| العالم اليوم
عرف عن جنرال الإرهاب ارئيل شارون سواء في حياته العسكرية أو السياسية شيئان، المغامرة الحمقاء والاصرار المصاحب للاندفاع.
هذان العنصران اللذان رافقا حياة شارون يحاول الآن تطبيقهما في محاولة تشكيل ما يسمى بحكومة وحدة في الكيان الاسرائيلي.
فالجنرال شارون يحاول أن ينجز طبخة متناقضة متعددة النكهات في قدر واحد. يريد أن يجمع الارهابيين وهو ممثلهم بما يسمى بأنصار السلام الاسرائيلي، المتطرفين والمتشددين بما يطلق عليهم في الكياه الصهيوني ب«الحمائم».
يريد أن يجمع أقصى اليمين بأقصى اليسار، وأن يجلس التوراتيون المتدينين المتشددون مع العلمانيين اليساريين، وأن يتجاور ممثلو المستوطنين بالمنادين بتفكيك المستوطنات.
طبخة وزارية غريبة حتى كتّاب الزوايا السياسية في الكيان الاسرائيلي استغربوا إصرار شارون على تشكيل حكومة كهذه لن تجد تناسقاً ولا تفاهما حتى في العلاقات الشخصية، فحزب العمل الممثل ليسار الوسط الاسرائيلي والذي يضم في صفوفه شيمون بيريز ويوسي بيلين وشلومو بن عامي الذين يقولون عنهم إنهم من أنصار السلام يفترض أن يكونوا أعضاء في الحكومة الائتلافية أو داعمين لها في الكنيست رغم أنها تضم بالإضافة إلى وزراء الليكود، وزراء آخرين من أحزاب «إسرائيل بيتنا» ممثلي المستوطنين من المهاجرين الروس والذي يرأسه افيغدور ليبرمان والجنرال رحيعام زئيفي المطالب ب«طرد الفلسطينيين» من الضفة الغربية وقطاع غزة.
عموماً التناقض وجمع الحار والبارد في إناء واحد لا يجد استغراباً وتعارضاً في مقالات كتّاب الصحف الاسرائيلية، ففي داخل الأحزاب الاسرائيلية حركة احتجاج مقابل تحركات اغراء وعروض.
ففي حزب العمل بلغ السباق للحصول على حقائب وزارية في حكومة شارون ذروته بين مناصري ومعارضي تشكيل حكومة وحدة وطنية مع اليمين. ويواصل مسؤولو حزب العمل مباحثاتهم حول إجراء تسمية 7 وزراء و4 نواب وزراء للحقائب التي يمكن أن يحصلوا عليها وسيتخذ القرار النهائي خلال اجتماع اللجنة المركزية للحزب بعد غدٍ الاثنين.
لكن المعارضين لحكومة الوحدة ولاسيما «الحمائم» من الحزب بدؤوا تنظيم صفوفهم قبل اجتماع اللجنة المركزية. فوزير العدل في حكومة باراك، يوسي بيلين ووزير الخارجية شلومو بن عامي ووزيرة الاستيعاب يولي تامير ورئيس الكتلة البرلمانية للعماليين عوفير بينس والنائبتان يائيل دايان، ابنة الجنرال موشي دايان، وكوليت افيتال دعوا خلال اجتماع عقدوه يوم الخميس في تل أبيب إلى تجمع لمناصريهم داخل اللجنة المركزية للحزب غداً.
من جهته رفع معسكر العماليين المؤيدين لحكومة الوحدة الذي يتولى المفاوضات مع الليكود آخر العقبات أمام تشكيل الحكومة من خلال سحب اعتراضه على مشاركة اثنين من أحزاب اليمين المتطرف في الحكومة. ووافق العماليون على المشاركة في حكومة إلى جانب حزب اسرائيل بيتنا )أربعة نواب( بزعامة افيغدور ليبرلمان والاتحاد القومي )أربعة نواب( بزعامة رحبعام زئيفي الذين ينوي شارون ضمهما إلى حكومته. وهذان المتشددان يعدان الأكثر سوءاً في الأوساط السياسية الإسرائيلية، فبالإضافة إلى عنصريتهما وحقدهما على الفلسطينيين والعرب عموماً إثارتهم للمشاكل السياسية بتصريحاتهما المثيرة للقرف، فمرة يدعوان إلى طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، ومرة إلى تدمير السد العالي وقصف طهران وقصف بيروت، ولهذا وبعد تأكيد مشاركتهما في حكومة وحدة شارون، وقبول بعض أعضاء حزب العمل المشاركة رغم وجودهما فيها، فإن التوقع الذي يزداد داخل الكيان الصهيوني انشقاق حزب العمل ، إذا ما تمت صفقة شارون مع الراغبين في إغراء المنصب الوزاري، وهذا ما يريده شارون بالضبط من حكومة وحدته مع الارهابيين من شاكلته.
|
|
|
|
|