازي الجديد ولابطون الفلذات ودماؤهم سلمت من تبعاته واغراءاته فاذا عطب العقل والبدن ماذا يبقى لنا من اطفالنا وما نرجو منهم لمستقبلهم ومستقبل المجتمع والامة، قد يقول احدنا انهم في بلاد اخرى كثيرة يشاهدون ذلك ولكن الدين والمفاهيم والثقافة تحكم المسألة، أنا كبدت البوكيمون تكاليف جهاز تلفزيون آخر وفرت ثمنه من قيمة شراء البطاطس والحلويات والعلك البوكيموني لانفرد بالمشاهدة بعيداً عن سيطرته ولأعفي اطفالي من سموم تلك الوجبات السخيفة ،ويسمونها الخفيفة، وهذا جزء من الحل فأنا لا أصنع المعجزات فلست بوكيمون ..!
|
|
|
|
|