| تغطية خاصة
هناك أمم عاشت وبادت في عصور سحيقة ومتتابعة جيلاً بعد جيل وأمة بعد أمة ، ، وهذه سنة الله في هذا الكون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولتلك الأمم الغابرة طقوسها الدينية، وأعرافها الاجتماعية، وأفكارها وعقائدها الخاصة بها ولا نستطيع أن نتعرف على تلك الأفكار والمعتقدات إلا من خلال البحث والتقصي لما بقى من آثار تلك الأمم، لذلك فإننا نرى في عصرنا الحاضر عصر الثورة العلمية وجود أقسام متخصصة بعلوم الآثار ، سواء في الجامعات أو بعض الوزارات أو الإدارات التي تُعني بأمور الآثار، وما ذاك إلا لأهمية التعرف على أنماط وسلوك حياة تلك الأمم،
ومدينة جبة أحد الشواهد الشامخة على تعاقب الأجيال على هذه الأرض
حيث تحتضن جبالها الشامخة الشماء صفحات ناصعة عن تاريخ رجال ما قبل التاريخ، أفكارهم وعقائدهم وزمنهم الذي عاشوا فيه، والصعوبات التي واجهوها والمعارك التي خاضوها ، ، ، إلخ، ورغم صعوبة موقعها الجغرافي إلا أنها حظيت باهتمام الباحثين والرحالة الأجانب قديماً حيث أنها تقع في وسط رمال عالج عند خطيّ 5640 شرقاً 0228 شمالاً ، في اتجاه الشمال الغربي من مدينة حائل ، وعلى بعد 103 كيلو مترات، كما أنها تقع على طريق القوافل القديم بين منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وهضبة نجد في المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية، ومن أبرز الذين زاروا المدينة قديماً وكتبوا عن آثارها وأطلالها المستشرق الفنلندي جورج أوغست فالين في كتابه -صور من شبة جزيرة العرب- وكذلك المستشرقة الليدي آن بلنت حيث قالت في كتابها الشهير -رحلة إلى بلاد نجد-: -جبة: من أغرب الأماكن في العالم، ومن أجملها كما أعتقد إلى أن قالت وهنالك من الدلائل ما يشير إلى أنها كانت بحيرة، فهناك علامات مائية واضحة على الصخور التي برزت من قرارة فوق المدينة مباشرة-،
وتحظى مدينة جبة في العصر السعودي الزاهر باهتمام بالغ من الباحثين والخبراء والمهتمين بشئون الآثار،
فلا يكاد يمر زمن يسير حتى نرى كبار الزائرين لهذه المدينة من سفراء وعلماء يجوبون شوارع هذه المدينة العريقة متنقلين بين آثارها المتنوعة، كان آخرها زيارة الأستاذ الدكتور/ سعد بن عبد العزيز الراشد وكيل وزارة المعارف للآثار والمتاحف في شهر شعبان من هذا العام 1421ه، والذي أفاد بأن آثار مدينة جبه تعتبر من أولويات الوزارة في عمليات المسح والاهتمام،
وتعتبر مدينة جبة من أهم المواقع الأثرية بالمملكة، بل إنها تعتبر أكبر موقع للنقوش الثمودية بالمملكة اكتشف حتى الآن حيث أظهرت نتائج المسح الذي قامت به الإدارة العامة للآثار بوزارة المعارف في عام 1406ه، أظهرت غزارة وكثرة تلك النقوش والكتابات الموجودة، فقد بلغ عدد النقوش الثمودية حوالي -5431- نقشاً، وعدد رسوم حيوانات مختلفة بلغ -1944- رسم، ورسوم الجمال بلغ -1378- رسم ، والرسوم الآدمية وغيرها بلغ -262-، هذا رغم عدم شمولية ذلك المسح حيث ترّكز المسح على ُجزء من جبل -أم سنمان- ولو تم مسح جميع جبال المدينة لتضاعف العدد مرات عديدة،
-ويمتاز فن جبة باحتوائه على رسوم حيوانية وبشرية ضخمة بالحجم الكامل تقريباً، وهذه الرسوم البشرية بالحجم الكامل ونقوش المواشى المنفذة إما بطريقة نحت الأجزاء المحيطة بالشكل لإبرازه أو بطريقة النقر العميق الواسع ونحت الصخر بالأزميل ويبدو كما لو أن الفنانين كانوا يريدون أن يعطوا أعمالهم الفنية ديمومة، فبعد آلاف السنين وفي ظروف قاسية وصعبة مازالت هذه الأعمال قائمة في حالة ممتارة-،
وقد قدّم الرحالة الدليل على وجود أربع مراحل من الاستيطان البشرى بهذه المدينة وهي:
1 مرحلة العصر الحجري الوسيط -000، 80 سنة-،
2 المرحلة التي شهدت نهاية العصر الحجري الحديث وبداية العصر النحاسي -7000 5000 ق م- وقد تم توثيق اثنى عشر موقعاً أثرياً تعود للعصر الحجرى الحديث / العصر الحجري النحاسى في جبة -انظر د ، مجيد خان الرسوم الصخرية لما قبل التاريخ في شمال المملكة العربية السعودية ص 115-،
3 مرحلة الثموديين والعرب -2500 سنة-،
4 وكذلك احتمال وجود فترتين أو ثلاث فترات زمنية شاع فيها وجود البحيرات، انظر -أندرو جارارد: أحوال البيئة والإستيطان مجلة أطلال العدد الخامس -1401ه 1981م ص 107-،
فهذه إشارات عابرة عن آثار هذه المدينة العريقة، أوجزناها لضيق المكان ومن أراد المزيد فليراجع ما قدم من بحوث وكتابات مذهلة حول آثار هذه المدينة الغالية ، ، والله الموفق،،
سعود بن دبيان الويلح الشمري
|
|
|
|
|